لم تقف مهزلة انتخابات مجلس الشعب لهذا العام التي وصفها رفعت السعيد رئيس حزب التجمع "بأنها الأسوء في تاريخ الحياة النيابية " عند حد البلطجة وتقفيل الصناديق وترويع رؤساء اللجان وبيع الأصوات، بل وصلت المأساة إلى حد النصب على الفقراء الذين يبيعون أصواتهم لقاء مبالغ زهيدة لسد احتياجتهم فتكون النتيجة بعد اتمام عملية البيع أنهم لا يحصلون على أبيض ولا إسود. رصدت المصري اليوم في عددها الصادر اليوم الثلاثاء بعض الأوجه القبيحة لهذه المهزلة، ومن بينها مأساة المواطن عبدالعظيم عبد المؤمن الذي وقف صباح الأحد وسط العشرات من الرجال والسيدات منتظراً دوره فى الدخول إلى اللجنة، للإدلاء بصوته، وقال: "دخلت انتخبت المرشح اللى قالوا لى عليه، وغمرت أصبعى فى الحبر، وخرجت بعدها كى أحصل على ال50 جنيها من المندوب، لكنى لم أجده، وبحثت عنه لمدة 3 ساعات متواصلة، حتى وجدته، فطلبت منه الفلوس، لكنه طلب منى الانتظار قليلاً، وانتظرت لمدة ساعة آخرى، فى ضوء وحرارة الشمس أمام باب المدرسة، وعندما شعرت بالتعب والدوخة صعدت من جديد إلى الجبل (ولا أخدت أبيض لا إسود)". فهل كانت ورقة فئة الخمسين جنيها تستحق كل هذا العناء الذي تحمله عبدالعظيم عبدالمؤمن 58عاما واستيقاظه مع آذان الفجرلبيع صوته لمن لا يستحق بعدما صلى الفجر! بالنسبة للمواطن "عبد العظيم" كانت الخمسين جنيها تستحق كل هذا وربما أكثر لأنه كان قد خطط أن يستغل المبلغ لتوفيربعض أنواع الخضار و2 كيلو هياكل دواجن، أو كما وصفها "عفشة فراخ"، بالإضافة إلى بعض أكياس السكر والشاى "اللى هيعمر بيها البيت". لم يختلف حال عبدالعظيم كثيراً عن أهالى "خير الله"، الواقعة فوق جبل "إسطبل عنتر" بمنطقة مصر القديمة الذين وعدهم مرشح الدائرة بحصول كل منهم على 50 جنيها، نظير صوته. عرف عبدالعظيم بموعد الانتخابات قبلها بثلاثة أيام، عندما قابل فى مسجد العزبة بعد الصلاة أحد أنصار المرشح، واقتنع وباقى أهالى العزبة ببيع أصواتهم مقابل 50 جنيها للصوت، وقال: "طلب منا أحد أنصار المرشح بطاقاتنا الشخصية، لإدخالها على أجهزة الكمبيوتر، ومعرفة لجان وأرقام قيد كل ناخب منا، كى ندلى بأصواتنا لصالحه". عادت بطاقة الرقم القومى لعبدالعظيم، ومعها بطاقته الانتخابية، بعد أن اتفق معه مندوب المرشح على الاستيقاظ مبكراً، وقال: "صحيت أنا ومراتى فى اليوم ده بعد أدان الفجر، فطرنا وشربنا الشاى، وانتظرنا الميكروباصات اللى جت لينا الساعة 8 الصبح، وفضلنا محبوسين فيها لحد أدان الظهر، بعدها اتحركت بينا ونزلت من فوق الجبل لحد مدرسة (فؤاد جلال)" حيث باع صوته للمرشح إياه ليفاجأ بعد ذلك أن مندوب المرشح ضحك عليه! عبد العظيم عبد المؤمن: ربنا كبير ومابينساش حد رغم عودة عبدالعظيم إلى منزله بخيبة الأمل فى الحصول على الخمسين جنيها، التى وعده بها المندوب، فإنه على يقين بأن "ربنا كبير ومابينساش حد"، وقال: "إحنا اتعودنا على كده من المرشحين اللى مابنشوفهمش بعد ما ينجحوا، بدليل أن العزبة ناقصة خدمات كتيرة زى مياه الشرب، اللى بنشتريها بالجردل من عربيات كارو اللى مش عارفين مصدرها إيه، ده غير إن كل مجارى العزبة على طرنشات، وتتسرب منها المياه للمنازل، ده غير الرائحة الكريهة اللى بتطلع منها طول اليوم على البيوت والشوارع، والزبالة اللى مالية الشوارع، وفى كل مرة يوعدونا بحل جميع مشاكلنا، وبعد ما ينجحوا، مابيسألوش فينا لدرجة أن واحد منهم قال لينا بصريح العبارة: "إنتو إنتخبتونا ببلاش..إحنا اشترينا أصواتكم بالفلوس.. وأخدتوا حق المشوار". كان عبدالعظيم يبيع السمك على عربة كارو يمتلكها، وكان يتجول بها فى شوارع العزبة، قبل أن يجبره المرض على الجلوس فى المنزل، فهو يعانى من ألم شديد فى ظهره والمعدة والقولون، ودوخة مستمرة لا يعرف سببها، وصداع وزغللة فى العين، وخشونة فى الركبة، وقال: "كنت الأول بصحتى ومش محتاج لأى حد، كنت بأبيع السمك اللى بأشتريه من تاجر فى سوق العبور، لكن من 5 سنين، ما خرجتش من البيت، وبقيت على باب الله، ما ليش أى مصدر للدخل وعايش على مساعدات أهل الخير، وبترزق لأن ولاد الحلال كتير". رغم الظروف المادية التى أجبرت عبدالعظيم على الانتظار لساعات فى الشارع للحصول على 50 جنيها نظير الإدلاء بصوته فإنه يحمد الله، لأنه استطاع، وقت أن كان يملك صحته، بناء منزل متواضع مكون من دورين تكسى المحارة حوائطه، وسقفه خشبى، وهو ما يجعله يبيت ليلته حتى إن كانت من غير عشاء وهو يشعر بالأمان، دون أن يهدده أحد بطرده إلى الشارع، وقال: "أتمنى من ربنا أن أعيش باقى حياتى مستوراً، ولا يكون علىّ ديون، لأنى لو هموت لا أقبل على نفسى أن أطلب من أحد أن يمنحنى 5 أو 10 جنيهات، حتى لو هنبات من غير عشا". وإلى قراءة سريعة لأهم الأخبار التي جاءت بالمصري اليوم: سقوط15 من رموز المعارضة والمستقلين فى مجلس الشعب.. و"حميدة" الناجح الوحيد. جبهة المعارضة ب"الإخوان": "الجماعة" لديها "ربع فرصة" للانسحاب. ."الفقى" يشيد بأداء "العربية" فى "الانتخابات" وينفى وجود صفقة مع "الجزيرة" زلزال "ويكيليكس" يُشعل أزمة دبلوماسية عالمية.. والوثائق تكشف: "مبارك" حذر "بوش" من حرب العراق ووصفه بأنه "لا ينصت للنصيحة".