لدينا أسماء لامعة.. وقمم كبيرة.. وفرسان حقيقيون في بلاط مهنة صاحبة الجلالة.. وهي الصحافة.. منهم من رحل عن دنيانا. ومنهم من مازال يواصل مسيرة العطاء في العمل الصحفي. وقد تركوا بصماتهم واضحة وجلية علي طريق الصحافة المصرية. وصنعوا تاريخها من خلال أعمدتهم ومقالاتهم وكل فنون مهنة القلم والكلمة التي مارسوها في مشوارهم الصحفي. هؤلاء الكتاب الصحفيون يتكلمون بأقلامهم أكثر مما يتكلمون بألسنتهم. والكملة عندهم لها قدسيتها ووزنها ويكتبونها بحساب شديد ويعرفون كيف ينتقون اللفظ. وكيف يصوغون المعني وهم أوفياء لوطنهم ويحسون بكل صراحة ويستوعبون بقلوبهم وعقولهم كل مشاكله وقضاياه وهمومه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية ويلتقي بهم القراء علي صفحات الجرائد والمجلات ويرتبطون بهم وجدانياً ومعنوياً لأنهم يعيشون لرسالتهم ويعكسون نبض الجماهير ويجعلون من مهنتهم رسالة وطنية ورسالة قومية وآراؤهم يطرحونها نتيجة حصيلة وفيرة من الاطلاع الواسع والخبرة والمعرفة.. والصحافة بالنسبة لهم ليست مجرد عمل وارتزاق وأكل عيش. فهم يهبون لها جهدهم وعرقهم وعمرهم. وكل هدفهم تقديم الحقيقة والمعرفة للقارئ واكتساب ثقته لا أكثر ولا أقل.. وما نود أن نشير إليه أن الصحفيين الذين بلغوا سن الستين قد أمسكوا بكل خيوط أقسام التحرير الصحفي المتعددة والمتنوعة. وأصبحوا ثروة فكرية هائلة بالممارسة الفعلية لكل جوانب المهنة وتتسم كتاباتهم بالإبداع والإمتاع. وهم أساتذة وقدوة ومدرسة للأجيال الحاضرة والمستقبلية يعطونهم خبرتهم العملية وتجاربهم الصحفية. لكن الأمر المؤسف والمؤلم أن المجلس الأعلي للصحافة قرر مؤخراً إحالة الصحفيين بالمؤسسات الصحفية القومية الذين بلغوا سن الستين إلي المعاش.. مما يعني حرمان الوطن من هذه الثروة الوطنية الفكرية وإطفاء شموعهم بحجة إفساح المجال للصحفيين الشبان. ولكننا نقول إننا لا نعترض علي إفساح المجال لأبنائنا بل إننا نؤمن بهم ونشجعهم علي المضي قدماً في دروب هذه المهنة العظيمة. لأنهم هم الذين سيحملون أمانة الكلمة بعدنا. ويكملون مشوار مهنة القلم. وسيكونون في المستقبل نجوماً تسطع في سماء الصحافة ويتحملون مسئوليتها ويحافظون علي كبريائها وجلالها.. ولكننا في الوقت نفسه لا يجب أن نفرط في شيوخ المهنة وأصحاب الرأي والفكر الذين أفنوا حياتهم في خدمتها.