مبادرة من هنا، وأخرى من هناك... قبل أن تقرأ وتواصل القراءة، من فضلك انظر حولك وأمعن النظر وأعد القراءة، واعرف من الذي يقدم المبادرة، والتوقيت الذي خرجت فيه، والتغطية الإعلامية التي صاحبتها، وستعرف ساعتها إن كانت مبادرة أم مؤامرة! من يريد حقا الوصول إلى حل عليه بالتالي: 1- الاعتراف بأن هناك فرقا بين 30 يونيو و3 يوليو، فالأولى مظاهرات تمت في عصر الديمقراطية ولم يعترضها أحد، والثانية انقلاب متكامل الأركان دموي الصبغة فاشي الطباع، وهو مرفوض على كافة المستويات المحلية والعالمية. 2- الاعتراف بأن الجيش والشرطة والمخابرات مؤسسات يفترض ألا علاقة لها بالسياسة، وقد أفرطت وبدموية في التعامل مع رافضي الانقلاب ومؤيدي الشرعية. 3- إدراك أن حقوق الشهداء والمصابين والمعتقلين لن تسقط بالتقادم، وأنها حقوق ستعود لأصحابها وهم وحدهم من يقرر فيها. 4- الاعتراف بأن الديمقراطية الصحيحة تعني ممارسة الشعب لحقه في الاختيار، ولا ينوب عنه جيش ولا تمثله شرطة ولا مخابرات. 5- الاعتراف بأن الشعب المصري قد اختار مرسي رئيسا ووافق على الدستور وانتخب مجلسا للشورى بحرية ونزاهة، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب، ولا إرادة تفوق إرادته إلا إرادة المولى عز وجل. 6- إدراك أن مصر تغيرت ولن تعود للوراء، وأعني بالوراء حكم الدولة العميقة. 7- معرفة أن الدنيا تغيرت، وأن العالم أصبح قرية صغيرة، وأن فشل القضاء المحلي لا يعني غياب العدل الدولي ناهيك عن عدالة السماء. 8- وقف حمامات الدم التي تصاحب مظاهرات سلمية يقودها الشباب والنساء والكبار والصغار. 9- وقف حملات الكراهية التي لم يشهد التاريخ مثلها إلا في جنوب أفريقيا إبان الحكم العنصري. 10- وقف حملات المطاردة التي تتم لكل من يحمل شعار رابعة ولو كان "بالونة" يلهو بها الأطفال في المسيرات. 11- إعادة فتح مقار الأحزاب التي أغلقت والقنوات التي شمعت بالشمع الأحمر ونُهبت محتوياتها. 12- اليقين التام بأن السبيل إلى بناء دولة حديثة لا يقوم بالإقصاء والنفي والعربدة، بل بالاعتراف بالخطأ وتحمل مسئوليته، ومن ثم البدء في فتح صفحة جديدة. إذا سمعت مثل هذا الكلام فساعتها يمكنك أن تثق أن هناك مبادرة حقيقية يمكن البدء في تنفيذها على الأرض، أما غير ذلك فهي المؤامرة التي عادة ما تأتي كلما اشتد الضغط على الانقلابيين، وكلما أدركوا أن ساعة الحسم قد اقتربت وأنهم لا محالة إلى زوال. إذا جاء من يقول من معسكر الانقلاب معلنا أن ما حدث في 3 يوليو خطيئة وأنهم مستعدون للحوار، فيمكنك ساعتها إكمال القراءة، أما غير ذلك فعبث ومحاولة لإنقاذ الانقلابيين من ورطتهم. هذه هي خريطة الطريق لفهم طبيعة ما يسمى بالمبادرات. أتركك الآن لتحكم على ما ترى وتسمع وتقرر هل هي مبادرة أم مؤامرة.