تعقد قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد غد الاثنين وسط ظروف دقيقة تمر بها المنطقة عربياً وإقليمياً ودولياً وقراءة في سجل المجلس منذ قمة أبوظبي عام 1981 إلي قمة المنامة 2012 نجد أننا أمام مسيرة طويلة 32 عاماً تقريباً لم تحقق حتي اليوم طموح المواطن الخليجي بالوحدة لكن وأصبح البعض ينظر إلي قممه إنها لقاءات احتفائية وفي الدورة السابقة بالرياض استشعر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن أكثر من 30 عاماً مضت والوحدة لم تتم. وفجر بخطابه الافتتاحي دعوته الشهيرة "التحول من الكيان إلي الاتحاد" وفي هذه الدورة ال "33" للمجلس الأعلي في المنامة يقف المواطن الخليجي معلقاً الآمال علي التحول إلي اتحاد واحد تتوفر لديه كل المقومات وفي مقدمتها الأبعاد الثلاثية اللغة والجغرافيا والمصير المشترك. والمجلس اليوم في مفترق طرق بعد أن شهد منذ تأسيسه ثلاث حروب طاحنة الأولي بين العراق وإيران والثانية حرب تحرير الكويت والثالثة حرب احتلال العراق. والآن يعيش آثار الربيع العربي الممتد من تونس إلي مصر وليبيا واليمن وسوريا ولا يستبعد الخبراء امتداده إلي دول مفصلية أخري سواء في المشرق أو المغرب العربي باعتباره رغبات الشعوب في التغيير. والتظاهرات التي شهدتها عدد من الدول العربية مؤخراً ليست بعيدة عن جسد المجلس. والحقيقة إذا رجعنا إلي مبادرات المؤسسين لهذا الكيان الخليجي قبل 32 عاماً نجد أن سطور أوراق مبادراتهم توقعت أن تسير الإنجازات بشكل أسرع خاصة في طريق تحقيق اندماج اقتصادي وتوافق سياسي. وهذا ما طرحه المؤسسون الأوائل واليوم المواطن الخليجي الذي كان طفلا عند تأسيسه يجد نفسه الآن شاباً. وما تحقق من إنجازات أخذت وقتاً أكبر مما يجب وهنا مكمن القلق لديه. وبالرغم من مساعي قادة المجلس من خلال لقاءاتهم ومشاوراتهم المستمرة علي تثبيت قواعد كيانه وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبه ومواطنيه إلا أن للشارع الخليجي رؤية تتلخص برغم أن التبادل التجاري بين دول المجلس الست قفز من 6 مليارات عام 1984 إلي 85 مليار دولار العام الماضي في أن إنجازات مفصلية لم تتحقق كالعملة الموحدة والسكك الحديدية والاتحاد الجمركي وغيرها. والحقيقة وهذا من وجهة نظري ومعايش لميلاد المجلس أن مجلس التعاون برغم كل الانتقادات يظل الأفضل فقد تكونت في العالم العربي كيانات في نهاية القرن الماضي لكنها انتهت بينها الاتحاد المغاربي ومجلس التعاون العربي وأصبحت في خبر من الماضي. ولا شك أن مجلس التعاون الخليجي انشغل منذ إنشائه بالملف السياسي والأمني والعسكري خاصة الملف الإيراني أبعاده الكثيرة خاصة احتلال جزر الإمارات وملف الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات وأخيراً ملفها النووي وأيضا التدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس. وهو ملف عالق ومتجدد مع جميع دورات المجلس. ونجحت السياسة الأمريكية علي مدي السنوات الماضية في تغذية الهاجس والخوف الأمني لدول المجلس وسط صراع إقليمي علي منطقة نفطية غنية وثرية بمخزونها وأصبح الملف الفلسطيني والإيراني والعراقي والأفغاني والصومالي مؤخراً الملف اليمني والسوري ضمن ملفات الربيع العربي الحاضر الدائم في جميع دورات المجلس. التي تطالب إيران بالالتزام بمبادئ حسن الجوار. والاحترام المتبادل. والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية. وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدوله. والحفاظ علي أمن واستقرار المنطقة ورفض استمرار احتلال جزر الإمارات العربية المتحدة وحقها وسيادتها عليها وحلها بالمفاوضات المباشرة. الأمين العام للمجلس البحريني الدكتور عبداللطيف الزياني اعتبر أن قمة المنامة تنعقد في ظروف بالغة الحساسية والدقة. وهذا قراءة لواقع المنطقة إقليمياً وعربياً ودولياً. وما ينتظره المواطن الخليجي والعربي بعد غد من رئيس الدورة الجديدة برئاسة ملك البحرين حمد بن عيسي آل خليفة إعلان "الاتحاد الخليجي" علي غرار الاتحاد الأوروبي. وهذا ما يحقق طموحات أبناء الخليج الذين رددوا علي مدي سنوات عمرهم العبارة الشهيرة "خليجنا واحد".