أثار خطاب محمود عباس أبو مازن الرئيس الفلسطينى الذى ألقاه أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، والذى اتسم بالكثير من الواقعية والإنسانية، عاطفة كتلة كبيرة من العالم. وذلك على الرغم من عدم رضا إسرائيل بالتبعية عما ورد به، إلا أنه نجح فى إحداث حالة من بث الأمل مرة أخرى فى نفوس الفلسطينيين الذين تمر عليهم هذه الأيام وأياديهم على قلوبهم متمنيين قبول دولتهم عضوا بالجمعية العامة للأمم المتحدة، والاعتراف بها دولة مستقلة ذات سيادة وطنية موحدة. أكد يونس الكترى المؤرخ الفلسطينى وأحد مؤسسى منظمة التحرير الفلسطينية، أن إعلان قبول عضوية الدولة الفلسطينية فى الأممالمتحدة تم بتصفيق حضور الجمعية العامة اليوم أثناء إلقاء للرئيس محمود عباس أبو مازن لكلمته، بعد أن صفقوا إليه أكثر من 13 مرة. وأوضح الكترى أن عباس كان موفقا فى كلمته، وأثار عاطفة المجتمع الدولى مع الشعب الفلسطينى الذى عانى على مدار أكثر من 60 عاما. وكان من الملاحظ أن أبو مازن تحدث عن استمرار المقازمة الشعبية دون إسقاط للغصن الأخضر، وهو ما كان يطالب به دوما الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات. وهو الأمر الذى اتفق معه فيه عبد الغفار شكر المفكر والكاتب اليسارى، والذى توقع أن يكون تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح فلسطين، مؤكدا ما ذكره الكترى بأن المشكلة ستبدأ بإحالة ملف الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة وعضوا بالجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، نظرا لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستستخدم آنذاك حق الفيتو بعد أن أعلنتها صراحة. وأشار شكر إلى أن مجرد خطوة تصويت الجمعية العامة بالأممالمتحدة بالموافقة على قبول عضوية فلسطين كدولة مستقلة، خطوة مهمة، تعطى دفعة معنوية للقضية، وتثبت أنها مُحتضنة من شعوب العالم الحر، ولكنها لن تحسم القضية على أرض الواقع، وإنما الإرادة الشعبية الفلسطينية هى التى ستساهم فى حسم القضية بشكل فى صالح الفلسطينيين. فيما أكد السفير أحمد فتحى أبو الخير مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الحد الأدنى الذى سيلقى قبول، هو الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبا فى الأممالمتحدة، وبذلك يكون الفرق هو أن فلسطين أصبحت "دولة مراقبة" فى الأممالمتحدة، بدلا من كون منظمة التحرير هى المراقب بالأممالمتحدة فى السابق وليس الدولة. ونبه الكترى قائلا "أنا كفلسطينى حذر مما أورده أبو مازن فيما يتعلق بقضية اللاجئين، لأنه تحدث عن صناعة الربيع الفلسطينى، كما لو كان لسان حاله يقول كفى عذابا للاجئين، دون أن يطرح حلا عادلا شاملا لهذه القضية المهمة. وفى رأيى أن الحل العادل لهذه القضية هو "حق عودة اللاجئين" بعد أن تم إجبارهم على هجر بيوتهم دون ذنب". وأشار الكترى إلى اعتقاده بأن أمريكا لن توصل عضوية فلسطين للتصويت، وإنما ستحاول جاهدة الى تأجيلها لحين الانتهاء من إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما أكد الكترى أن الخطاب يقينا سيكرس حالة الانقسام الفلسطيني، وكان يجب على عباس أن يكرس الوحدة الفلسطينية قبل إلقاء هذا الخطاب الذى شدد فيه على أن الشرعية الوحيدة الرسمية الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية. بينما استبعد شكر أن تسعى حركة حماس إلى توسيق نطاق الخلاف بعد خطاب أبو مازن، خاصة هذه الأيام، لأن الظروف ليست فى صالحها سواء إقليميا أو دوليا. وأكد أبو الخير أن خطاب أبو مازن سيجدد الخلافات بين حركتى فتح وحماس، مشيرا إلى ضرورة النظر إلى الأمر نظرة واقعية، حيث إنه إزاء المصاعب التى تواجه الرئيس الفلسطينى بشأن انتزاع الاعتراف الأمريكى بالدولة الفلسطينية عضوا بالجمعية العامة بالأممالمتحدة، وتردد بعض الدول الغربية فى آرائهم فى هذا الصدد، فإن كل ذلك يخفف من قوة الطلب الفلسطينى المطالب بالاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، وسيزيد من تردد الدول الغربية المترددة.