احتفل الشعب العماني الشقيق بالعيد الوطني 42 وتضمن برنامج الاحتفالات إقامة عرض عسكري تحت رعاية السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان إلي جانب حفلات استقبال في كل محافظة بهذه المناسبة كما تقرر افتتاح مجموعة من المشروعات الاقتصادية الجديدة بالقطاعين العام والخاص في مختلف محافظات السلطنة. وقبل نحو أسبوع من حلول العيد الوطني ترأس السلطان قابوس يوم الاثنين الماضي الانعقاد السنوي للفترة الخامسة لمجلس عمان لعام 2012. كما شمل برعايته افتتاح مبني المقر الجديد للمجلس والذي يقع في منطقة البستان بمحافظة مسقط ويتكون من ثلاثة مبان رئيسية تضم مجالس : عمان. والدولة. والشوري. ألقي السلطان قابوس. خلال ترؤسه الانعقاد السنوي كلمة حدد فيها المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها مواقف السلطنة علي الساحات الإقليمية والدولية. وكذلك المحاور الرئيسية علي صعيد العمل الوطني علي ضوء برامج إستراتيجية التنمية المستدامة وعلي مساراتها المختلفة. وجدد تأكيده علي أن السياسة الداخلية في السلطنة تقوم علي العمل البناء لما فيه الصالح العام مع مواكبة تطورات العصر. والمحافظة علي الهوية والثوابت والقيم العمانية. رؤية استراتيجية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية للسلطنة أكد السلطان قابوس أن أساسها الدعوة إلي السلام والوئام والتعاون الوثيق بين سائر الأمم. والالتزام بمبادئ الحق والعدل والإنصاف وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير وفض المنازعات بالطرق السلمية وبما يحفظ للبشرية جمعاء أمنها واستقرارها ورخاءها وازدهارها علي ضوء الرؤي التي عبرت عنها كلمة السلطان قابوس فإن الحقيقة المؤكدة أن سلطنة عمان ستواصل الجهود التي بدأتها منذ عام 1970 من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي ودعم السلام العالمي انطلاقا من رؤية إستراتيجية بعيدة النظر ولقد قدمت في هذا الإطار خيارا حضاريا للأساليب التي يجب إتباعها علي صعيد العلاقات الثنائية بي الدول المتجاورة ويتمثل ذلك الطرح العماني في العمل علي التواصل إلي اتفاقيات لترسيم الحدود المشتركة لم تكتف السلطنة بالدعوة إلي هذا التوجه إنما اتخدت مواقف عملية أثبتت إمكانية تحويله إلي واقع حقيقي حيث توصلت بالفعل إلي اتفاقيات مع جميع البلاد التي تشترك معها في الحدود. ترسيخ نهج الشوري حول مسيرة الشوري أكد السلطان قابوس. في الكلمة التي ألقاها خلال ترؤسه الانعقاد السنوي لمجلس عمان. علي حرصه علي مواصلة ترسيخ نهج الشوري والمشاركة فقال إن تجربة الشوري في عمان. كما أكدنا دائما تجربة ناجحة وجاءت متسقة مع مراحل النهضة متفقة مع قيم المجتمع ومبادئه متطلعة إلي بناء الإنسان الواعي لحقوقه وواجباته المعبر عن آرائه وأفكاره بالكلمة الطيبة والمنطق السليم والحكمة المستندة إلي النظرة الصانبة للأمور. ولقد أثبت العمانيون خلال الحقبة المنصرمة أنهم يتمتعون بمستوي جيد من الوعي والثقافة والإدراك والفهم في تعاملهم مع مختلف الآراء والحوارات والنقاشات التي تنشد مصلحة البلد ومصلحة أبنائه الأوفياء. وأكد أن هذا الوعي سيزداد. وأن هذه الثقافة سوف تنمو وتترسخ من خلال الدور الذي يقوم به أعضاء مجلس عمان في مجال تبادل الرأي وتداول الأفكار. وبفضل النهج الحكيم الذي تجلي والذي سوف يستمر في تناول مختلف القضايا بالدرس والتدقيق ولكل الآراء بالتمحيص والتحقيق. ودعا إلي أن تشهد قاعات الصرح الكبير لمجلس عمان طرحا بناء للأمور ومعالجة حكيمة لها تظهر من خلالهما لكل من يراقب هذه التجربة في الداخل أو الخارج قدرة العمانيين الواضحة علي المشاركة بالفكر المستنبر والرأي الناضج في صنع القرارات التي تخدم وطنهم وترقي به وتحقق له مكانة بارزة ومنزلة سامية بين الدول وليس هذا بعزيز علي أبناء أمة يشهد لها ماضيها العريق ويدفعها حاضرها إلي التطلع نحو آفاق واسعة من التقدم والتطور. التنمية البشرية والاجتماعية تناول السلطان قابوس أيضا. في الكلمة التي ألقاها خلال ترؤسه الانعقاد السنوي لمجلس عمان أهداف الإستراتيجية التنموية ومحاورها فأوضح أنه كان لابد في سبيل تحقيق التنمية البشرية والاجتماعية في كل مناطق السلطنة المترامية الاطراف من إنشاء بنية أساسية قوية ترتكز عليها خطط التنمية وبرامجها خاصة في مجالات التعليم والصحة والتدريب والتأهيل وإيجاد فرص العمل المتنوعة وبدون هذه البنية الأساسية لم يكن بالإمكان ان تصل التنمية البشرية والاجتماعية إلي التجمعات السكانية في المدن والقري والسهول والجبال وفي بطون الاودية وفيافي الصحاري الواسعة. وقد تمكنت خطط التنمية السابقة مع اتساع أرجاء عمان وصعوبة تضاريسها الجغرافية من إنجاز الكثير في هذا المضمار الأمر الذي غير وجه الحياة وسهل تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية والبشرية وتوصيل الخدمات بشتي صنوفها وانواعها إلي المواطنين حيثما كانوا وأينما حلوا. كما أشار إلي أن الحاجة إلي البنية الاساسية لن تتوقف أبدا لأنها عملية مستمرة يحتمها التوسع العمراني ويقتضيها التطور الاجتماعي والاقتصادي وتؤكدها حاجة الانسان إلي التواصل والسعي من اجل حياة أفضل وعيش اسعد موضحا أنها تحظي بالعناية دائما في كل مراحل التطوير والبناء دون استثناء. وإن كانت تكتسب أهمية قصوي وتحظي بأولوية أكبر في بعض هذه المراحل لظروف خاصة واعتبارات معينة تقتضي إيلاءها هذه الأولوية.. علي ضوء هذه المنطلقات أوضح السلطان قابوس أن الاهتمام بالبنية الأساسية صاحبة ومنذ البداية اهتمام مماثل بالتعليم والصحة والتجارة والصناعة والزراعة والمال والاقتصاد وكلها مجالات ترمي الدولة من وراء رعايتها وتطويرها إلي توفير سبل الحياة الكريمة للإنسان الذي يعد هدف التنمية الشاملة وأداتها العاملة الفاعلة. الخطط المستقبلية أكد السلطان قابوس أيضا أن البنية الأساسية الضرورية تكاد تكتمل وقد تم توجيه الحكومة إلي التركيز في خططها المستقبلية علي التنمية الاجتماعية خاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن وذلك بإتاحة المزيد من فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير العلمي والثقافي والمعرفي وتتم بدقة متابعة ما يتم اتخاذه من خطوات وسوف يكون هذا الامر محل اهتمام المجلس الأعلي للتخطيط الذي يهدف إلي وضع خطط تنموية مدروسة ترعي أولويات كل مرحلة وتوازن بين مختلف أنواع التنمية بما يؤدي إلي بلوغ الغاية المنشودة . القطاع الخاص أحد الركائز الأساسية تحدث السلطان قابوس عن دور القطاع الخاص بوصفه أحد الركائز الأساسية في التنمية سواء بمفهومها الاقتصادي الذي يتمثل في تطوير التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والمال الاقتصاد بشكل عام أو بمفهومها الاجتماعي الذي يتجلي في تنمية الموارد البشرية وتدريبها وتأهليها وصقل مهاراتها العلمية والعملية مع إيجاد فرص عمل متجددة وتقديم حوافز تشجع الالتحاق بالعمل وأوضح أن القطاع الخاص مطالب بإتخاذ خطوات عملية مدروسة وناجعة بزيادة إسهاماته في التنمية الاجتماعية ومشاركة الحكومة بهمة وعزم في تنفيذ سياساتها في هذا المجال والعمل يدا بيد مع مؤسسات المجتمع المدني التي تنشط في ميدان الخدمات الاجتماعية والإنسانية فذلك كله حقيق بأن يعزز من ثقة المواطنين وتقديرهم لدوره وأن يحفز الشباب العماني علي العمل فيه الثبات في وظائفه وأن يغرس بذرة الانتماء إلي مؤسساته في نفوسهم الأمر الذي سوف ينعكس إيجابا علي أدائهم الوظيفي التزامهم بواجباتهم وإخلاصهم لعملهم وبالتالي ارتفاع مستوي إنتاجيتهم وبذلهم وعطائهم وبذلك يكون القطاع الخاص رديفا حقيقيا لعمليات التشغيل ولخطط التنمية التي تعدها الجهات الحكومية والتي يستفيد منها هذا القطاع وتعتبر بصورة أو بأخري دافعا قويا له من أجل تطوير أعماله وتعزيز قدراته وتعظيم إمكاناته في مجالات المنافسة المحلية والإقليمية والدولية. مهمة وطنية تضمنت الكلمة رسالة موجهة إلي أبناء الأجيال الجديدة فقد قال السلطان قابوس: هناك كلمة نود توجيهها للشباب العماني بهذه المناسبة وهي أن العمل بقدر ما هو حق فهو واجب وأن علي كل من أتم تعليمه وتأهيله الانخراط في أي عمل مفيد يحقق فيه ذاته ويسعي من خلاله إلي بلوغ ما يطمح إليه وعدم الانتظار للحصول علي عمل حكومي فالدولة بأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية ليس بمقدورها ان تظل المصدر الرئيسي للتشغيل فتلك طاقة لا تملكها ومهمة لن تقوي علي الاستمرار فيها إلي مالا نهاية وعلي المواطنين أن يدركوا أن القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف علي المدي البعيد ومن ثم فلا ينبغي أن يترددوا في الالتحاق به ولا أن يهجروا العمل فيه وفي مقابل ذلك فإن الأمر يتطلب بصفة خاصة تعديل نظام الأجور في هذا القطاع لاسيما في المستويات الدنيا والمتوسطة من وظائفه واعتبار ذلك مهمة وطنية وفاء للبلد الذي احتضنه وخدمة للمواطنين الذين وثقوا فيه وأعطوه من جهدهم وفكرهم الكثير.