قالوا في الأمثال الشعبية "من خلف ما مات" أي أن ذكري الإنسان تبقي بعد رحيله طالما أنجب من يحمل اسمه وقد يكون مثل أبيه ولذلك قالوا أيضا "من شابه أباه فما ظلم".. هذين المثلين تذكرتهما وأنا أري علي شاشة قناة "سي بي سي" الفنانة المعتزلة ياسمين الخيام وهي تجمع في برنامجها "صحبة ياسمين" شيخين من قراء القرآن الكريم هما ياسر وأحمد يميزهما أن كل واحد منهما هو ابن لأحد مشاهير القراء الذين كانوا سفراء لمصر في شتي دول العالم والذين ذاع صيتهم في الدول الإسلامية لبراعتهما في تلاوة كتاب الله الذي نزل علي رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في مكة والمدينة وقرئ في مصر وهما الشيخان عبدالباسط عبدالصمد ومحمود البنا اللذين رحلا في شهر نوفمبر من عام 1985 حينما توفي محمود البنا عن ثمانية وخمسين عاما و1988 الذي رحل فيه الشيخ عبدالباسط عبدالصمد عن واحد وستين عاما. كان الشيخ ياسر عبدالباسط عبدالصمد عائداً من الخارج بعد احيائه لليالي قرآنية في إحدي الدول الإسلامية والحديث معه كان عن والده وتاريخ حياته الذي امتد مع القرآن لمدة تزيد علي نصف قرن وكيف كان قدوة لأبنائه في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وما تركه من سيرة عطرة بفضل القرآن وشهرته في شتي أنحاء العالم الإسلامي وتميزه بين باقي القراء بجمال الصوت وحسن الأداء. وقد أعادت لنا ياسمين صوت عبدالباسط في تلاوة قصيرة سعدنا بها قبل أن تطلب من الشيخ ياسر أن يتلو بعض آيات الله البينات فظهرلنا مدي التشابه بين الراحل الكريم الشيخ عبدالباسط وبين ابنه ياسر ليس في الشكل والملامح الجسدية فقط ولكن في الصوت أيضا حيث لا يتمكن من يسمعه من أن يفرق بينه وبين صوت عبدالباسط في سنوات الشباب. أما الشيخ أحمد محمود البنا فقد تحدث عن والده الذي كان أصغر قارئ للقرآن تعتمده الإذاعة ويحصل علي ستة جنيهات هي أجر كبار القراء وكيف أدي هذا إلي قيام كبار القراء بإضراب عن التلاوة التي كانت علي الهواء وكيف احتبس صوت البنا حينما تقدم ليقرأ القرآن لأول مرة في الاذاعة وكان لتشجيع الاذاعية الكبيرة صفية المهندس دور كبير في عودة ثقته في نفسه وانطلاق صوته إلي المستمعين وبداية شهرته. ويتشابه صوت الشيخ أحمد أيضا مع صوت والده محمود البنا ويجعلني هذا التشابه بين الابنين ووالديهما إلي أن أتساءل لماذا لا نسمع هذين الشيخين ياسر عبدالباسط وأحمد البنا في إذاعة البرنامج العام سواء في النصف ساعة الصباحية في السادسة صباحا أو المسائية في الثامنة مساء لنستعيد معهما صوتين أحببناهما حينما كانا في الدنيا ونتمني العودة للاستماع إليهما الآن بعد مرور أكثر من ربع قرن علي رحيلهما؟