النفقة علي الفقراء من الواجبات الدينية التي يغفل عنها كثير من الناس وقد جعلها الإسلام من أصول المال في حق الأقارب ومن زكاة المال وصدقاته في حق غير الأقارب ويختلف حكم النفقة علي الأقارب الفقراء باختلاف السن. فالصغير له حكم والكبير البالغ له حكم فإذا كان القريب صغيرا فإن النفقة له واجبة بالإجماع لأنه قد يهلك بتركها والله تعالي يقول: "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة" "البقرة 195" وتجب النفقة للصغير الفقير في ماله إن كان له مال وإلا فمن مال الأب فإن لم يوجد فعلي أقارب الصغير من العصبات بحسب ترتيب الميراث لقوله تعالي: "وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلي الوارث مثل ذلك" "البقرة 233" أي وعلي الوارث واجب النفقة علي الصغير مثل الأب إذا مات ولذلك روي عن عمر بن الخطاب قال: "لو لم يبق من العشيرة إلا واحد أجبرته علي النفقة" وإذا لم يكن للصغير قرابة فإن نفقته تجب في عموم المسلمين بحسب القرابة المكانية الأدني فالأدني". أما اذا كان القريب الفقير كبيرا بالغا فإن الفقهاء يفرقون بين الوالدين وبين غيرهما. "1" أما الوالدان الفقيران فقد أجمع الفقهاء علي استحقاقهما النفقة في مال أبنائهما ذكورا وإناثا وللأجداد حكم الآباء في الجملة استدلالا بما أخرجه الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان أعرابيا أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: ان أبي يريد أت يجتاح مالي؟ فقال صلي الله عليه وسلم "أنت ومالك لوالدك ان أطيب ما أكلتم من كسبكم وان أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا مرئيا". ولا خلاف بين الفقهاء في وجوب نفقة الآباء علي الأولاد ذكورا أو إناثا وانما اختلفوا في مقدار سهم النفقة بينهم علي ثلاثة مذاهب. المذهب الأول: يري ان أسهم نفقة الآباء تكون بالسوية بين الأولاد القادرين عليها دون النظر إلي اختلاف الجنس بالذكورة أو الأنوثة ودون النظر إلي اختلاف درجة اليسار وهو مذهب الحنفية وبعض المالكية ووجه عند الشافعية وحجتهم: ان المعني في وجوب النفقة يشمل جميع الأولاد القادرين مع عموم قوله تعالي "ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله" "الطلاق 7". المذهب الثاني: يري ان أسهم نفقة الآباء علي الأبناء تكون بقدر يساهم دون النظر إلي اختلاف الجنس بالذكورة أو الأنوثة وهو المشهور عند المالكية وحجتهم: عموم قوله تعالي "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها" "الطلاق 7". المذهب الثالث: يري ان أسهم نفقة الآباء علي الأولاد تكون بحسب نصيبهم في الإرث وهو الوجه الثاني عند الشافعية وإليه ذهب الحنابلة وحجتهم: ان زيادة الإرث تشعر بزيادة القرب مع عموم قوله تعالي "وعلي الوارث مثل ذلك" "البقرة 233".