جيش الاحتلال: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الإثنين بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    خبير اقتصادي: سيناريو يوم القيامة ووصول الدولار إلى 70 جنيهًا لن يحدث (فيديو)    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 7 يوليو 2025    «الصحفيين»: لجنة المشتغلين الجديدة يومي 16 و17 يوليو الجاري    كيريل دميترييف: مجموعة البريكس تمثل حوالي 40% من الناتج المحلي العالمي    «رغبة اللاعب».. الغندور يكشف سبب تعثر مفاوضات رحيل نجم الأهلي    الزمالك يتحرك لضم مدافع منتخب مصر.. خالد الغندور يكشف    «بقيادة أجيري».. منتخب المكسيك يحرز لقب كأس الكونكاكاف الذهبية على حساب أمريكا    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية 2025    بعد أنباء رحيله.. وسام أبو علي يحير الجمهور بهذه الصورة    موجة حارة تتجاوز ال 42.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين    ياسمين الخطيب تهاجم مها الصغير: «سرقة واستسهال.. كده كتير»    دنيا ماهر تتحدث عن قُبلة عادل إمام لها في «عوالم خفية» (فيديو)    عليك تقدير ما تملك.. حظ برج الدلو اليوم 7 يوليو    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    إدوارد ينهار من البكاء: «حقن التخسيس دمرتني« (فيديو)    يفاقم حالات مرضية بعضها مزمنة.. خبراء تغذية يحذرون من «غمس البسكويت في الشاي»    تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    هيئة التأمين الاجتماعي توضح شروط الحصول على معاش ربات البيوت    أمير هشام: الاهلي لم يفكر مطلقا في ضم حجازي    مدرب الزمالك السابق: شيكابالا لديه عقلية انتصاريه وأي مدرب يتمنى تدريبه    أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شئ للزمالك وتجديد عبدالله الصفقة الأفضل    "ملف اليوم" يناقش مفاوضات التهدئة في غزة.. تحرّك أمريكي وتساؤلات حول فرص النجاح    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    حملات للكشف عن تعاطي المخدرات لقائدي المركبات بكفرالشيخ    وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره البريطاني المستجدات في المنطقة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع تابعة لحزب الله في لبنان    حريق ضخم في مصنع بطاريات قرب مدريد يستمر ليومه الثالث    شاهيناز تطرح أحدث أغانيها "سوا" على يوتيوب    الإمارات تنفي منح الإقامة الذهبية للمستثمرين في العملات الرقمية    تعرف على خطوات التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 7-7-2025 في محافظة قنا    طريقة عمل الآيس كوفي منعش ولذيذ في الطقس الحار    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    وزير خارجية فرنسا ل نظيره الإيراني: نطالب بالإفراج الفوري عن مواطنينا المحتجزين    سرقوا توكتوك وصاحبه تحت الإكراه .. محاكمة لصوص مدينة نصر أمام الجنايات    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي وُلدت كبديل للطغيان والفساد    عن "دار العلوم" العزيزة أتحدث    وفاة فتاة عشرينية متأثرة بإصاباتها في حادث طريق "بلبيس - مسطرد"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة فيديو الجيزة المثير للجدل    المرور في ثوب جديد.. تطوير شامل وتحول رقمي لخدمة المواطن    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بطور سيناء استعدادًا لبدء التشغيل (صور)    المغرب    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويجري عمرُنا بين عمرين
نشر في جود نيوز يوم 04 - 01 - 2012


1
خرجت أحب صديقاتي من الفيسبوك لفترة فاكتشفت أن لوجودنا ألواناً تختلف درجاتها حسب وسيلة التواصل. فرغم أننا على اتصال صباح مساء، ونلتقي دوريا، وأشعر بها وتشعر بي بصدق أقرب ليقين الإيمان، إلا أنني افتقدت حضورها على الفيسبوك. افتقدت ستيساتها الشاعرية ولو كانت حزينة، وطريقتها في التعليق واختياراتها في الأخبار والأغاني والصور والآداب. ويومها عرفت أن هذا الحضور لم يكن أبداً افتراضياً، وأننا وإن توحد لوننا -وهو شيء مستحيل- فستظل هناك درجات تتفاعل مع الشمس وأخرى لا تزهو إلا حين أفولها، ودرجات لا تبدأ حياتها إلا إذا جنّ الليل!!
2
قال لي أحد الأصدقاء متعجباً، كيف يمكنك أن تكوني متشابهة إلى هذا الحد؟ لم أفهم.. يشرح: كيف يمكن أن تكون دعاء الحقيقية تشبه دعاء التي على الفيسبوك؟
جاء دوري في الاستغراب والسؤال: ما المطلوب مني يعني؟
قال: أن يكون الإنسان حقيقيا بهذه الدرجة شيء خطير.. احمي نفسك يا بنتي واتلوني!!
فسألته ساخرة ساخطة: هل الأصل أن يكون الإنسان مزيفاً؟
رد: مصرة تظلّي كما أنتِ.. لن تتعملي أبداً.
3
لم أكن أعرف أبداً أن الدنيا واسعة ومتلونة بهذا القدر، ورغم أنني أحب الألوان وأتفنن في التوفيق بينها فيما ألبس، لكنني لم أحب أبداً الألوانَ التي تبديها لي الدنيا إن أدرتُ لها ظهري. ولم أكن أعرف ونحن على باب عام 2011 أنه سيجمع كل الألوان التي عرفناها وقرأنا عنها في الناس والأحداث والمصائر، وأنه سيرينا ألوانا أخرى لم نتخيل أبداً أن نراها؛ كالأبيض العجوز المستلقي على السرير بعد أن كان رئيساً لا يهمه أن يتعثر بني آدم بجانبه أو يموت آخرون في العبّارات، والأزرق المغرور الذي يمشي بخطوات عسكرية منضبطة ويدخل المحكمة كأنه يدخل بهو مكتبه في وزارة الداخلية!! لكن عرفت، وتفاجأت، واهتززت، وسعدت، وصدمت، وأحياناً حزنت حتى ضاقت بي العبارة والفهم في الفترة الأخيرة وهالني ما يحدث لنا في مصر. أشارك كالعادة بنشر الأخبار والشجب والتعليق واللجوء إلى الله، وصرت أعيش بين الصفحات وصباحي لا يبدأ دون ستيتس وحياتي تمضي كالوميض. لكنني لم أجد بي طاقة كافية للاستمرار. فأقرر دون تردد إغلاق صفحتي على الفيسبوك وأبلغ مَنْ سيقلقهم غيابي بعد أن انسحبت بالفعل. وأنفصل تماما عن كل وسائل الإعلام والأخبار وأهمس: "أحبك يا مصر لكنني في حاجة لإعادة شحن لكي أحبك أكثر".
4
تداهمني مع حالة الاكتئاب والقلق رغبة للتجديد لكنني أضع شرط إنقاص وزني أولاً. فألجأ للإكسسوارات مؤقتاً، وأقلب أدراجي فأجد ساعاتي التي لم أعد أرتديها منذ أن دخل الموبايل حياتي. أتذكر أول ساعة اشتراها لي أبي، كم كانت رقيقة، بمعصم جلد هافان، مستديرة، ومينا مذهبة ونقاط الأرقام كريستال. علمتني قراءة الوقت دون أرقام، وتعلمت أن أوجهها للشمس بزاوية معينة لأصنع بها دوائر بألوان الطيف، تنعكس على أي سطح مقابل. أقلب ساعاتي القديمة وألمس معصمي براحة يدي الثانية وأعدني أنني سأشتري لكل منها حجارة لكي تعاود حساب الوقت.
5
أقابل أخي الحبيب الذي يدرس بالخارج على السكاي.بي، أسأله ماذا تفعل وماذا ستفعل، يجيبني بالساعات والدقائق. يسألني ماذا سأفعل، أجيبه بالأيام! فيلومني على فرص حياة أضعتها ويطلب مني أن أفكر وأتحرك للأمام دون أن أندم أو أتشبث بما فات وإن خفت أو اعتقدتُ أنه الأجمل ولن يحدث لي مثله.
6
تمر الأيام وينسحب القلق تدريجياً بعد إغلاقي حساب الفيسبوك. ويتوفر لي وقت جميل للقيام بأشياء واتصالات ملموسة غير الكومنت واللايك! ويتبقى لي أنا وقت فأمارس أنشطة افتقدتها. وأعيد مشاهدة فيلم كرتون (وال إي) بعد أن كدت أنساه، تلك التحفة الفنية المدهشة الصادمة. أركز مع الخلفية الموسيقية وكلمات الأغاني المصورة والمقتطف بعضها من فيلم "هالو دوللي"، أغاني لبني آدمين من لحم ودم تعمل كخلفية في فيلم كرتون!! أقع في حب (وال إي) بطل الفيلم الكرتوني، وهو الروبوت المكلف بجمع النفايات التي أغرقت كوكب الأرض. وأتأثر بنظراته الحانية ل(إيف)، الروبوتة التي أرسلها أهل الأرض المستعمرون للفضاء في مهمة استكشافية بحثا عن أي فرصة للحياة من جديد. وأتعجب من حُبي للحظة التي يحاول كلاهما التعرف إلى الثاني مع نطق اسمه متكسراً بصوت آلي مضحك!! أكرر المشهد مرسلة تحية وتقديرا لرسامي الفيلم ومحركيه وستديو بيكسار كله. وأتذكر السمايليز التي نرسمها في الشات والفيسبوك بينما -ربما- نكون نبكي أو -على الأقل- لا نهتم، أين مكانها يا ترى مِن هذا الصدق المذهل الذي أجده من آلتين في فيلم كرتون من تصميم الإنسان؟ وكيف حرمنا ذلك الإنسان الحديث من تعبيرات جميلة تهطل شفافة من وجه من صنع الله؟؟!!
7
لا أنكر أنني أفتقد عالم الفيسبوك خصوصاً الستيتس. فأفكر في بدائل للتعبير، أطيل الجلوس مع أسرتي، وأفتح ووردفايل وأسميه (ستيتس) وأكتب فيه كل ما يجول بخاطري في حينه. لا ألتزم بالبساطة وحدود العبارة التي تفرضها عليّ خانة الستيتس، فأتدفق وتتحول بعض الستيتسات إلى هيكل لقصة قصيرة، أقرأها على من يهمهم سماعي. فيأتيني تعليقهم دافئاً كصوتهم وحبي لهم وليس صامتا كعلامة اللايك. ويحيلني إحساسي بافتقاد نشاطي على الفيسبوك إلى سؤال: كيف كان حالك وحياتك قبل هذا الكائن الذي صار لكِ عليه عمرُ تهتمين به لكنه يختلف عن عمرك الذي يجري دون أن تلتفتي إليه؟
أتذكر.. وأشعر بالتحرر وأنا غير آبهة بكيف يجرى الحوار حول موضوع مطروح للنقاش ويشغل الناس، وإلام آلت التعليقات وكيف تطورت وماذا قال فلان الليبرالي وفلانة الشعنونة وفلان الإخواني. وأكتشف أن خانة الأصدقاء في حاجة لإعادة تعريف، فعليها -في الفيسبوك- زملاء لا يجمعنا شيء غير تلك الخانة وبعض اللايكات والتعليقات، لكنهم صاروا أصدقاء عندما خرجت من الفيسبوك!! كيف إذن هو موقع اجتماعي ولا يتيح لنا أن نعرف بعض حقاً؟؟!!
8
أشاهد فيلم In Time الذي عُرض حديثاً في السينمات. اختطفتني الفكرة التي تدور حول وقت يتوقف فيه نمو الإنسان عند الخامسة والعشرين لكنه يدفع ثمن ما يأكل ويسكن وحتى المواصلات من ساعات عمره المكتوبة في عداد على ذراعه!! يناقشني أحد الأصدقاء فيه قائلا إنه فانتازيا، أعترض، بل هو واقعي والفكرة حقيقية لكن وسيلته لتجسيد الفكرة المجردة لا بد أن تخرج في شكل فانتازيا. أقول له إن الغطاء الحقيقي لكل عملات الدنيا الصعبة هو عمر الإنسان، هو الوقت، وليس شيئا آخر لكننا لا ندري أو ربما ندري لكننا لا نعتبر.
أترى مارك زوكربيرج كان يعلم حين أنشأ موقعه أنه سيستثمر ساعاتنا وملامحنا ويحوّل هزائمنا وابتساماتنا إلى دولارات؟!
أتوقف في الحديث عن الفيلم عندما تذكرت المشهد الذي لا تجد فيه والدة البطل في عداد عمرها على ذراعها وقتاً كافياً لتدفع أجرة المواصلة التي ستقلّها إلى المطعم الذي اتفقت أن تلاقي فيه ابنها فتجري بسرعة وتقضي نحبها بينما هو يسابق الثواني لعله يلحق أن يلمس معصمها ويعطيها من عمره الذي اكتسبه مؤخراً زمناً..! ألمس معصمي الخالي من الساعات وأضمه إليّ. وأهمس: كم ضاع وقتٌ ونحن نعيشه خطأ، ووقت ضاع ونحن نبحث عن مصارف ننفقه فيها، ووقت مضى ونحن ننتظر الوقت!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.