الخوف من المجهول والفوضي ومخاطر الانقسام يسيطر علي جميع المصريين. في يوم واحد وخلال تواجدي في ثلاثة مواقع هيئة علمية كبري.. وبنك ومؤسسة حكومية تتعامل مع الجمهور شعرت أن الجميع خائفون من المجهول. من قال "نعم".. ومن قال "لا".. والكل الآن يفكر في المستقبل وكيفية الخروج من المأزق الذي وجدنا أنفسنا فيه وبأيدي فريق منا. وكان يمكن للتصويت في الاستفتاء علي الدستور أن يتحول إلي يوم تاريخي في حياة مصر والمصريين بالتوافق ونبذ الفرقة والانقسام والتوقف عن الاستعلاء والغطرسة أو تصفية الحسابات. الدستور هو برنامج يسير عليه المصريون لسنوات وكان يجب ألا تقدم مسودته إلا إذا كانت هناك أغلبية مريحة جداً. الخوف من المجهول يؤثر علي كل شيء في حياة المصريين. فماذا سيحدث مع الأجنبي أو العربي الذي يرغب في الاستثمار أو الاستمرار في العمل في مصر.. وحتي لو كان يرغب في السياحة المشاعر التي تسيطر علي المصريين الآن هي تعبير عن كارثة ومأزق وجدنا أنفسنا فيه وكان يمكن تفادي هذا كله. ونظرة علي الوجه الآخر لمصر الآن بعيدا عن الحراك السياسي ومظاهرات الاحتجاج علي الدستور وتصريحات حزب الأغلبية ورموزه الذين يتحدثون عن مصر وكأنها في بلد آخر.. وعن شعب مصر وهم في أغلب الأحوال لا يدركون ما يشعر به الناس في الشارع. والشعب المصري حائر الآن بعد هذا الانقسام البغيض.. وهذه الحيرة لا تتوقف علي المعارضين للدستور وهم نسبة لا يستهان بها وتمتد أيضاً إلي العقلاء من المؤيدين. وماذا سيجري بعد انتهاء التصويت في المرحلة الثانية للدستور.. وماذا بعد؟ وما هي الخطوات القادمة. وهل ستهدأ الأوضاع أم أنها مرشحة للتصعيد نتيجة هذا الانقسام وكل طرف لا يستمع إلا إلي نفسه ويتحاور مع نفسه. فالحوار الحقيقي له طرفان.. ولكن الحوار الذي نراه ويتم أحياناً يحدث من طرف واحد وهو يقودنا إلي هذه الفوضي وإلي ظاهرة انقسام بغيضة تؤثر علي حب الناس. والناس في البلد الآن لا يشعرون بالسعادة ولم يشعروا بأنهم حصدوا شيئا من ثمار ثورة عظيمة قامت في 25 يناير تطالب بالعيش والحرية والكرامة. ولم يحصد الناس حتي الآن إلا مرارة الانقسام والخلافات والإقصاء وتصفية الحسابات والاستعلاء والغطرسة وكأنها كانت مجرد ذكري. الوضع الحالي مؤلم.. القضاة والنيابة العامة في شبه تعليق للأعمال وهناك بالفعل مصالح ومراكز قانونية للناس تحتاج إلي القضاء العادل.. ولكن الظروف اضطرت هؤلاء إلي هذا المسلك وأجهزة الإعلام كلها أصبحت في حيرة وسط تهديدات واقتحامات وأخري تحاول أن تمسك العصا من المنتصف أو تغازل هذه الميليشيات التي تتسلح بكل أنواع الأسلحة والغطرسة والفوضي وهذا أمر لا يجوز لأن دولة القانون هي التي تكفل الاستقرار والهدوء وتحافظ علي كرامة الجميع. أما الوضع الاقتصادي فقد بلغ حداً مأساويا.. والأسعار ترتفع.. والمصانع تعاني.. والبطالة تتزايد. والأداء الحكومي باهت.. والرؤية حول البرنامج الاقتصادي غائبة وهزيلة إن ظهرت وتتم بنظام القطاعي. والخوف من المجهول سيدفع الجميع إلي التردد في الاستثمار أو تقليص حجم الاستثمارات فهو أمر لا نريده لهذا البلد. والحراك السياسي وإن كان ضروريا فإن الحراك الاقتصادي لا يقل أهمية ولكن كيف يأتي الاستثمار أو يرغب صاحب مال في العمل بهذا البلد علي هذا الشكل من الانقسام والفوضي وغياب الأمن أو تجاوز حدود الأمن والاعتداء عليها هذه صور بغيضة ويجب أن تختفي من حياتنا وكان من المفروض أن تتحدث عن رسم معالم المستقبل وما يمكن أن يحققه للناس من حصاد ثمار الثورة.. ولكننا للأسف سقطنا في مخاوف المجهول والتخوف مما هو قادم وهي صورة ينبغي أن تنتهي بأسرع وقت ولو احتاج الأمر إلي قرارات أكثر توافقا ولاستعادة الوئام والوفاق في المجتمع المصري.. ووحدة المجتمع المصري وقوته تكفل التصدي لذلك ولكن علي كل مسئول في هذا البلد أن يتحمل مسئولياته لأن مصر أصبحت في خطر حقيقي وتخوف من المجهول!! كلمات لها معني احصد الشر من صدر غيرك باقتلاعه من صدرك قول مأثور