من منا لا يرتبط رمضان عنده بسماع قراءة القرآن بصوت الشيخ محمد رفعت؟.. من منا لم يتعود علي صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد أو الشيخ أبوالعينين شعيشع أو مصطفي اسماعيل أو صديق المنشاوي أو البنا أو الحصري أو الطبلاوي؟.. كل هذه الأصوات المتميزة وكل هذه الأسماء لأعلام المدرسة المصرية في التلاوة كانوا هم الأساس والجامعة التي تعلم وتخرج فيها المئات من قراء القرآن الكريم. وحتي بعد ظهور جيل جديد من قراء القرآن الكريم سواء في مصر أو خارجها، فإن أي محطة إذاعية أو تليفزيونية علي مستوي العالمين العربي والإسلامي، لا تستطيع أن تتجاهل أصوات أي من هؤلاء الرواد وعلي رأسهم الشيخ محمد رفعت الذي وصفه فضيلة الشيخ الشعراوي - رحمة الله علي الجميع - بأنه صوت قادم من السماء.. ورغم هذا التميز فإن البعض يري أن المدرسة المصرية في هذا المجال قد أصابها بعض الوهن والخمول، وأنها لم تعد تخرج أصواتاً متميزة كما كان الحال في الماضي. في جلسة جمعتني ببعض المتخصصين المتابعين ومنهم قراء للقرآن الكريم وإعلاميون مهتمون بالشئون الدينية، رفض كثيرون التسليم بفكرة تميز أو تفوق أي مدرسة في مجال التلاوة علي المدرسة المصرية، وعلقوا علي ذلك بأن مشاهير القراء الذين ظهروا خارج مصر يتجاوزون كثيراً عن بعض أحكام التلاوة عند قراءتهم للقرآن. الحوار امتد إلي دراسة أسباب التراجع.. البعض تكلم عن غياب دور أجهزة الإعلام- خاصة الإذاعة والتليفزيون- في اكتشاف وتقديم الأصوات الجديدة المتميزة.. البعض الآخر تحدث عن قلة عدد المسابقات القرآنية التي كانت تلعب دوراً في تقديم أصوات جديدة.. آخرون أرجعوا حالة الخمول التي تعيشها المدرسة المصرية إلي اختفاء »كُتّاب القرية«، فضلاً عن ضعف الاهتمام بدروس التربية الدينية وتحفيظ القرآن في المدارس. من تكلم عن تأثير الإذاعة والتليفزيون أبدي دهشته لوجود لجنة واحدة تتكون من 22 فرداً لاختبار قراء القرآن الجدد، وطالب هؤلاء بضرورة وجود لجان فرعية بالمحافظات لاكتشاف أصحاب الأصوات المتميزة، كما كان يحدث في مدينة طنطا بمحافظة الغربية والتي أنشئت بها أول كلية للقرآن الكريم.. وتعجب آخرون من انحسار نسبة البرامج الدينية خاصة في التليفزيون والتي أصبحت لا تتعدي 2٪ من نسبة البرامج. القضية بالتأكيد مهمة وتشغل بال المهتمين والمتخصصين الحريصين علي استمرار الريادة وتفوق المدرسة المصرية في شتي المجالات، فما بالكم والمسألة تتعلق بالقرآن الكريم الذي يقال أنه نزل علي قلب الرسول محمد صلي الله عليه وسلم في مكة وكتب في اسطنبول بتركيا وقرئ في مصر، وتميزت مصر بأنها أول من أنشأ إذاعة خاصة للقرآن الكريم. أتمني أن يكون طرحي للقضية بداية لفتح حوار إيجابي يهدف إلي إعادة التفوق الذي عرفناه عن مدرسة التلاوة المصرية.. ولا شك أن مصر التي أنجبت الشيخ رفعت وعبد الباسط وشعيشع والمنشاوي والبنا والطبلاوي مازالت قادرة علي أن تقدم من يحمل بصمة جديدة لخدمة مجال التلاوة علي مستوي العالمين العربي والإسلامي.