قلبي مع أسر ضحايا قطار أسيوط ودعواتي لهم بأن يمنحهم الله عز وجل الصبر والسلوان وأن يتغمد برحمته الشهداء.. قلوبنا جميعاً بكت.. وعيوننا تذرف الدموع من بشاعة ما نتابعه عبر شاشات الفضائيات حيث تناثرت أشلاء الضحايا من الأطفال الأبرياء وأدواتهم المدرسية.. ودعوا أسرهم في صباح باكر في طريقهم لطلب العلم علي أمل العودة ظهراً للبقاء بجانب أهلهم وأصدقائهم وجيرانهم.. ولم يكن أحد منهم يتوقع أن يد الإهمال والاستهتار أسرع من انتظار عودتهم.. فتمتد إليهم وتكتب نهايتهم بعد دقائق معدودة من وداعهم لأسرهم يصدم قطار سريع أتوبيس مدرستهم. ** إن ماحدث هو بالتأكيد إهمال وعدم مبالاة من قلب بلا وازع من دين أو ضمير إنساني.. قلب ميت.. ولكن من الضروري أن نعترف أنه هذه الحادثة التي راح ضحيتها 51 طفلاً قد تكررت أكثر من مرة.. لا تفصل بينهما فترات زمنية طويلة.. ولم تتخذ فيها معاقبة رادعة للمتسبب في حدوثها.. فالقانون في حالات الحوادث قاصر علي انزال العقوبة المشددة علي الاستهتار والإهمال.. لقد أصبحنا في حاجة إلي اعادة تربيتنا.. في حاجة إلي الرجوع إلي المبادئ الدينية السامية. لقد انشغلنا بعد ثورة يناير بالحصول علي المراكز والمزايا والحقوق.. ولم نسأل أنفسنا هل نحن فعلاً قادرين علي تحمل المسئولية وأداء واجبنا بما يرضي الله سبحانه وتعالي ويحقق الرضا والعدل للجميع.. ** لقد ضاعت كثير من أخلاقياتنا أمام الأحقاد والكراهية والاستهتار والإهمال والكسل والرغبة في الحصول علي المزايا دون جهد أو تعب قد يكون السبب في السنوات الطويلة التي سبقت ثورة يناير وذاق فيها المجتمع ويلات الظلم والفساد.. فتولدت هذه الأخلاق السلبية نتيجة الكبت والحرمان.. خلال هذه السنوات ونتيجة ما يتعرض له المجتمع من أزمات اقتصادية وبطالة وفقر مما يدفع بعض أفراده إلي محاولات البحث عن أعمال اضافية توفر لهم دخلاً علي حساب التفرغ والاجادة في عملهم الأصلي.. هذا الانفلات والروح السلبية تحتاج إلي اعادة تقويم من خلال الأبحاث والدراسة وهذا يتطلب وقتاً.. لذا فمن الضروري الآن أن تعتمد خطة اعادة الأمن والاستقرار والثقة بين الأطراف المختلفة في المجتمع علي خطة عاجلة كمرحلة أولية.. وهي التي نحتاج فيها إلي قوانين رادعة وعقوبات مشددة علي كل من يهمل في أداء واجبه.. ومعالجة سريعة لحل مشاكلنا الاقتصادية وتوفير الدخل المناسب الذي يمكن الأسرة من توفير احتياجاتها.. دون أن تضطر إلي إهمال العمل لحساب عمل آخر.. وأن تسرع الدولة في إزالة الأسباب التي قد تؤدي إلي مثل هذه الحوادث ومتابعة التخلص منها دون تهاون أو تكاسل.. إننا نحتاج في هذه الفترة من حياة ثورتنا إلي كل من لديه رؤية واضحة تقودنا نحو تحقيق الاستقرار والأمان.. نحتاج إلي وقفة جادة واصرار وعزيمة في تنفيذ خطة استراتيجية آجلة وعاجلة بآليات تنفيذ قادرة علي وقف نزيف الدم في شوارعنا دون تهاون..