في فيلم "لنكولن" تعمد المخرج الكبير ستيفن سبيلبيرج ألا يظهر رئيس الولاياتالمتحدة الراحل وهم يطلقون عليه الرصاص يوم 15 ابريل 1865. رفض أن يعيد تصوير هذه اللحظة علي الشاشة. وكأنه يريد أن ينساها لأن هذا الرجل ببساطة كان يستحق أن تنتهي حياته بالاحترام والتكريم وليس بضرب الرصاص. لأنه عمل من أجل مستقبل الشعب الأمريكي والدليل أنهم يعيدون اليوم انتخاب رئيساً أسود لفترة رئاسة جديدة. وقد كان ذلك من دروب الخيال أيام الرئيس ابراهام لنكولن محرر العبيد. يحكي الفيلم عن الثلاثة شهور الأخيرة في حياة لنكولن. خاصة المجهود الخارق الذي بذله مع أعضاء الكرنجرس للموافقة علي قانون منع العبودية حتي لا يباع الإنسان ويشتري في بلاد تدعي الحرية والمساواة بعد أن فقدت أمريكا 600 ألف مواطن ماتوا أثناء الحرب الأهلية التي استمرت 4 سنوات. والحرب كانت من أجل إعادة 11 ولاية تمردت علي اتحاد الولايات الخمسين لرفضها المساواة بين البيض والسود. وبسبب تمسكها بالتفرقة العنصرية. ولم يجد لنكولن وسيلة لوقف الحرب الدامية إلا بتحرير قانون لمنع العبودية حتي تخضع الولاياتالمتحدة وتعود إلي الوحدة وتصبح الولاياتالمتحدة اسماً وفعلاً. قام دانيل دي لويس بدور الرئيس لنكولن وهو من أفضل الأدوار التي جسدها في تاريخه. أراد سبيليرج أن يرتفع بإنسانية لنكولن إلي مصاف الملائكة. الرجل الذي يحلم بتحقيق الأهداف النبيلة من أجل مصلحة شعبه ومستقبله. أنه مثل مينا موحد القطرين في تاريخ مصر الذي مازالت تذكره في كتب التاريخ المصري بعد آلاف السنين من رحيله. ركز سبيلبيرج علي السمات الشخصية التي كان يتمتع بها لنكولن. خاصة البساطة والتواضع. لقد كان يضع حطب المدفأة وكان يمسح حذائه بنفسه. وعرف معني الحزن بعد أن مات ابنه البكر. لذلك استجاب لرغبة زوجته ومنع ابنه الآخر من التطوع في الحرب خوفاً علي حياته. وكانت زوجته تعاني من بعض المشاكل النفسية. وكان يناقش موظفي البيت الأبيض في القرارات التي يجب اتخاذها. ورفض إعدام جندي شاب يبلغ 16 عاماً أصاب الحصان حتي لا يلحق بالحرب. وسأل نفسه: ماذا سيفيده إعدامه؟!. وهنا يفكر فيما يعود علي الجندي من مصلحة لو تم إعدامه!. لذلك رفض وأعطي للجندي فرصة جديدة للحياة. يستحق فيلم لنكولن كل ترشيحات الأوسكار التي رشح لها. لكن إبداع دانييل دي لويس في أداء دور لنكولن يستحق أكثر من أوسكار. هذا الممثل العبقري الذي خطفته هوليوود من المسرح البريطاني.