لست من عشاق المسرح التجريبي ولا أحب مشاهدة اعماله منذ عرضت فرقة يابانية عملا دراميا استعراضياً بعنوان "الكابوكي" في افتتاح مبني الأوبرا الجديد الذي قامت ببنائه اليابان هدية لمصر كمنحة مكان ارض المعارض القديمة بجوار النادي الأهلي وأمام تمثال سعد باشا زغلول وأمام نادي القاهرة الرياضي بدلا من مبني دار الأوبرا! بالعتبة الذي احترق عن آخره وتحول إلي قطعة فحم منتصف الستينيات فتبرعت الحكومة اليابانية مشكورة ببناء مبني ضخم ومسرحين علي مستوي دور الأوبرا العالمية.. وبمناسبة الافتتاح قدمت اشهر فرق اليابان أوبريت "الكابوكي" وحضره الرئيس الراحل أنور السادات وزوجته جيهان.. وكان عملا نكديا شبع تريقة من الشعب المصري. منذ شاهدت "الكابوكي" علي الشاشة قلت توبة.. ماليش في الاعمال التجريبية حيث يطغي اللون الأسود علي العمل بما في ذلك ستائر المسرح والخلفيات وملابس الممثلين وحتي الكومبارس. لكنني ذهبت طواعية لمشاهدة مسرحية "البيت" علي مسرح الغد "المنسلخ من مسرح البالون" لأنها مأخوذة عن مسرحية الأديب لوركا "بيت برنارد ألبا" وكنت قد درستها في الجامعة وقرأتها قبل الجامعة ضمن سلسلة روايات عالمية التي كانت تصدرها شهرياً وزارة الثقافة بعشرة قروش للنسخة الكتاب وبعد شهرين يباع في اكشاك سور الأزبكية بقرشين فكنت أذهب كل فترة إلي السور واشتري بجنيه مابين اربعين وخمسين كتابا. ذهبت لاشاهد مسرحية البيت وهي اعداد مسرحي وإخراج سعيد سليمان بمساعدة عليا عبدالخالق وسامح أمين وهشام فاروق والديكور والملابس "السوداء النكدية" لفاتن نظير وعلا علي وصبحي عبدالجواد والموسيقي لمحمد الوريث والغناء والتمثيل للمطربة صاحبة الصوت القوي والجميل عزة بلبع التي ظهرت كالصاروخ واختفت وضاعت في الزحام بسبب اشتغالها بالرسم. العمل يعبر عنه عبدالرحيم حسن مدير مسرح الغد متسائلاً هل يستطيع أي منا ان يبوح بما في داخله متخليا عن قناعه المزيف الذي يعيش خلفه.. لندخل بيت لوركا علنا نجد إجابة عن السؤال. العمل لا يتحدد عن فترة زمنية محددة ولا مجتمع بعينه.. هل هو مجتمع لوركا الاسباني.. هل اي مجتمع في الدنيا.. العمل يتناول فترة الحداد التي تصل إلي بضع سنوات ترتدي فيه البنات ملابس الحداد الأسود ولا يخرجن من باب البيت ولا يفتح الباب أو الشباك طوال فترة الحداد وتنفذ الأم الشريدة الشرسة عزة بلبع التعليمات علي بناتها العوانس الخمس وتمنعهن من الزواج وحتي من الحب وتكتشف ان بناتها لهن جميعا حبيب واحد هو ماهر الذي تحبه بجنون الابنة الصغري الممثلة الشابة الجميلة نورهان التي تشنق نفسها حزنا عليه ظنا ان أمها اطلقت عليه الرصاص لكن الطلقة لم تصبه. لا تخلو المسرحية من بعض الكوميديا الخفيفة للتصرفات التلقائية من الجدة المطربة ليلي جمال. أروع مافي هذا العمل "التجريبي" هي الخلفية الموسيقية التي تعزفها عازفة الفيولا الماهرة المبدعة الجميلة رشا يحيي المدرس المساعد بالكونسرفاتوار وهي بالمناسبة خريجة اعلام عين شمس. ابدع في أداء الأدوار عبير عادل ومي رضا بدور جيهان سرور وفاء سليمان أمل ابورجيلة.. عمل صعب لكنه يستحق المشاهدة.