منذ أيام نجحت قوات الجيش الجزائري في إنهاء الحصار علي منشأة الغاز قرب بلدة "عين ميناس" في الصحراء الكبري جنوبالجزائر وتحرير 792 من الرهائن الجزائريين والأجانب وقتل أغلب الارهابيين البالغ عددهم أربعين من أعضاء كتيبة "الموقعون بالدماء"؟! وفقاً لمصادر صحيفة موريتانية يمثلون 6 جنسيات عربية وأجنبية تبعاً لتصريحات محمد بلعيد وزير الاتصال الجزائري. وبعيدا عن تفاصيل الحادث المؤلم الذي أسفر عن مقتل 23 رهينة منهم بريطانيون وأمريكيون ويابانيون فإن الحادث رغم ان أسبابه المعلنة لما يسمي ب"الموقعون بالدم" هي الانتقام من الغرب لتدخله في "مالي" إلا أنه يعيد للأذهان ما عاشته الجزائر خلال حقبة التسعينيات من الارهاب الذي كان ضحيته أكثر من 150 ألف شهيد جزائري. وما إذا كان الحادث بداية مرحلة جديدة في دورة العنف والارهاب خاصة في ظل وجود ما يعرف بتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا وما ظهر خلال الفترة الأخيرة من تنظيمات مثل "الملثمون" و"الموقعون بالدماء" في الصحراء الكبري التي تجمع بين أكثر من دولة عربية وأفريقية مسلمة. المتابع للشأن الجزائري يدرك أنه رغم انحسار الارهاب في الجزائر منذ حوالي خمسة عشر عاماً إلا من عمليات متفرقة بين الأمن وبقايا هذه الجماعات في المناطق الجبلية والصحراء الجزائرية التي تتعدي مساحتها مساحة مصر إلا أن نشاط تنظيم القاعدة في منطقة الشمال الأفريقي والذي نشط في دول مثل المغرب وموريتانيا مؤخراً وها هي بعض المنظمات المرتبطة به نوعاً ما في مالي وجد في المنشآت البترولية ومنشآت الغاز في صحراء الجزائر وقرب الحدود مع هذه الدول فرصة لضرب المصالح الغربية والأمريكية التي تصل في هذه المنشآت انتقاماً لما يحدث في مالي -كما تدعي- وإن كان الواقع يشير إلي أن هذه الجماعات نشطت نتيجة لنجاح قوي الإسلام السياسي وخروج أعضاء التنظيمات المسلحة ذات الخلفية الإسلامية من السجون وانخراطها في العمل السياسي في دول الربيع العربي. خاصة ان دول مثل ليبيا وتونس تنتمي بالفعل للشمال الأفريقي وتشارك الجزائر ومالي وموريتانيا الحدود. وإذا كان هذا هو الواقع حاليا إلا أن ما مرت به الجزائر في التسعينيات والذي انتهي رغم مرارته وضحاياه إلي أن تصبح أول دولة تتحول نحو الديمقراطية الحقيقية والتعددية السياسية التي بدأت في خلال حكم الرئيس السابق الأمين زروال الذي كان له الفضل في إنهاء حقبة الدم والعنف إلي التحول الديمقراطي في المنطقة العربية نهاية عام 1995 والذي حكم لفترة واحدة انتقالية فقط ليأتي بعده الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة منذ عام 1999 .. ليتم عملية المصالحة بين الجزائريين.. الأمر الذي جعل من استجابة الشعب الجزائري أو قبوله بتكرار تجربة التسعينيات أمرا يكاد يكون مستحيلاً.. مالم تدخل دول وقوي تآمرية علي السطح.. وحتي يحدث ما يشير إلي ذلك.. يظل حادث عين ميناس عملية إجرامية تهدف إلي الانتقام من المصالح الغربية نجح الأمن الجزائري في إفشالها بنجاح.