جامعة كفر الشيخ الخامسة محليا في تصنيف التايمز البريطاني    «توظيفًا لاختصاص في غير ما شُرع له».. نص حيثيات القضاء الإداري بوقف انعقاد «عمومية المحامين»    بعد قرار الحكومة رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية و30 يونيو لموظفي القطاعين الحكومي والخاص    أسعار اللحوم فى الأسواق بمحافظة الأقصر.. اليوم السبت 21 يونيو 2025    رئيس الوزراء: مع بداية شهر يوليو القادم سيكون لدينا 3 سفن تغييز تضخ فى الشبكة القومية للغاز لتأمين احتياجات الدولة المصرية.. الجهد المبذول حالياً كانت بدايات تنفيذه منذ أكثر من 6 أشهر ونشهد لمساته الأخيرة    كجوك: 53 ألف ممول جديد تقدموا إلكترونيًا للانضمام للمنظومة الضريبية طواعية    لتحقيق الاكتفاء الذاتي.. إنتاج 97 ألف متر مكعب يوميا من مياه الشرب بطور سيناء    وزير العمل يبحث مع محافظ كفر الشيخ تفعيل سُبل التعاون في تأهيل الشباب لسوق العمل    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    أبو الغيط: العدوان على إيران خطر داهم والقضية الفلسطينية ستبقى في الصدارة    وكالة مهر: مقتل العالم النووي الإيراني إيسار طباطبائي وزوجته في هجوم إسرائيلي    إيران تعلن مقتل العالم النووي إيثار طبطبائي وزوجته في هجوم إسرائيلي على منزلهما    وصول الدفعة الأولى من الكويتيين العالقين في إيران عبر تركمانستان اليوم    بتكلفة تبلغ 100 مليون شيكل.. إسرائيل تعتزم إنشاء مئات الملاجئ (تفاصيل)    الإقالة تنتظر مدرب بورتو حال الخسارة من الأهلي في مونديال الأندية    لاعب بوكا جونيورز: أشعر بالحزن بعد الخسارة أمام بايرن ميونخ    تردد قنوات MBC مصر 2 الناقلة لمباريات كأس العالم للأندية مباشر.. (اضبطها الآن)    جاكسون يعتذر لجماهير تشيلسي بعد حصوله على بطاقة حمراء أمام فلامينجو    قلق في بايرن ميونخ بسبب إصابة موسيالا    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    استمرار عمليات البحث عن مفقودين أسفل عقار حدائق القبة المنهار.. صور    الداخلية: سحب 730 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    مدير تعليم سوهاج يصدر تعليمات مشددة لمتابعة الكاميرات بلجان الثانوية العامة    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة كفر الشيخ.. فور ظهورها    ضبط 12 ألف مطبوع تجاري داخل مطبعة بدون ترخيص في القاهرة    «هرباً من ضرب شقيق زوجها».. أم تلقي بنفسها ورضيعتها من شرفة المنزل بسوهاج    مصرع طفل وإصابة 16 آخرين جراء حادث تصادم بالعين السخنة    الجيش الإسرائيلى: عمّقنا ضرباتنا فى إيران وأكثر من ألف مسيّرة استهدفتنا    وائل جسار يُقبل عَلَم المغرب في حفله ب مهرجان موازين    "سينما 30" و"الإسكافي ملكا" الليلة بروض الفرج والسامر ضمن فعاليات مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    وزارة الثقافة تحتفي بعيد وفاء النيل بسلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية    معلنة بداية فصل الصيف.. تعامد الشمس على الغرف المقدسة بمعبد إدفو بأسوان (تفاصيل)    وزير الصحة يتفقد المركز الصحي الحضري بصقر قريش ويوجه بمراجعة التشطيبات النهائية غير الطبية ويشيد بانتظام العمل وصرف مكافأة للعاملين    طب القاهرة تبدأ خطوات تطوير المناهج وتقليص محتواها لتقليل العبء الدراسي    تحرير 148 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    من مصر إلى العراق.. احتفال "السيجار" يشعل الموسم الرياضي    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    وزير الري يبحث "التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء" مع خبراء الجامعة الأمريكية| صور    بعد خسارته 240 جنيها.. سعر الذهب اليوم السبت 21 يونيو 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية    وزارة الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألف و700 زيارة من الحجاج المصريين    المعهد القومي للأورام يطلق فعالية للتوعية بأورام الدم    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    محمد منير: «ملامحنا» تعبر عن كل إنسان| حوار    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    قواعد ذهبية للحفظ والتخزين| الغذاء والصيف.. كل لقمة بحساب!    سلاح ذو حدين| وراء كل فتنة.. «سوشيال ميديا»    ترامب عبر "تروث": سد النهضة الإثيوبي تم تمويله بغباء من الولايات المتحدة    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    «وحش ويستحق الانتقاد».. إسلام الشاطر يشن هجومًا لاذعًا على محمد هاني    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    ترامب عن سد النهضة: بُني بتمويل غبي من الولايات المتحدة    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    "أعملك إيه حيرتنى".. جمهور استوديو "معكم" يتفاعل مع نجل حسن الأسمر "فيديو"    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي يرد على مفتي العسكر: الخوارج الحقيقيون هم من خرجوا على الرئيس المنتخب

أبدى الدكتور يوسف القرضاوي، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، تعجبه واستنكاره وغضبه مما وصلت إليه فتاوى بعض علماء الانقلاب العسكري بالتحريض على قتل الأبرياء بتحريف الكلم عن مواضعه، مشيرا إلى أن من هؤلاء المحرفين الكاذبين، الشيخ أو الجنرال علي جمعة، الذي دخل في علماء الأزهر وهم يبرؤون منه.
وقال الشيخ القرضاوي، في بيان له اليوم للرد على فتاوى الشيخ على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق بقتل وإبادة مؤيدي الشرعية في مقطع جديد مسرب باجتماعه مع قادة الجيش والشرطة، إنه وسط المذابح التى سالت فيها دما المصريين في أنحاء مصر بأسلحة الجيش الثقيلة، ويعاونه الشرطة والبلطجية والتي أسفرت عن أربعة آلاف شهيد، وحوالي عشرين ألف جريح ومصاب، وألف مفقود، نعتقد أنهم قتلوا، ونقلوا إلى مقابر جماعية يخرج المسمى علي جمعة في لقاء خاص كتمه الداعون، ليجتمع بالعسكريين الحاكمين، ليفتيهم فيما يجب أن يعملوه في خصومهم.
ويوضح رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن اجتماع على جمعة بالعسكر في دليل على أنه يريد أن يقول لهم كلاما لا يسمعه أهل العلم فيردوا عليه، وتولى الشيخ القرضاوي الرد على كل كلمة من تحريض وسب وإهانة وردت في مقطع الفيديو المسرب لعلى جمعة مفتي الجمهورية السابق وأحد رموز الانقلاب العسكري
نص البيان
رد على مفتي العسكر (علي جمعة)
بقلم د. يوسف القرضاوي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،،
إنني أعجب كل العجب من وقوف بعض الناس، الذين يزعمون أنهم يمثلون العلماء، ويتحدثون باسمهم، ويعلنون الأحكام الشرعية التي تُحل الحلال، وتُحرم الحرام. وهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ويفترون على الله وعلى رسوله، وعلى علماء الأمة، {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:78].
من هؤلاء المحرفين الكاذبين، الشيخ أو الجنرال علي جمعة، المصري الذي دخل في علماء الأزهر، وهم يبرؤون منه، وعيَّنه حسني مبارك مفتيًا لمصر، ثم خرج غير مأسوف عليه، بعد أن أفتى فتاوى مرفوضة، لا تقوم على كتاب ولا سنة.
ثم أعاده السيسي وجماعته، غير رسمي؛ ليدعم نظامهم الفاسد، واتجاههم الكاسد، ويضفي عليهم شرعية لا يستحقونها، وقد نقضوا العهد، وأخلفوا الوعد، وخانوا الأمانة، وخطفوا الرئيس المنتخب من الشعب، بعد سنة واحدة من انتخابه، وادَّعوا أن الشعب يؤيدهم، والشعب إنما يتمثل في الصناديق التي تظهر الأغلبية الحقيقية.
ووقف الشعب الحقيقي يعلن أنه مع الرئيس الذي انتخبوه، ولن يتخلوا عنه، ولن يتنازلوا عن حقهم أبدا، ولكن العسكر الذين قاموا بانقلاب عسكري، استولوا به على مقاليد الحكم، وإن لم يدعوا ذلك، أبوا إلا أن يتصدوا لكل من يعارضهم، أو يقول لهم: لا. واستخدموا قوات الجيش والشرطة ومن وراءها من البلطجية، الذين يمثلون نحو أربعمائة ألف بلطجي في جمهورية مصر. وقاموا بعدة مذابح في أنحاء مصر، أهمها ما وقع في مذبحة الحرس الجمهوري، وما حدث عند المنصة في شارع النصر، ثم ما حدث في ميدان رابعة العدوية، وميدان نهضة مصر في الجيزة، من قتل جماعي بأسلحة الجيش الثقيلة، ويعاونه الشرطة والبلطجية، وبنادق القناصة من فوق السطوح، وبالطائرات من فوق. مما أسفر هذا كله عن أربعة آلاف شهيد، وحوالي عشرين ألف جريح ومصاب، وألف مفقود، نعتقد أنهم قتلوا، ونقلوا إلى مقابر جماعية سيكشف عنها الزمن، وعسى أن يكون قريبا. ولا زال أهلوهم يبحثون عنهم، ولا يجدون إليهم سبيلا.
وفي وسط هذا الضجيج الذي أحدثه الانقلابيون في قلب مصرنا العزيزة، من مجازر هائلة، لم يَر تاريخنا لها مثلا، يخرج المسمى علي جمعة في لقاء خاص كتمه الداعون، ليجتمع بالعسكريين الحاكمين، ليفتيهم فيما يجب أن يعملوه في خصومهم.
ولماذا يجتمع على جمعة بالعسكر مختبئين غير معلنين؟
لأنه يريد أن يقول لهم كلاما لا يسمعه أهل العلم فيردوا عليه. فكلامه هذا لم تقره الأمانة العامة لدار الفتوى، ولم تقره مشيخة الأزهر، ولم تقره هيئة كبار علماء الأزهر، ولم يقره جمهور علماء الأزهر، في الجامعة، والمعاهد وسائر المؤسسات إنما يبوء به على جمعة وحده، وهو أشبه به، وكل إناء ينضح بما فيه.
يقول الشيخ ويكرر: اضرب في المليان. وهي كلمة معروفة عند العسكر المصريين، أي: اضرب في المقاتل: في البطن، وفي الصدر، وفي الرقبة، وفي الرأس.
وهذه لا تقال للجندي في كل حال، ولو كان يقاتل الكفار المعتدين في الأصل؛ لأنه في بعض الأحيان يجب أن يوقف القتال، ويكتفى بالأسر، كما قال تعالى في سورة محمد : {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } [ محمد: 4]
وفي مقابلة الصائل المسلح، الذي يهجم على بيوت الناس، يريد أن يقتلهم، أو يأخذ ما يريد من أموالهم وأمتعتهم الغالية، فلابد للناس أن يقاوموه، وقد يكون هذا الصائل فردا، وقد يكون جماعة. فهنا يقول العلماء: إنما يقاتل أولا بأخف ما يمكن أن يمنعه، فإذا استطعت أن تقبض عليه وتمنعه من الاعتداء عليك فهو الواجب، وإن أمكن أن تمنعه بالعصا فاستعمل العصا، ولا تستعمل السيف، وإن استطعت أن تضربه في رجله، فتقعده، أو في يده فتشله عن الحركة، ولا تحتاج إلى قتله، فعليك أن تفعل، وإن اضطررت إلى استخدام السيف أو الرمح أو البندقية، فافعل. المهم ألا تبدأ بالأثقل؛ بل ابدأ بالأخف أولا، فإن لم تجد، فانتقل إلى ما هو أعلى منه. هذا ما قرره الفقه الإسلامي، القائم على الشريعة الإسلامية. ولا يقول عالم شرعي يعتمد على القرآن والحديث: اضرب في المليان، واقتل في كل حال.
لكن الشيخ على جمعة لا يعتمد على ما يعتمد عليه العلماء، بل يعتمد ما يعتمده البلطجية. إنه يؤيد أهل القوة على أهل الحق، ويؤيد الجنود على العلماء، ويؤيد العسكر على الشعب. ويؤيد السيف على القلم. ويؤيد السلطان على القرآن، والدولة على الدين!
هؤلاء العسكر لم يكفهم من قتلوه، ومن حرَّقوه، ومن عذَّبوه، ومن خربوا بيته، أو محله، أو شركته، ومن سجنوا أباه أو أمه، أو امرأته، أو بنته، أو أولاده. لم يكفهم آلاف القتلى، وآلاف المعتقلين، فلا زالوا عطشى إلى المزيد من الدماء المحرمة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يسفك دما حراما" رواه البخاري عن ابن عمر.
وقال: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم" رواه النسائي وغيره عن ابن عمر أيضًا.
وقرر القرآن مع كتب السماء: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32].
ومع هذا ظهر المفتي السابق علي جمعة، يقول للحاكم الجديد: (اضرب في المليان، إياك أن تضحي بجنودك وأفرادك من أجل هؤلاء الخوارج. طوبى لمن قتلهم وقتلوه. من قتلهم كان أولى بالله منهم. بل إننا يجب أن نطهر مدينتنا ومصرنا من هؤلاء الأوباش. إننا نصاب بالعار منهم. ناس نتنة (ريحتهم وحشة) في الظاهر والباطن. النبي حذرنا من هذا...).
يوصي الشيخ أو الجنرال على جمعة الجنود والعسكر بالضرب في المليان، في الصدور والبطون، والرؤوس، والظهور، لا يكون هَمُّ الجندي تعطيل الآخر، أو إيقاف حركته، ولكن قتله.
إنها الفتاوى السامة، والتعليمات المشبوهة، والأحكام المسيسة التي صدرت للجنود ممن شغل منصب الإفتاء في عصر مبارك، وانزوى عن الأضواء في عهد مرسي، ثم عاد ليطل بوجهه الأقبح، وقوله الأحمق، وفعله الأرعن، ليحث جنود مصر لا على قتال الصهاينة، فهؤلاء أصدقاؤه، الذين دخل المسجد الأقصى تحت حراستهم، وإنما ليوجهوا أسلحتهم الحارقة والخارقة، إلى صدور أبناء دينهم وعقيدتهم، وشركاء بلادهم ووطنهم، وهؤلاء عنده: (من الخوارج الذين يجب أن نطهر مصر منهم.. طوبى لمن قتلهم وقتلوه .. الأوباش .. أصحاب الرائحة النتنة .. كلاب النار .. الذين لا يستحقون مصريتنا.. الذين نصاب بالعار منهم ).
هكذا حرك مخزون الغيظ الذي اعتاد المصرييون أن يكظموه، والغل الذي دأبوا على أن يقاوموه، والحقد الذي حرصوا أن يواروه، فصار هؤلاء الجنود ومن أمامهم البلطجية، وفي ركابهم الرعاع، أتباع كل ناعق، يصوبون أسلحتهم إلى إخوانهم حتى تمزق النسيج الاجتماعي، وتهلهلت لحمة الإخاء بين أبناء الوطن.
كيف يكون الخوارج يا شيخ علي؟ وعلى من خرجوا؟ على مغتصب للحكم الشرعي؟ على مختطف للحاكم الشرعي الحقيقي؟
وكيف يكونون خوارج، ومن مقومات الخوارج أن يكون لهم سلاح، وأن يشهروه بالفعل على الحاكم الشرعي، ولم يثبت ان واحدا من الإخوان وأعوانهم طوال شهر رمضان، وما قبله، وما بعده: كان معه أي سلاح. لقد خرج الإخوان من بيوتهم إلى الميادين التي أقاموا فيها، والتي تظاهروا بها، وليس في أيديهم ولا حولهم أي قطعة سلاح، ولا أي نوع من السلاح، لا أبيض، ولا أسود، ولا مدفع، ولا بندقية، ولا مسدس، ولا خرطوش، ولا سكين ولا عصا، ولا حجر، ولا طوبة مما كان يملكه أطفال الحجارة في فلسطين.
فكيف سَمَّى الشيخ علي هؤلاء خوارج، الذين قُتلوا بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله!
الخوارج الحقيقيون هم الذين خرجوا على الرئيس المنتخب، الواجب إطاعته وتنفيذ أمره، كما جاء في شرع الله، وأمر به الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وأقوال أساطين العلماء الصادقين، الذين أوصى الله ان نكون معهم دائما: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [ التوبة:119].
يقول علي جمعة عن خيرة أبناء الأمة، من المشايخ، والأطباء، والمهندسين، والصيادلة، والمعلمين، والمحاسبين، والصحفيين، والصناع، والفلاحين، : إنهم أوباش، وناس ريحتهم نتنة، وصدق الله العظيم إذ قال في أمثال هذا الشيخ: { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ } [ المطففين:29-31].
يقول جمعة: يقولون: الشرعية. أي شرعية؟ الإمام المحجور في الفقه الإسلامي ذهبت شرعيته. كررها مرتين.. محجور عليه يعني معتقل. والمصيبة ان امره ذهب إلى القضاء، فسقطت شرعيته، إن كانت بقيت له شبهة شرعية.
الشرعية ثابتة يا جنرال علي بالانتخاب الذي أجرته الأمة، وانتخب الرئيس بأغلبية في انتخابات نزيهة مائة في المائة، وبالدستور الذي تأيد بعدة انتخابات، وبمجلس الشورى الذي أيده، وظل قائما إلى أن قام الانقلاب العسكري، الذي نكث العهود وأخلف الوعود ، وتعدى الحدود.
هذه الشرعية كالطود الأشم الراسخ، لا يستطيع عسكري ولا مدني أن يسقطها، او يزحزحها عن مكانها.
قال الجنرال الذي يزعم انه متصوف ، وهو عار على الصوفية: إنه تواترت الرؤى من قبل رسول الله ، ومن قبل أولياء الله !
من قال يا جنرال علي: إن منامك ومنام أمثالك حجة في الشرع، يحل بها ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله!
من قال: إنك إن رأيت من زعم لك أنه رسول الله في المنام: يكون هو الرسول حقا؟! وهل لو أمر الرسول في المنامبما يخالف الشرع ينفذ؟! أو قال لك: إنه ولي الله: البدوي، أو الدسوقي، أو الرفاعي او غيرهم يكونون هم صدقا؟! وهل قول هؤلاء – وهم أناس غير معصومين- يصدق دائما؟!
ومن قال من العلماء: إن هذه الرؤى يثبت بها إباحة الدماء المحرمة، وسجن الأحرار الشرفاء، وسوق النساء الطاهرات إلى المعتقلات، في حراسة جنود لا يخشون الله، ولا يستحيون من الناس.
وإن من أفجر الفجور أن يقول الشيخ جمعة: عندما رأيت صور مسجد الفتح بالزبالة والنجاسة والرعب الذي كانوا فيه. وكأن الله أنزلها في أولئك. مسجد حرقه رسول الله، لماذا؟ لأنه لا يريد هذه اللواعة، ولا هذا المكر، ولا هذا الاثم في الظاهر، والفساد في الباطن.
كأن الشيخ جمعة يريد بهذا الكلام: أن يضفي الشرعية على ما حدث لمسجد (الفتح) بالقاهرة، من ويلات ومصائب. لقد كان المسجد أحد المساجد الكبيرة التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وحين خرج الناس منه يوم المعركة الشهيرة، ثم داهمهم الجيش والبوليس والبلطجية، رجع الناس وجاؤوا من كل جانب يلتجئون إلى المساجد، باعتبار المساجد في بلاد الإسلام، مأوى من كل ظالم وطاغية، وملاذا لمن لا ملاذ له. ودخل الناس المسجد، وأغلق عليهم، وظلوا في داخله بقية اليوم، وطوال الليل، ويريد الظلمة والبلطجية، ومن وراءهم من رجال الجيش ورجال الشرطة أن يدخلوا عليهم المسجد، ليصنعوا مجزرة من مجازرهم المعروفة بين اللحم والسكين!
وقد فتح المسجد بالليل قليلا، فخرج قليل من الناس، ومنهم من قتل، ومنهم من أصيب في ذراعة أو في رجله، أو في موضع من جسده، وصار الجنود والبلطجية يريدون العروج إلى المئذنة، وكان بابها من الخارج، ولم يجدوا من يمنعهم. ثم خرج في اليوم التالي من بقي، وقتل منهم من قتل، واعتقل منهم من اعتقل.
لم يكن في هذا اليوم مجال لايجاد الزبالة في مسجد الفتح. فقد كانوا من المصلين والمؤمنين والطاهرين، الذين يحبهم الله، وتحبهم ملائكته، ويحبهم المؤمنون، ولم يكونوا كما صورهم المزيف الكبير، من أهل النجاسة والزبالة، وما كان معهم أكل ولا شيء يقتضي ذلك.
الذين نجسوا المسجد وشوهوه هم من دخلوه بعد ذلك، من رجال الأمن، ومن معهم من القتلة والسفلة، الذين منعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وسعوا في خرابها.
والمسجد الذي حرقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد ما يكون عن مسجد (الفتح) الذي عرفه المسلمون، وصلوا فيه سنوات، وقامت فيه الجمع والجماعات، وخرجت منه الجماعات القوية في دين الله، الآمرة بالمعروف، والناهية عن المنكر، والحافظة لحدود الله، فأين هي من (مسجد الضرار) الذي حرقه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأنه قام من أول يوم ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل.
الشيخ على جمعة – ولا حول ولا قوة إلا بالله- يحرف النصوص، ويتخرص على محكمات القرآن، ومستفيضات الأحاديث، ومواضع الإجماع، وما التقت عليه الأمة، ويقف ضد علماء الأزهر، وعلماء الأمة الإسلامية، ورجال السلف، وأئمة الدين، معتزا بأنه معه رجال الجيش، ولو كان هؤلاء كلهم معه، ما أغنوا عنه من الله من شيء، فكيف والذين يحضرون معه في مكان غير معروف، وزمان غير مكشوف، شرذمة قليلة، أمام الجمهور الأكبر من المصريين، ومن العرب، ومن المسلمين، ومن أحرار العالم وشرفائه. كلهم سيشهدون عليه يوم القيامة، { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } [النور: 24- 25].
إن الذين يحضرون في المكان الذي يحدِّث فيه علي جمعة، ليسوا كلهم على شاكلته. فمنهم من يصفق له؛ لأنه جاهل بالشرع ومواقف الدين، ومنهم من يصفق له خوفا من ان يؤخذ عليه انه لم يشارك في التصفيق، ومنهم من يصفق بيديه ، وقلبه حزين لما يجري من حوله، إنه غاضب وآسف، ولكن لا يستطيع أن يفعل شيئا.
اللهم إن نشهدك، ونشهد أنبيائك ورسلك، ونشهد ملائكتك وحملة عرشك، على كل الذين يحرفون دينك، ويتلاعبون بكتابك، ويقولون عليك ما لا يعلمون، ويفترون عليك وعلى رسولك ما يفترون.
اللهم فافضح أمرهم، واهتك سترهم، واكشف أمرهم، وأظهرهم للناس على حقيقتهم : { يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [البقرة:9]
إنا ندعو المصريين كل المصريين. وندعو العرب كل العرب، وندعو المسلمين الصادقين، وندعو كل من لديه ضمير حر، وقلب مخلص للحق: أن يقفوا مع الشعب المصري المظلوم المفترى عليه، حتى ينتصر على ظالميه، { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } [الشعراء: 227].
وإليكم رابط الفيديو المسرب للدكتور على جمعة المفتي السابق والذي كان محور رد فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.