قالت وكالة رويترز للأنباء إن هناك قوى إقليمية كثيرة أصبحت تتقاسم أدواراً كانت حكراً على مصر، بما يخلق حالة من "الحسرة" لدى المصريين، مشيرة إلى أن الجمود الذى تعانى منه القاهرة دفع قوى أخرى وصفتها بأنها "أكثر حيوية" إلى سطح الأحداث. تجولت الوكالة فى عدة مناطق مختلفة فى مصر، بداية من وسط البلد، إلى منتجع بالم هيلز، مروراً بالريف المصرى، ورصدت آراء المواطنين فى هذه المناطق، لإعداد تحليل عميق عن "تراجع الدور المصرى فى المنطقة" تحت عنوان (انحسار دور مصر فى المنطقة.. الأسباب والأبعاد)، أجرت فيه مقارنة بين النفوذ المصرى فى المنطقة ونظيره التركى... وعرضت له المصري اليوم في عدد الأربعاء. بدأت الجولة من مقهى (بيومى) فى وسط القاهرة، واكتظ بمشاهدين يشكون بصوت عال من تحيز الحكم وهم يتابعون مباراة ودية فى كرة القدم فاز فيها المنتخب القطرى على نظيره المصرى بهدفين مقابل هدف الأسبوع الماضى، ومع اختفاء صوت المعلق التليفزيونى على المباراة وعودة رواد المقهى للعب الطاولة، طرح البعض سؤالاً محرجاً بشأن مصر التى تفتخر بأنها قوة إقليمية بارزة هو: "لماذا فازت قطر التى تحتل المركز ال 114 فى تصنيف الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) باستضافة بطولة كأس العالم عام 2022، لتكون أول دولة فى المنطقة تنظم البطولة، بينما لم تحصل مصر على صوت واحد عندما تقدمت لتنظيم بطولة 2010". تنهد بيومى، صاحب المقهى، وهو يتذكر أيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقال: "ليس لقطر ما لمصر من تاريخ، لكنّ لديها رؤية ومالاً وهدفاً حتى تكون زعيمة بين دول المنطقة.. كانت مصر تملك رؤية وقوة فى عهد عبدالناصر، وكانت أكثر استقلالا من قطر الآن التى توجد بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط، لكن مصر لم تعد تملك رؤية، بل فيها فقط مسؤولون يهتمون بأنفسهم". واحتسى الحاج مسعود 67 سنة الشاى وهو يتحسر على تراجع نشاط مصر، وقال: "قطر جديدة فى كل شىء، فى الدبلوماسية، والتاريخ، والثروة.. لمصر تاريخ طويل فى كل هذه المجالات لكن شعبها مشغول للغاية بالكدح لكسب العيش". وتتمتع دول أخرى غير عربية فى الشرق الأوسط، مثل تركيا وإيران وإسرائيل، بقوة أكبر من مصر هذه الأيام وإن اختلف البعض فى هذا، بينما تتفوق السعودية والإمارات، عملاقا النفط، على مصر ماليا، بل إن دولة صغيرة مثل قطر أضحى بإمكانها أن تقوم بدور على الساحتين الدبلوماسية والرياضية اللتين كانت مصر تهيمن عليهما فى المنطقة فى يوم من الأيام. ونقلت الوكالة عن المحلل السياسى اللبنانى، رامى خورى، قوله إنه يرى أن مصر ليس لها تأثير فعلى، وربط بين تراجع نفوذ مصر، وزيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس عام 1977 لصنع السلام مع إسرائيل، فعندها لم يعد العالم العربى يسير خلف قيادة مصر. ورأت الوكالة أن مصر كانت القوة العربية الكبرى دون جدال، ففى الخمسينيات والستينيات كان عبدالناصر يلهب حماس العرب بتحديه قوى الاستعمار وعدائه لإسرائيل، وبحديثه عن القومية العربية والاشتراكية، وكانت القوى الغربية تكرهه مثلما تكره الآن الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد، وخطاب المقاومة الذى يردده. وتقول رويترز: لتوضيح مدى انحسار الدور المصرى فمن المجدى النظر إلى تركيا التى حولت نفسها من بلد عاجز اقتصاديا يقع على حافة أوروبا إلى سوق ناشئة وقوة إقليمية صاعدة، ويتوقع صندوق النقد الدولى أن ينمو الاقتصاد التركى الذى يساعده الاستقرار السياسى والإصلاحات الصديقة للسوق بمعدل 7.8% العام الجارى، ليصبح واحدا من الاقتصادات صاحبة الأداء الأفضل فى العالم، وتفوق النسبة التوقعات بالنسبة لمصر، حيث يتوقع أن ينمو الاقتصاد المصرى 6% فى العام المالى الجارى، وهى نسبة أفضل من 5.1% العام الماضى. ولا يقتصر الأمر على الاقتصاد فحسب، حيث خلص استطلاع للرأى أجراه معهد بروكينجز العام الجارى، إلى أن العرب يحبون رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان أكثر من أى زعيم آخر فى العالم، وحققت تركيا فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية الذى ينتمى إليه أردوجان، والذى يتولى السلطة منذ عام 2002، علاقات أقوى فى مجالى التجارة والأعمال مع الدول الإسلامية.