هجمة شرسة ومطاردات قضائية ولفظية تعرض لها العديد من الإعلاميين والقنوات الفضائية الأسابيع القليلة الماضية. فبعد ثورة طالبت - كهدف رئيسي - بحرية الفكر والرأي والتعبير. واجه البعض من أساليب التضييق والاحكام علي الآراء بصورة مباشرة من خلال محاصرة مدينة الانتاج الإعلامي كنوع من انواع الاعتراض علي سياسات بعض القنوات الفضائية.. او التظاهر بل واقتحام مقرات بعض الصحف.. او افتعال الازمات ورفع الدعاوي القضائية كنوع من انواع الضغط غير المباشر علي البعض.. لتصل بعض هذه الدعاوي الي السينما علي استحياء مطالبة بتفعيل ما يسمي بالسينما النظيفة. بل تعدت الي شعار "السينما المحتشمة".. والتي تخطت الدور الرقابي علي الافلام. وطالبت بعدم احتوائها علي مشاهد تخدش الحياء من قبلات وملابس غير مناسبة.. بل واشترطت ان تخلو ايضا من مشاهد تحتوي علي خمور! فهل تخوض السينما المعركة القادمة للدفاع عن نفسها.. وهل يرتفع سقف المطالب الي مضامين هذه الافلام بعيدا عن خلوها من المشاهد المبتذلة - علي حد قول البعض - أم تحافظ علي هويتها. ويظل الجمهور هو الحكم الأساسي والمتحكم الرئيسي في سوق السينما؟! رفض الفنان سامح الصريطي اي تدخل ووصاية علي الفن بشكل عام قائلا ان الجمهور هو الحكم الاول والمتحكم الرئيسي في مضمون أي فيلم يعرض.. فهو الوحيد الذي يستطيع أن يمنح الاستمرارية لأي شكل من الاشكال الفنية.. خاصة اننا نعيش حالة من التخبط الفترة الحالية ولا ندري من هم أصحاب هذه الدعوات وما هي أهدافهم.. فالطبيعي ان يكون الاختيار متروكا للجمهور. خاصة بعد ثورة عظيمة طالبت بحرية الرأي والفكر والتعبير والتي لن تسمح بالعودة الي الوراء مرة أخري. وأضاف انه من الممكن ان يواجه الفن هجوما في الفترة القادمة وان تكون لديه معارك للحفاظ علي هويته وحريته. ولكن يظل الجمهور الواعي هو الأقدر علي الحفاظ علي ثقافته وحريته في الاختيار.. خاصة وان السينما تعد منتجا شعبيا تتطور بتطور المجتمعات. وتتناول مشاكل المجتمعات وتلقي عليها الضوء لايجاد حلول فعلية لها بدلا من دفن رءوسنا في الرمال. واضاف الصريطي انه من الاجدر أن تقوم تلك التيارات التي تطالب بقمع الحريات بالتفرغ للدور الأهم وهو الدعوة الي العلم والعمل.. فاذا نظرنا الي كم الآيات والأحاديث التي تدعو الي التكاتف والتكامل سنجد انه هناك دور أهم من المعارك الوهمية التي يتم افتعالها. فنحن لسنا بحاجة الي متحدثين باسم الدين يعلمونا كيف نعبد ربنا. المخرجة الكبيرة انعام محمد علي قالت انها طوال مشوارها الفني ابتعدت تماما عن أي مشاهد خادشة للحياء داخل أعمالها. ولم تلجأ الي اللعب علي غرائز الجمهور كوسيلة لمحاولة تحقيق النجاح للعمل الفني. حتي وان كان الموضوع المقدم شائكا يحتاج من وجهة نظر البعض الي استخدام مشاهد لتوظيفها لخدمة الموضوع.. بل طالما حاولت تقديمها في شكل فني راق لا يخدش حياء المشاهد. والا اصبح حينها فنا مبتذلا. وأضافت أنها رغم أسلوبها ورأيها عن الفن والسينما الخالية من المشاهد الساخنة أو غيرها فانها لا تعني ان تصب في مصلحة الدعاوي التي تقوم بالهجوم علي السينما. ويجب ان تكون الرقابة من صناع الاعمال أنفسهم فالفن الجيد يجب عن اي دور رقابي.. خاصة وانها تري ان الادوات التي تملكها كمخرجة تمكنها من تقديم اي قضية موجودة في المجتمع وتغوص فيها ومشكلاتها بطريقة مقبولة مؤثرة علي الجمهور. تبني السيناريست علاء عزام وجهة النظر التي ترفع شعر السينما المحتشمة قائلا انه لا يقبل ان تشاهد ابنته احد المشاهد الساخنة علي القنوات الفضائية. او مشاهد تشجع علي شرب الخمور.. حتي وان كان الفيلم مجازا من الناحية الرقابية. أو حتي يخضع للتصنيف من حيث الفئات العمرية.. فلا يجوز - والكلام مازال له - أن تضعني في النار وتجبرني ان اسيطر علي ابنائي ان يشاهدوا افلام ويمتنعوا عن اخري.. خاصة مع انتشار القنوات الفضائية التي تدخل منازلنا جميعا. واضاف ان القيم الموجودة في الافلام قد تكون في بعض الاحوال اسوأ من مشاهد العري نفسها. ففي بعض الافلام القديمة نجد ان القيمة المقدمة فيها هي ان بطلة الفيلم تخوض في علاقة مع البطل ويقومون بالسهر في احد الملاهي الليلية مثلا. ثم تعود الي منزلها وتقول لوالدها أنها لا تفعل شيئاً خاطيئاً. وينتصر الفيلم في النهاية لهذه القيمة.. أو أن يتم تقديم شخصية الحرامي "الجدع" في أحد الأفلام.. وغيرها من القيم الخاطئة التي تساهم في انعدام الأخلاق في المجتمع. وتابع عزام انه لا يريد من صناع السينما ان يقدموا اشكالا مثالية في الاعمال الفنية ولكن ان يكون هناك حالة وسطية في المضامين المقدمة. والتي استطاعت أن تقدمها السينما الإيرانية الذين اصطدموا برقابة شديدة علي السينما. والتي لا تستطيع تقديم أي مشهد غير أخلاقي ومع ذلك تقوم بحصد العديد من الجوائز في أعتي المهرجانات العالمية.. فالفنانون الإيرانيون حينما اصطدموا بالرقابة.. أبدعوا! المنتج محمد حفظي رفض من الأساس أن يتم طرح الفكرة قائلا "اللي مش عاجبه ميتفرجش".. فرغم اني لم اقدم يوما أي مشاهد تخدش حياء المشاهد الا أني ضد ما يقال تماما. فالطبيعي ان يكون هناك رقابة فنية هي التي تحدد ما يجوز وما لا يجوز. ولكن بعيداً عن هذه الدعاوي التي لا قيمة لها فإن افضل ان تكون السينما "نظيفة" تستطيع مناقشة جميع القضايا الشائكة ولكن دون ابتذال.. وهو شيء من الممكن تحقيقه علي أرض الواقع سواء من داخل السينما المصرية.. او من خلال تجارة اخري مثل السينما الإيرانية التي تحصد العديد من الجوائز العالمية.. ولكن هذا لا يعطي الحق لأحد ان يتدخل في حرية السينما. وحتي وان تم تنفيذ تلك الدعاوي فمن الممكن ان يتم تطبيقها - من وجهة نظري - علي الملابس والمشاهد. أما من حيث الافكار فالأمر غير قابل للنقاش من الأساس.