الصمود والرجولة والشجاعة والثبات والتمسك بالحق فى مواجهة الباطل وأهله، تلك هى الصورة التى ظهر عليها الرئيس الشرعى المنتخب الدكتور محمد مرسى يوم المحاكمة الهزلية التى دبرها انقلابيون حمقى بليل، فى محاولة رخيصة ليثبتوا لأنفسهم ولأسيادهم فى الغرب والشرق أن الأمور بأيديهم، وأنهم هم الذين ينيرون الكون؛ لأنهم لا يرون الشمس، فقد أصابهم العمى، بل ينسبون لأنفسهم ما ليس لهم، ولا يشاهدون إلا ما تصور لهم خيالاتهم المريضة وعقولهم التائهة فى غيابات الخَبَل والعفن. إن الحق قوة، وأصحاب الحق دائمًا هم الأقوياء، والنصر لهم فى النهاية، أما الهزيمة والخذلان فهى لمن أرادوا طمس الحق وتضليل الناس، ومارسوا من أجل ذلك الحيل والدسائس ولم يتورعوا عن الغدر والخيانة وسفك الدماء. يحاكمون الرئيس بتهمة قتل المتظاهرين! ومن الذى قتلهم؟ ومن الذى قتل المتظاهرين أمام الحرس الجمهورى وفى رابعة العدوية والنهضة وأمام النصب التذكارى وفى رمسيس وفى محمد محمود وماسبيرو وفى كل ميادين مصر وشوارعها؟ بل من الذى قتل المتظاهرين فى أحداث قصر الاتحادية؟ ومن الذى اعتقل الشرفاء ولفق لهم الاتهامات وألقى بهم فى غياهب السجون؟ إن هؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبى "يقتلون القتيل ويمشون فى جنازته". على الانقلابيين أن يقرءوا التاريخ، فالرئيس نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا ظل قابعا خلف أسوار السجون 28 عاما من أجل الحرية والعدل؛ لكنه كان هو العزيز وكل من حاربه هو الذليل، وانتصر الحق رغم ضلالات أصحاب الضلال، ورغم المجازر ورغم الإذلال والممارسات الدنيئة الحقيرة التى مارسها نظام الفصل العنصرى ضد شعب جنوب أفريقيا. كان الأولى بالذين يحاكمون الرئيس أن يحاكموا أنفسهم أولا، أو لنقل على سبيل الدقة ليحاسبوا أنفسهم حتى يعرفوا ماذا جنوا على مصر وشعبها وشبابها، وليدركوا أنهم أوقعوا البلاد فى ورطة، ولن تقوم لها قائمة خلال الخمسين سنة القادمة إلا أن يتغمدها الله برحمته ويعتقها من هذا الغباء وتلك الحماقة والمطامع الدنيوية التى يعلم الجميع أنها زائلة، لكنه العناد والإصرار على الفساد وارتكاب الجرائم والمجازر حتى آخر لحظة. إن هؤلاء ينطبق عليهم قول الحسن البصري: «إنَّ المؤمنَ واللهِ ما تَرَاهُ إلا يَلُومُ نفسَهُ على كلِّ حالاته يَسْتَقْصِرُهَا (أي: يَرَاهَا دائمًا مُقصِّرةً) فى كلّ ما يفعل، فَيَنْدَمُ ويَلُومُ نَفْسَهُ. وإنَّ الفاجرَ لَيَمْضِى قُدُمًا لا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ». إن السيناريو الحالى هو تكرار أحمق لتجربة ما عرف بثورة 23 يوليو 1952 والتى استمرت كوارثها على مصر وشعبها حتى سقوط المخلوع حسنى مبارك بعد ثورة 25 يناير 2011، والفكرة الأساسية التى يقوم عليها هذا السيناريو "أنا الرئيس ومن بعدى الطوفان" فليس مهمًّا أن يعيش الشعب حياة كريمة أو أن تتقدم البلاد أو تنهض أو أن تحتل مكانتها على خريطة العالم وإنما المهم "الأنا" النرجسية وطرح أفكار وهمية وكلمات رنانة ومصطلحات جوفاء، بل والغدر والخيانة والعمالة حتى للصهاينة من أجل الزعامة، وبعد ذلك كله يهون! لقد فعل عبد الناصر ومن جاءوا من بعده فى مصر الأفاعيل، لكن ماذا كانت نهايتهم جميعا؟! بئست النهاية، وإن كان البعض يتخيل أنهم حققوا بطولات لأن كتب التاريخ المزيفة حاولت تمجيد هؤلاء ورسمت لهم صورة غير حقيقية، لكن هذه الصورة إن كانت تقنع تلاميذ الابتدائية فلا يقتنع بها ولا يصدقها طلاب المراحل التعليمية الأخرى، وإذا كان الإعلام المنافق المخادع يمجد الآن فى الانقلابيين ويغنى لهم المطربون، فسوف تريهم الأيام القليلة المقبلة أعمالهم حسرات عليهم، وستضعهم فى مكانتهم الحقيقية. إن التجربة الإيرانية يجب أن تكون ماثلة فى أذهان هؤلاء - وإن كنت أظن أن هؤلاء لا يتعلمون وليسوا أهلا للتعلم - لقد ارتكب الشاة من المجازر والجرائم ما تعجز الكلمات عن وصفه، لكن ماذا كانت نهايته؟! وهل دافعت عنه أمريكا التى ترسم لهم الخطط ويحاربون من أجل سواد عيونها دين الله؟! بئست الحرب وبئس المحاربون، والهزيمة فى انتظاركم إن شاء الله.