رغم ان الهند حققت طفرة اقتصادية وصنعت لنفسها مكانة في عالم الكبار إلا ان الخبراء أكدوا ان هذا النجاح تحيطه الأخطار سواء كانت طبيعية أم بشرية صنعتها يد الانسان. فالهند من أكثر الدول تكدسا بالسكان وفي نفس الوقت تعاني من قلة الموارد الطبيعية وذلك سيترك أثرا لا محالة علي أمنها إلي جانب ذلك تواجه شبه الجزيرة الهندية ارتفاعا في منسوب مياه البحر وفيضانات ساحلية بانتظام ويزيد الخطر مع وجود مناطق ساحلية غنية بالأرض الزراعية مهددة بالغرق بسبب الذوبان الجليدي. وتضم الهند نحو 20% من سكان العالم وبها نحو 4% من المياه علي كوكب الأرض ويعاني حوالي 25% من الهنود أي 250 مليون شخص من عدم حصولهم علي مياه نظيفة ولذلك فإن استهلاك المياه في الهند كبير بحيث ان المستخدمين يستنزفون موارد المياه الجوفية مما أدي إلي انخفاض مستوياتها وكانت المياه المتوفرة تنهمر لأكثر من 21 ألف متر مكعب للفرد في الستينيات من القرن الماضي في جنوب شرق آسيا لكن هذه الكمية انخفضت بشكل كبير ووفقا لبعض التقديرات فإن بعض المساحات قد يصبح نصيب الفرد من المياه فيها أقل من ألف متر مكعب بحلول عام 2050 وهذا سيؤثر علي الأمن الغذائي والصحة وحياة البشر نظرا لأن الزراعة والصيد هما قطاعان سائدان هناك. وما زاد الأمر سوءا هو السد الذي بنته الصين علي أنهار هضبة التبت بما في ذلك نهر براهمابوترا والذي بدوره يؤثر علي حجم المياه التي تتدفق إلي الضفاف المنخفضة في الهند ما قد يخلق صراعات ومشكلات علي المياه في المستقبل وتعاني الهند أيضا من مشكلات ناتجة عن التغير المناخي حيث ساءت علاقات الهند مع بنجلاديش بسبب الاختلاف علي مشاركة المياه الحدودية والتي أصبحت نادرة نظرا لارتفاع درجة الحرارة فتعرض بنجلاديش للتغير المناخي سيسبب فيضانات وخسارة زراعية في العقود القادمة وهذا قد يؤدي إلي تدفق الملايين من اللاجئين المزارعين عبر الحدود إلي شمال شرقي الهند بل ان بعضا من أعمال العنف في هذه المنطقة يتزعمها مهاجرون من بنجلاديش. بالإضافة إلي ذلك فإن مصادر الطاقة آخذة في النقصان في جنوب آسيا حيث لا تصل الكهرباء لملايين الأشخاص في جنوب آسيا ومن ضمنهم 400 مليون في الهند وحدها لدرجة ان البنك العالمي صنف شبكة الكهرباء هناك بأنها الأسوأ في العالم ومع النمو الاقتصادي للهند ارتفعت طلباتها بشكل كبير ويقدر ان الهند ستصبح ثالث أكبر مستهلك للطاقة بحلول 2030 إلا ان الدولة تكافح لتلبية احتياجاتها وهو ما أوضحه بشكل كبير انقطاع الطاقة الهائل في صيف عام .2012 ومما يزيد من تعقيد قضية الطاقة في الهند هو تمرد الماويين ضد الحكومة فهذا التمرد ينتشر في أكثر من ثلثي الولايات الهندية وتقع معاقله شرقي الهند ووسطها وهي مواقع تضم الاحتياطات الكبري للدولة من الفحم والذي تعتمد عليه الهند كمصدر هام للطاقة وهو ما يستغله المتمردون بشكل كبير كورقة ضغط علي الحكومة. فالبواعث الأساسية للتمرد مرتبطة بالقيود علي الموارد الطبيعية ومع التنقيب المكثف عن الموارد والفحم بشكل أساسي فإن هذه الموارد غالبا لا تصل إلي المجتمعات المحلية وهذا الأمر يؤدي إلي اشعال غضب القرويين الفقراء وهؤلاء يستغلهم الماويون لتجنيدهم لحسابهم. ولا تقتصر مشكلات الهند مع الطاقة علي الصعيد الداخلي فحسب فمع الطلب المتزايد علي الطاقة قامت الهند بزيادة مشروعات الطاقة المائية علي الأنهار الغربية بحوض الهند وهذه المياه مخصصة لباكستان بموجب معاهدة مياه نهر السند علي الرغم انه يجوز للهند استخدامها لبناء سدود ومشروعات طاقة مائية أخري إلا ان جماعة عسكر طيبة الباكستانية والمعادية للهند هددت بشن هجمات علي الهند بزعم انها تسرق المياه الباكستانية. كيف اذن يمكن للهند تخفيف حدة التهديد الذي تشكله هذه العوامل علي استقرارها؟.. إلي حد ما تقف الهند مكتوفة الأيدي. فالتغير المناخي لا يمكن التحكم فيه بشكل كبير ولذلك فالهند عليها تحسين إدارة الموارد وتطوير سياسات تراعي الحفاظ عليها كالحفاظ علي البنية التحتية المائية بشكل أفضل حيث ان 40% من المياه في أغلب المدن الهندية تهدر عبر نقلها من مكان لآخر لكن مثل هذه الاجراءات لن تقضي علي المخاوف الأمنية الهندية إلا انها ستجعلها أكثر قابلية للإدارة.