الطلاق فرع عن عقد الزواج الذي هو من أغلظ العقود وأوثقتها عند الله تعالي. كما قال تعالي: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج واتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً ہ وكيف تأخذونه وقد أفضي بعضكم إلي بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً" "النساء: 20. 21". فكان الواجب علي المسلم ألا يتسرع إليه إلا بعد الاستشارة والاستخارة والتروي. ولذلك شرع الإسلام له الخطبة ليتعرف كل من الخاطبين بالآخر وبأسرته حتي إذا ما استقرت الأوضاع علي التراضي كانت المباركة بعقد الزواج الذي نحافظ عليه ولا نفرط فيه إلا بحق ظاهر. وعلي كل حال فإن الطلاق قبل الدخول أهون ضرراً من الطلاق بعد الدخول. وربما يكون في ذلك الخير الذي لا نعلمه لأننا نؤمن بالقضاء والقدر. وقد قال تعالي: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً" "النساء: 130". وأما الحقوق الشرعية للمرأة المطلقة قبل الدخول فحقان: حق أدبي وحق مالي. "1" أما الحق الأدبي للمطلقة قبل الدخول فهو أن يصير أمرها بيدها فوراً. فليس للزوج المطلق أن يراجعها إلي عصمته إلا بأذنها وبعقد ومهر جديدين. كما أنها لا تخضع لأحكام العدة. بل تحل للخطاب. ويجوز لها أن تتزوج من غير مطلقها فوراً وفق الشروط الشرعية» لقول الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً" "الأحزاب: 49". "2" وأما الحق المادي للمطلقة قبل الدخول فيختلف بحسب تسمية المهر من عدمه. فإن كان المهر لم يسم "أي لم يذكر قدره" في عقد الزواج فحقها المالي يسمي متعة يقدره القاضي» لقوله تعالي: "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن علي الموسع قدره وعلي المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً علي المحسنين" "البقرة: 236". وأما إذا كانت المطلقة قبل الدخول لها مهر مقدر - أي تم تحديد مقداره في عقد الزواج أو بعده - فحقها المالي جاء في قوله تعالي: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفو أقرب للتقوي ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير" "البقرة: 237". قال ابن عباس: في معني قول الله تعالي: "وأن تعفوا أقرب للتقوي" قال: أقربهما الذي يعفو. فإذا كان العفو من المرأة تركت الصداق كاملاً للمطلق. وإذا كان العفو من المطلق ترك الصداق كاملاً للمرأة. وإذا لم يعف أحد منهما لصاحبه فلكل واحد منهما نصف المهر.