أكد الرئيس الألماني كريستيان فولف في خطابه السنوي بمناسبة عيد الميلاد أن بلاده ترفض العنصرية بشكل قاطع، ممتدحا الشعب الألماني الذي يبدى استعداده دائما لمساعدة الآخرين. ويأتي خطاب الرئيس الالماني هذا العام مؤكدا علي هذا المنحي بعد ان هزت المجتمع الالماني جريمة عنصرية مروعه بطلها كالعادة اليمين المتطرف. الجريمة التي هزت المجتمع الالماني واعادت الي الاذهان ذكريات تاريخ قديم يحاول التملص منه تكشفت خيوطها عندما انفجرت قنبلة في احد المنازل المؤقتة بمدينة تسفيكاو شرق المانيا ليعثر رجال الشرطة علي اثنين من اعضاء منظمة متطرفة من النازيين الجدد وقد انتحرا باطلاق الرصاص علي رأسيهما واحرقا بيتهما المؤقت، أما شريكتهما فقد سلمت نفسها ، وبعد ايام اعتقلت الشرطة شخصا رابعا على خلفية ارتباطه بالعصابة. عودة النازيين الجدد وبعد التحقيقات والعثور علي ادلة مسجلة تأكدت السلطات ان العصابة تنظيم يميني مسلح( كاميراد شافتن) يستهدف الاجانب وعلي مدي عشر سنوات قتل اكثر من 10 اتراك وقام بالسطو علي 14 بنكا في مختلف انحاء ألمانيا. وكانت المانيا قد عانت من جرائم جماعة اليسار الرديكالي المسلح ( بادر ماينهوف) في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وهي تقف الان مذهولة أمام جرائم اليمين المتطرف ( كاميراد شافتن) الوريث الطبيعي للنازية التي دمرت ألمانيا قبل أكثر من ستة عقود، وهناك ايضا تهديدات الإسلام الراديكالي . ويعتبر الاتراك وهم اكبر جالية مهاجرة في المانيا الهدف الاول للمنظمات اليمنية المتطرفة في المانيا أو حليقو الرؤس واغلب الضحايا دائما تكون من ذوي الاصول التركية او المسلمين بشكل عام، ويتركز نشاط المنظمات اليمينية في شرق وجنوب البلاد. إلا ان الكارثة التي كشفت عنها التحقيقات ان سلطات المخابرات وبعض السياسيين كانوا يعلمون بنشاط هؤلاء المتطرفين منذ فترة طويلة ويغضون الطرف عنهم ، الا ان قيامهم بقتل شرطية حاولت اعتراضهم خلال الايام الماضية هو ادي الي الكشف عن هذه المنظمة الاجرامية. الرئيس الالماني ألقي خطابه الي الشعب الالماني وحوله نشطاء اجتماعيون من كافة انحاء العالم، بهدف توصيل رسالة الي الشعب والعالم بأن الالمان ليسوا عنصريين. وطالب كافة اطياف الشعب العمل علي تماسك المجتمع والانفتاح على الاخرين. هل الشعب الالماني عنصري..؟ العديد من التساؤولات تثار الآن حول وجود ظاهرة العنصرية في المجتمع الالماني وهل هي في ازدياد ام تراجع. الدراسات الحديثة تشير إلى تراجع هذه الظاهرة بشكل ملحوظ، لكن البعض يرى عكس ذلك. محمد امجاهد صحفي مغربي يعمل في صحيفة سينث في برلين يرى ان الظاهرة موجودة في المجتمع الالماني ولم تتراجع بدليل الجريمة الجديدة التي تكشفت عنها. ويري ان الخطاب الرسمي هناك انكار وكذلك القانون في المانيا يجرم الاعمال العنصرية. ويضيف امجاهد، الذي التقته جود نيوز خلال مسيرة ضمت اتراك وألمان أمام البرلمان الالماني لتأبين ضحايا النازيين من الاتراك، ان عشر سنوات من الجرائم وهناك صمت رسمي فهذا يعني ان العنصرية مازالت ضاربة في الجذور، وهناك احزاب في البرلمان تدعم هذه المنظمات المتطرفة. الدرسات تشير الي تراجع الظاهرة معهد "ألنس" للابحاث اجري استطلاعل للرأي عام 1984 لمعرفة رأي المواطنين في ألمانياالغربية حول إقامة الأجانب في بلادهم، أكد 79 % منهم أن عدد الأجانب المقيمين في بلادهم أكثر مما ينبغي. وبعد مرور 25 عاماً قام المعهد بإجراء مسح آخر في ألمانيا الموحدة، أظهرت نتائجه أن 53 % فقط يرون أن عدد الأجانب المقيمين في بلادهم أكثر مما ينبغي. المثير في الأمر أن عدد الأجانب قد شهد ارتفاعا في المناطق، التي أجريت فيها الدراسة من حوالي 7 % إلى ما يقارب 10 %. العوامل الاقتصادية والنفسية تلعب دورا العديد من المحللين يرون ان التناقض بين نتائج الدراسة والواقع الفعلي يعود لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي وبالتطورات المجتمعية وبالعوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة بالتعصب الفكري والسلوكي. فمثلا عندما يكون هناك انتعاشا اقتصاديا يكون رأي الالمان ايجابيا اما عندما يكون هناك تقلب اقتصادي وتزايد البطالة فالناس دائما تبحث عن كبش فداء وبالتالي تكون الاراء والسلوك اكثر عنصرية. وفي نفس السياق اجرت جامعة بيليفيلد، استطلاعا لرأي الألمان على مدى سنوات طويلة، وكشف الاستطلاع عن أنخفاض عدد الألمان، الذين يرون أن عدد الأجانب المقيمين في بلادهم أكثر مما ينبغي ما بين عامي 2002 و2011 من حوالي 55 % إلى 44 %. ويقول أندرياس تسيك أحد المشاركين في الدراسة: إن "ظاهرة كره الأجانب تميل إلى التراجع". ويضيف: "لكننا إذا ما نظرنا إلى السنوات العشر الماضية، سنلاحظ أن هناك ارتفاع بين الحين والآخر". الدستور الالماني ينص علي المساواة وعدم التمييز وبامكان اي شخص يتعرض للعنصري التوجه الي القضاء او احدي المنظمات المناهضة للعنصرية لمقاضاة من يقوم بالتمييز. وفي المقابل يري محمد متولي أو "البمبوطي" وهو مصري مقيم في المانيا منذ اكثر من عشر سنوات ويعمل في تجارة اصواف والمشغولات اليدوية، انه يحصل علي كافة حقوقه مثله مثل الالمان ولايشعر بأي اضطهاد او تمييز. "قضية الاندماج اكذوبة" وعلي الرغم من ذلك اثبتت دراسة أجراها معهد بون لدراسة مستقبل العمل IZA، أن من يحمل اسماً ألمانيا لديه فرصة أفضل بنسبة 14 في المائة مما يحمل اسماً تركياً. وتقول نورهان يغيت التي تعمل لدى منظمة مناهضة العنصرية في برلين "هناك اعتقاد سائد في ألمانيا أن المهاجر سيصبح جزءاً من المجتمع الألماني إذا اجتهد وكافح وأكمل تعليمه"،. "غير أن هذه أكذوبة".