توفي الفنان والموسيقار الكبير عمار الشريعي بعد صراع كبير مع المرض. وقد قام عمار باجراء عملية جراحية دقيقة في القلب في باريس منذ عدة سنوات وكان يستعد للسفر لأمريكا لاجراء عملية زرع قلب إلا أنه تأخر سفره بعد أن قدم طلباً من أجل العلاج علي نفقة الدولة وتم تجاهل طلبه فدخل أحد المستشفيات في مصر حتي وفاته. ويذكر أن عمار في الفترة الأخيرة كان يعاني من مشاكل كبيرة في القلب كانت تستلزم تغييره بالكامل بالإضافة إلي مشاكل بالكلي وكان السبب الرئيسي في تراجع حالة عمار الصحية تعود إلي جمعة الرحيل عندما نزل لميدان التحرير ووقتها بذل جهداً.. لكي يصل للمنصة الرئيسية وعندما بدا الاجهاد علي جسده ذهب إلي مكتب عمرو موسي الذي كان يشغل وقتها أمين عام جامعة الدول العربية وهناك سقط وتم استدعاء الاسعاف التي نقلته لمستشفي الصفا ومكث بها عدة أيام حتي علم بقرار رحيل مبارك. * ويذكر أن عمار كان أحد الأعمدة التي اعتمد عليها ثوار ميدان التحرير وكانوا يرددون أغانيه وكان وسيلة اتصال بين الثوار والفضائيات. * ولد عمار في 16 ابريل عام 1948 في مدينة سمالوط احدي مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر وحاصل علي ليسانس آداب قسم اللغة الانجليزية كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1970 ودرس التأليف الموسيقي عن طريق مدرسة هادلي سكول الأمريكية لتعليم المكفوفين بالمراسلة واتقن العزف علي آلة البيانو والأكورديون والعود والأورج. * بدأ حياته الموسيقية عام 1970 عقب تخرجه مباشرة كعازف لآلة الاكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر ثم تحول إلي الأورج وبرز كأحد أبرع عازفي جيله واتجه إلي التلحين والتأليف الموسيقي حيث كانت أول ألحانه "امسكوا الخشب" للفنانة مها صبري عام 1975 وبلغت ألحانه أكثر من 150 لحناً لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربي. وتميز في وضع الموسيقي التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات وحصل علي العديد من الجوائز علي الصعيدين العربي والعالمي. * كون فرقة الأصدقاء عام 1980 وكانت تضم مني عبدالغني وحنان وعلاء عبدالخالق وقد حاول مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق نوع جديد من الغناء وهو الغناء الجماعي. اكتشف عدد من الأصوات والمواهب الجديدة منها مني عبدالغني وحنان وعلاء عبدالخالق وهدي عمار وحسن فؤاد وريهام عبدالحكيم ومي فاروق وآمال ماهر واجفان وحديثاً أحمد علي الحجار وسماح حسين الملاح. اهتم بأغاني الأطفال التي شارك فيها كبار المطربين والفنانين مثل عبدالمنعم مدبولي ونيللي وصفاء أبو السعود ولبلبة وعفاف راضي استطاع من خلال موهبته الفنية أن يغوص في بحور النغم وقدم برنامجاً يحمل نفس الاسم وهو غواص في بحر النغم بالاذاعة المصرية وقدم برنامجاً أيضاً يحمل اسم سهرة الشريعي علي قناة دريم وكان يقوم بتحليل الجمل الموسيقية للعديد من الألحان واهتم من خلال برامجه بتحليل وتذوق الموسيقي العربية منذ عام 1988 للعديد من الألحان والجمل الغنائية في الأفلام السينمائية. وامتاز عمار الشريعي بأنه موسيقي متعدد المواهب ووضع أيضاً الموسيقي والألحان لاحتفاليات اكتوبر ولعدد من الأوبريتات الغنائية التي أقيمت بهذه المناسبة. متعدد المواهب * وعن وفاته يقول الموسيقار ايمان البحر درويش نقيب الموسيقيين: فقدنا ركناً أساسياً من اركان الفن المصري وموسيقاراً متعدد المواهب وأشعر بالحزن والأسي لفقدنا هذه الموهبة الفذة. غيابه عن الاستوديو الخاص به كان يمثل لي مأساة حيث كنا نجتمع سوياً ويعتبر الراحل من الموسيقيين القلائل الذين جمعوا بين الغربية الشديدة والموسيقي الشرقية الشديدة من خلال مخرج فريد كان يمتاز به كما أنه موسيقار متعدد المواهب فكان مطرباً وملحناً وموسيقياً ومؤلفاً للعديد من الألحان الغنائية كما قدم عدداً كبيراً من الموسيقي التصويرية لعدد من الأعمال الدرامية والسينمائية المميزة وعندما تسمع ألحان عمار تلاقي نفسك سامع جملة موسيقية عالمية بلحن شرقي. مغرضون وعن تقصير الدولة في علاج عمار قال إيمان عمار لم يسع للعلاج علي نفقة الدولة وقادر علي علاج نفسه علي نفقته الخاصة وسبق أن تكفل بجميع تكاليف علاجه السابقة وماكان يتردد علي الساحة من أن الدولة قصرت في علاج عمار بعيد كل البعد عن الحقيقة يرددها رضا رجب وبعض المغرضين الذين يريدون النيل من فنان كبير بحجم عمار الشريعي. إنسان خفيف الظل * الفنان محمد الحلو يقول: فقدت صديقاً وأخاً عزيزاً فقدت إنساناً بكل المعني.. فقدنا موسيقاراً متعدد المواهب خفيف الظل صاحب نكتة.. الكلام يعجز عن وصف فقيدنا. قلب عمار تحمل الكثير والكثير ولم تفارقه الضحكة وخفة الدم المصرية. ورغم أن قلبه كان يعاني المرض إلا أن ما أثر فيه في المرحلة الأخيرة أحوال مصر المتردية كان دائماً يشكو من أن مصر لا تستحق هذا وشارك في المظاهرات وجمعة الرحيل وهذا ما انهك قلبه العامر بحب مصر. ومن هذه اللحظة بدأ العد التنازلي في عمر عمار الشريعي وبدأ التعب الحقيقي ووصف أحد الأطباء قلب عمار بأنه رغم مرضه إلا أنه قلب صلب تحمل الكثير من العمليات الجراحية. باق بألحانه الفنان محمود ياسين: رغم أننا فقدنا موسيقاراً وفناناً كبيراً إلا انه باق معنا بألحانه وموسيقاه من خلال اغانيه وألحانه وموسيقاه التصويرية في الدراما والسينما.. فقد الإنسان والفنان الرقيق صاحب خفة الدم والمواهب المتعددة. فهو صديق للجميع وأخ للكل. تشعر بألحانه بلغة خاصة ومتميزة تميزها عن غيرها من الألحان. سخر نفسه للفن وللموسيقي ولاكتشاف المواهب الجميع يدين له بالجميل فهو صاحب مدرسة. فقدنا أحد أعمدة الموسيقي العربية رحل عنا أحد رموز الثورة وتركنا في الظروف الصعبة التي تمر بها مصر وتعاني فيها من حالة انقسام كبيرة.