* إقامة مهرجان للفولكلور الشعبي في مدينة دمنهور هو حدث هام وسط الأجواء الملبدة التي تعيشها البلاد.. وهو أشبه بغريق يتعلق بطوق النجاة.. وأن الثقافة مهما تعرضت لموجات الغضب إلا أنها تبقي وتعيش وتسبح فوق السطح حتي ولو كانت ضد التيار.. وفكرة اقامة مهرجان للفولكلور ليس بجديد.. ولكن الجديد أن يصبح المهرجان دولياً تشارك به عدة فرق غير مصرية.. وان كانت اقيمت مثل تلك المهرجانات من قبل الا انها كانت مهرجانات اقليمية لدول حوض البحر الاحمر.. أو لدول حوض النيل.. وفي المهرجان الوليد امتدت المشاركة لفرق من قاراتي أسيا وأوروبا!! * محمد ظريف مدير مهرجان الفولكلور وصاحب فكرة اقامته.. هو أحد الشباب الذي تولي مؤخرا منصب مدير أوبرا دمنهور.. وهو يحمل افكارا لتطوير المكان وجعل أوبرا دمنهور منارة ثقافية في تلك المنطقة المشتاقة للثقافة بأنواعها.. بدليل التواجد اليومي من جمهور محافظة البحيرة لحفلات المهرجان الفولكلوري.. وهو ما لمسته د. ايناس عبدالدايم رئيس الاوبرا من أهمية اقامة مهرجان بتلك النوعية فوافقت علي إقامته بدون تردد!! * اعتقد أن دولة اليونان لم تهتم كثيرا بالمهرجان الوليد فأرسلت فرقة هاوية قوامها نساء يتراوح اعمارهن ما بين 50و70 عاما.. ولاشك انهم قدموا فولكلورهم بكل أمانة.. ولكن الفرقة فقيرة في تراثها بالاضافة لعنصر السن.. وهو ما شعر به اعضاء الفرقة عندما شاهدت العرض القوي لفرقة رضا للفنون الشعبية.. وأيضا فرقة فرسان الشرق أحدث فرقة للفولكلور في مصر داخل جدران الأوبرا حتي أنهم طلبوا الاستعانة بمدربي الفرقة المصرية للنهوض برقصاتهم وتابلوهاتهم اليونانية!! * أطرف لقطة في مهرجان الفولكلور الشعبي عندما تبادل الهدايا بين رئيس الاوبرا وقائد فرقة استافاكوس اليونانية عندما فوجئت د. إيناس عبدالدايم بأن داخل حقيبة الهدايا الرمزية "مقشة" من أعواد الأرز والتي كانت منتشرة في مصر.. واختفت تدريجيا فقامت بتلقائية باخراجها من الحقيبة ليفاجأ بها الجمهور ويدخل في نوبة ضحك والقاء النكات والتعليقات المثيرة!! * أعجبني فريق العمل الذي جند لخدمة المهرجان خاصة فتيات الأوبرا.. واللاتي تم الاستعانة بهن من مركز الابداع الفني المجاور لمبني أوبرا دمنهور.. فحسن الاستقبال للضيوف وابتسامة الترحيب والتنظيم في الجلوس بمقاعد المسرح.. ومحاولة تذليل العقبات الصغيرة التي تخرج فجأة اثناء الفعاليات يؤكد ان هؤلاء يحملن ثقافة عالية ويتحملن المسئولية برغم صغر أعمارهن.. وأن هناك توجيها إيجابياً منضبطاً يحافظ علي الشكل العام للمكان والمهرجان مما يترك أثرا علي المتلقي من جمهور الحضور!! * نقطة إيجابية لفتت نظري في مهرجان الفولكلور بأنه أزال الحاجز النفسي من المواطنين أبناء محافظة البحيرة للدخول داخل أوبرا دمنهور خاصة بعدما عرفوا أن حفلات المهرجان مجانية وأبواب المسرح مفتوحة للجمهور بلا تمييز... وبالمقابل فهناك سلبية أيضا بعدم وجود أي دعاية عن المهرجان بدار أوبرا الاسكندرية والذي خصص يوما.. لاقامة فعالياته بالثغر مما كان له اثر سلبي في حضور الجالية اليونانية فقط حفل الفرقة اليونانية.. وفي محاولة لرأب الصدع ارسلت ادارة الأوبرا لجمعيات اليتامي لحضور اطفالهم حفل فرقة رضا مما اضفي السعادة والبهجة لهؤلاء المحرومين من دفء الأسرة!! *** رحيل الزميل محمد عيداروس.. وهو في مقتبل شبابه وعمره ترك أثرا في نفوسنا جميعا جعلنا نشعر بأن الحياة لا قيمة لها عندما تخدعنا بالتخلي عن زميل كان صديقا وأخا للجميع.. عيداروس كان نبتة طيبة لكاتب كبير ولكن الأعمار أطاحت بأحلامه.. وبأمنية كنا ننتظرها.. رحمه الله فقد كان مهذبا وصاحب اخلاق عالية.. وكان صوته خفيضا حتي في لحظات غضبه وألمه عندما منع قلمه من الكتابة الصحفية لفترة ما وهي روح الصحفي ذو البصيرة والقدرة علي كتابة الواقع المعاش.. رحمك الله ياعيداروس وأعان زوجتك في تربية زهورك وفتياتك الخمس!!