اليوم.. الفصل فى الطعون على نتيجة الدوائر المُلغاة بانتخابات النواب    تعرف علي مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوى بالجيزة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الإثنين 22 ديسمبر    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 60.91 دولارًا للبرميل    بعد ارتفاعها 116%.. رئيس شعبة المعادن الثمينة يحذر من انكسار سريع لأسعار الفضة وينصح بالذهب    خبر هيفرح الملايين| اليوم.. دعوى قضائية لإقرار منحة استثنائية لأصحاب المعاشات    قوات الاحتلال الإسرائيلى تقتحم المنطقة الشرقية بنابلس    الليلة يبدأ المشوار .. منتخب مصر يفتتح مبارياته فى بطولة أمم أفريقيا بمواجهة زيمبابوي    مجموعة مصر.. جنوب أفريقيا يواجه أنجولا فى لقاء خارج التوقعات بأمم أفريقيا في السابعة اليوم    مصرع طفلة وإصابة 13 آخرين فى حادث تصادم ميكروباص وسيارة نقل بالدقهلية    الأرصاد الجوية : أجواء شديدة البرودة وشبورة كثيفة والصغرى بالقاهرة 12 درجة    مفوضي الدولة بالإداري توصي برفض دعوى الزمالك ضد سحب أرض النادي بحدائق أكتوبر    أهالي "معصرة صاوي" يودّعون أبناءهم.. تشييع جثامين 7 صغار ضحايا "لقمة العيش" بالفيوم    عزاء الفنانة سمية الألفي بمسجد عمر مكرم اليوم    ألمانيا: تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025    سلاح الجو الأمريكى يعترض طائرة فوق مقر إقامة ترامب فى فلوريدا    نيجيريا: تحرير 130 تلميذا وموظفا خطفهم مسلحون من مدرسة الشهر الماضي    التصريح بدفن جثة فتاة انتحرت بتناول قرص الغلة السام بالعدوة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    محمود الليثي يشعل رأس السنة بحفل عالمي في فرنسا ويعيش أقوى فتراته الفنية    طريقة عمل شوربة العدس بالكريمة في خطوات بسيطة للتدفئة من البرد    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مفوضى القضاء الإدارى: ادعاءات وجود عوائق أمام تنفيذ مشروع الزمالك قول مرسل    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد اليوم    بوتين يصف اتفاقية الحدود بين دول آسيا الوسطى ب"التاريخية"    وزير الاتصالات: مصر تقفز 47 مركزًا عالميًا بمؤشر جاهزية التحول الرقمي    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    ريهام عبد الغفور: خريطة رأس السنة محطة استثنائية في مسيرتي الفنية    أحمد العوضي: مدمنون كثير تعافوا وذهبوا للعلاج من الإدمان بعد مسلسلي «حق عرب»    بحضور عضوي مجلس إدارة الأهلي، محمود بنتايك يحتفل بزفافه على سندس أحمد سليمان    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه 4 أجزاء في الإسكندرية: فكرت في حرق جثته وخشيت رائحة الدخان    إخلاء عاجل لفندقين عائمين بعد تصادمهما في نهر النيل بإسنا    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    لعبة في الجول – أمم إفريقيا.. شوت في الجول واكسب البطولة بمنتخبك المفضل    عماد الدين أديب: ترامب ونتنياهو لا يطيقان بعضهما    بيان عاجل من المتحدث العسكري ينفي صحة وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي| تفاصيل    أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    دوميط كامل: الدول المتقدمة تُقدّم حماية البيئة على المكاسب الاقتصادية مهما بلغت    تعرف على جوائز الدورة ال7 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم القصير    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    تصعيد ديموقراطي ضد ترامب بسبب وثائق إبستين المثيرة للجدل    الصحة توضح آليات التعامل مع المراكز الطبية الخاصة المخالفة    عصام الحضرى: مصر فى مجموعة صعبة.. والشناوى سيكون أساسيا أمام زيمبابوى    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى تأسيسها ال91.. “كارنيجي”: “الإخوان” طاقة هائلة في الصمود وقمع السيسي لها لن يفلح

بالتزامن مع ذكرى تأسيس جماعة الإخوان ال91، أكدت دراسة لمعهد كارنيجي لدراسات السلام أن جماعة الإخوان المسلمين استطاعت الصمود والاستمرار، وأظهرت قدرة مدهشة على مواصلة العمل، على رغم جهود نظام السيسي لقطع دابرها عبر القتل والتعذيب والتصفية.
ووصف المركز صمود الجماعة أمام آلة القمع ب”المدهش”، وعزا سبب هذا الصمود والسبب الرئيسي “إلى الدور الشبابي المتنامي بعد الانقلاب، وثبات القيادة داخل السجون وخارجها”، مؤكدًا أن “الإخوان تمتلك قدرة كبيرة على الصمود والتكيُّف، وهو ما قد يؤدِّي إلى تآكل شرعية النظام الانقلابي وتهديد استقراره”.
التقرير أكد أنه منذ انقلاب جنرالات الجيش على الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، انخرط نظام الخائن المنقلب عبدالفتاح السيسي في عمليات قمع منهجية لجماعة الإخوان المسلمين، وأقدم على ذلك من خلال تطبيق سياسات تُعتبر عمومًا وسيلة فعالة لضرب عُنُق المنظمات الهرمية، خاصة تلك الحائزة على قدرة كبيرة في مجال تعبئة دعم القواعد، وتوليد التعاطف الشعبي معها، ومع هذا فشل في استئصالها.
كيف فشل السيسي في استئصال الإخوان؟
تشرح الدراسة كيف سعى قائد الانقلاب لاستئصال الإخوان، مؤكدةً أنه استهدف أولاً خطوط القيادة داخل الإخوان لتدمير سيطرتها على الجماعة، وثانيًا عمد – بهدف عزل الجماعة – إلى طرح أكذوبة تحاول ربط هذا التنظيم بالعنف الإسلامي، ولكن، وبعد سنوات من وضع هذه التكتيكات موضع التنفيذ، وعلى الرغم من العديد من البيانات التي تتحدّث عن قرب نهاية الإخوان، فإن سلات الانقلاب فشلت في تحقيق النصر.
وتؤكد دراسة كارنيجي – التي أعدتها الباحثة “باربرا زولنر” – أن السيسي لم يفشل فقط في تحقيق النصر على الإخوان، لا بل العكس هو الصحيح؛ إذ أثبتت الجماعة أنها تمتلك قدرةً كبيرةً على الصمود والتكيُّف، كما برزت مؤشرات على حدوث تجدُّد داخلي فيها؛ ما يشي بأن سياسات سلطات الانقلاب ربما تكون عقيمةً وذات نتائج عكسية.
وأكدت الدراسة أنه “إذا ما استمرَّ الحال على هذا المنوال، يمكن أن يؤدّي ذلك إلى تآكل شرعية السيسي ويُهدّد حتى استقرار النظام”.
مبرّرات نظام الانقلاب لممارسة القمع
وتسرد الدراسة إجراءات سلطة الانقلاب الفاشل لتصفية الجماعة، مؤكدة أنه في غضون أشهر قليلة بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، اتخذ الجيش إجراءات عدة لتقويض جماعة الإخوان، فأعلن حظرها في سبتمبر 2013، ثم اعتبرها إرهابية في ديسمبر 2013.
وكانت وجهة نظر الانقلاب في هذه الخطوات تصوره أن قوة الجماعة تكمن في كونها مركّزة في إطار نخبوي يتخذ القرارات الاستراتيجية ويمرّرها إلى التنظيم الأوسع، عبر تعليمات تتدفّق من القمة إلى القاعدة، لذلك افترض النظام الانقلابي المدعوم من الجيش أنه إذا استُنزفت هذه البنية الهرمية فستؤدي الضغوط إلى تحلُّل الجماعة.
وبعد أن وصم الانقلاب الإخوان بأنها “جماعة إرهابية”، اعتقلت سلطات الانقلاب أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس الشورى، وهما أعلى هيئتين جماعيتين في التنظيم، ولم تستطع سوى حفنة من هؤلاء القادة الفرار إلى الخارج، ولكسر صمودهم أودع الانقلاب قيادات الجماعة في السجن الانفرادي، وعانوا من الإساءات وسوء المعاملة، في تجاوز لمعايير السجن المقررة دوليًّا.
ثم وسّع النظام الانقلابي الاضطهاد وقام بما وصفه بعملية “تطهير” لمجالات أخرى منهم (في الخدمات العامة، والجيش، والقضاء، والنقابات، والمنظمات غير الحكومية، والمنابر الإعلامية، والجامعات، والأحياء)، وكل ذلك بهدف الحد من نفوذ جماعة الإخوان في أوساط الطبقة الوسطى وأجزاء من النخبة، كما صادر أصول الجماعة وأغلق هيئات الرعاية الاجتماعية التابعة لها.
وفي المحاكمات القضائية اللاحقة، واجه عشرات الآلاف من الإخوان تُهَمَ الانخراط في منظمات إرهابية، ولا يزال العديد منهم معتقلين من دون مذكرة توقيف أو أنهم اختفوا، والآن، باتت السجون المصرية ممتلئة وفوق طاقتها على الاستيعاب، ويتلوَّى فيها السجناء على إيقاع معايير دون المستوى، بحسب “كارنيجي”.
كيف فشل السيسي؟
تروي الدراسة أنه في البداية بدا وكأن “سياسة فرّق تسد” التي طبّقها النظام الانقلابي بعنف على جماعة الإخوان تؤتي أُكلها، حين بدأ بعض شباب الجماعة الاعتراض على بعض قرارات القيادة على مواقع التواصل، ولكنه كان صراعًا بين أجيال من الشباب الأكثر حيويةً المتأثرين بالتجربة الثورية للربيع العربي في 2011 وبين قيادات الجماعة التاريخية.
لكن الواقع – بحسب كارنيجي – أن “هذا كان صدامًا بين رؤى مختلفة حول كيفية الرد على الانقلاب العسكري وعلى قمع النظام”، وقد طفت على السطح بفعل هذا الصراع خلافات حول ما إذا كان يجب اتخاذ خطوات أكبر وأعنف ضد الانقلاب أم الإبقاء على السلمية النهج الدائم للجماعة.
وما حدث لاحقًا هو أن الإخوان تغلّبوا على هذه التحديات الداخلية، فالمرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد – سواء في السجن أو المنفى – ظلوا مسئولين عن إدارة التنظيم، على الرغم من أنه حلّت مكان البنية القيادية العمودية للجماعة شبكات وخطوط اتصالات غير هرمية، وهذا خلق فضاءات للشبان الأصغر سنًّا نسبيًّا كي يلعبوا دورًا حاسمًا في إبقاء الجماعة على قيد الحياة، وبذلك كشفت الجماعة عن قدرة مدهشة على مواصلة العمل، على الرغم من جهود النظام الانقلابي قطع دابرها.
آليات بقاء الإخوان
تشرح دراسة “كارنيجي” آليات بقاء الإخوان، مؤكدة: “تكمن قدرة جماعة الإخوان على الحفاظ على البقاء طيلة آماد مديدة من القمع في طبيعة سمات وخصائص هيكليتها التنظيمية”.
كما أنها “تنبع من توكيد رؤية اجتماعية وسياسية متّسقة، في أيام البلاء، تعزف هذه الرؤية على وتر الفكرة المتعلّقة بالنضال الديني المتواصل، والتي تشدّد على التحمّل الشخصي والجماعي للمؤمنين الخُلّص، في خضمّ صراعهم مع النظام، وهذا يعزّز عُروة الجماعة واستعداد أعضائها لمواصلة العمل”.
وتوضح أن هذا هو سبب تمكّن الجماعة من تحمّل القمع على يد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر خلال حقبة الخمسينيات والستينيات التي تميّزت بالاعتقالات الجماعية وعمليات التعذيب التي تُشبه بشكل مدهش ما يحدث الآن.
كما أنها صبرت على ثلاثة عقود من عداء نظامي أنور السادات وحسني مبارك لها، وطيلة كل هذه المراحل، راكمت الجماعة خبرات ثمينة استخدمتها في مواصلة معارضة رئاسة السيسي، من خلال الفضائيات، والمواقع الإلكترونية، ودعم السجناء وعائلاتهم.
وكانت مثل هذه النشاطات مُمكنة لأن خطوط الاتصالات والخطوط الإدارية داخل الإخوان بقيت سليمة؛ الأمر الذي سلّط الضوء على حقيقة أنه “لا يمكن وقف هذا التنظيم عبر جدران السجون والمنافي”.
4 أسباب لبقاء حيوية الجماعة
وتحدد الدراسة أربعة أسباب بنيوية تفسّر ظاهرة بقاء جماعة الإخوان على قيد الحياة، وهي:
(السبب الأول): هيكليتها التنظيمية الهرمية، فلوهلة قد يبدو هذا السبب مفاجئًا؛ لأنه يعني أن ما اعتبره النظام الانقلابي نقطة الضعف الرئيسة للجماعة، ضمنت في الواقع استمراريتها.. لكن الحقيقة أن الجماعة بقيت ودامت؛ لأن مكتب المرشد العام ومكتب الإرشاد بقيا مراكز رمزية للقيادة، حتى حين تأقلم التنظيم مع الظروف المتغيّرة، وأنه في حين أن قدرة المرشد وأعضاء مركز الإرشاد على إدارة الشئون اليومية للتنظيم محدودة، فإن إدارة الأزمة واتخاذ القرارات التنفيذية نُقلت إلى قادة موثوقين في المنفى.
وصحيح أن الهيكلية المركزية الهرمية للجماعة بقيت صامدة، إلا أنه أُلحق بها مكتب خارجي للجماعة المصرية، يتكوّن من أعضاء في المنفى أعلى رتبة، بينهم شخصيات مركزية في مكتب الإرشاد كمحمود عزت وأحمد عبد الرحمن، أو أعضاء بارزين مثل عمرو دراج ويحيى حامد وعبد الله الحداد.
ولأن تركيا وقطر ولندن هي مراكز إدارة الجماعة، لا تستطيع قبضة سلطات الانقلاب الإطباق على القيادات المنفية، وبالتالي وعلى الرغم من تقلّص نشاطاتها، لا تزال جماعة الإخوان قوة مُعارضة يُعتد بها ضد نظام الخائن السيسي، بمساعدة التكنولوجيا الحديثة.
(السبب الثاني) لديمومة الهيكلية التنظيمية للجماعة هو: أن كادرها الأعلى كبير ومتنوّع، وهذا يجعل من المستحيل تقريبًا على النظام الانقلابي أن يُخضع القيادة برمّتها إلى سيطرته، حتى لو استخدم وسائل إخضاع كثيفة.
والأهم أن عداء النظام الانقلابي للجماعة أدى إلى ردود فعل معاكسة فقد أثبتت قيادة التنظيم أن سلطات الانقلاب غير قادرة على كسر وحدة الجماعة، ولذلك ربما تكون المشاهد العامة لمحاكمات القادة المسجونين قد ساعدت على استعادة الاحترام لهذه الشخصيات في أوساط قواعد الجماعة الأكثر ثورية، وهذا يعني أنه على الرغم من جهود السيسي لتدمير الهيكلية الترتيبية للتنظيم، فإنها بقيت متماسكة إلى حد كبير.
(السبب الثالث) لبقاء جماعة الإخوان هو: تنوّع عملياتها الإدارية التي دُعِّمت بشبكات الاتصال الموسّعة، وفي حين أن الجماعة احتفظت بهيكلية قيادية هرمية، حيث السلطات الرئيسة تعود إلى مكتب المرشد العام ومكتب الإرشاد، فإن خطوط الاتصالات التنظيمية الداخلية لم تحذُ بالضرورة حذو الأنماط الترتيبية.
وخلال حقبات القمع السابقة، أدخلت الجماعة تحسينات على نظام الاتصالات الذي لا يعتمد على نموذج متدرّج من القمة إلى القاعدة، بل يستخدم بدلاً من ذلك تقنية متعددة سمحت للقيادة بمواصلة بث تدفق المعلومات بشكل متواصل نسبيًا.
وقد جرى اختبار وتجربة هذا الأسلوب أولاً إبان عهد جمال عبد الناصر، لكنه طُبِّق أيضًا خلال موجة الاعتقالات في عهد السادات ومبارك، ولذلك راكمت جماعة الإخوان مهارات تمكّنها اليوم من نقل المعلومات بين الأعضاء في السجن والخارج أو في المنفى، من خلال شبكة أفقية معقدة تعتمد على العلاقات الشخصية، وليس على الخطوط العمودية للسلطة.
ويشير التقرير إلى أن “العلاقات الشخصية مهمة في جماعة الإخوان، وهناك عدد لا يحصى من الأمثلة عن روابط عائلية تلمُّ شمل الأعضاء معًا، هذه الروابط تخلق شبكات مُغلقة نسبيًّا، وتضمن أن تبقى الوسائل الموثوقة للتبادل قائمة، في الوقت نفسه الذي تشكّل فيه ضمانة ضد التسلل المحتمل والانكشاف.
وكمثال على مدى تماسك شبكات الجماعة، فإن مُمثل التنظيم في المملكة المتحدة، عبد الله الحداد، هو ابن عضو مكتب الإرشاد عصام الحداد، وشقيق جهاد الحداد الذي عمل كناطق إعلامي خلال الأيام الأولى بعد الانقلاب.
وهذه العلاقات الشخصية تُستكمل بنوع جديد من الإعلام الذي يسمح نسبيًّا بتأمين نشاط الشبكات، فعلى سبيل المثال، تسمح الرسائل النصية المشفّرة وتطبيقات الصوت على غرار “واتس أب” و”فايبر” للمستخدمين بتمرير المعلومات.
كما أن مواقع التواصل الاجتماعي ك”فيسبوك”، ومنصات على الإنترنت مثل Ikhwanweb وتقنية الفضائيات المؤيدة للجماعة مثل تلفزيون “وطن”، هي منابر تُبث عبرها الأفكار.
وبما أن معظم محطات التلفزيون المُرتبطة بالإخوان موجودة في تركيا، ولأنه من الصعب عرقلة المواقع على الإنترنت بشكل شامل، أدركت حكومة الانقلاب أنه يستحيل تقريبًا منع نشر بيانات القيادة أو الأخبار حول الجماعة.
وبعض هذه المواقع الإعلامية، على الأقل تلك التي لا تقع كليًا تحت سيطرة مكتب الإرشاد، استُخدمت للتعبير عن الامتعاض الداخلي والإفصاح عن وجهات نظر راديكالية، وفي الوقت نفسه، تُعتبر هذه المواقع ضرورية للحفاظ على خطوط الاتصالات مفتوحة، وبالتالي على ربط القيادة بقواعد جماعة الإخوان، بحسب مركز كارنيجي.
(السبب الرابع): وهو أهم سبب لبقاء جماعة الإخوان طويلاً، هو حقيقة أن القياديين من ذوي الرتب العالية يمكنهم أن يعملوا بشكل مستقل لأنهم لُقّنوا إيديولوجيا التنظيم، وأهدافه، ودعوته، فضلاً عن البيعة، وهي إعلان الولاء والطاعة للمرشد العام بصفته رأس الجماعة.
وأن تفاني الأعضاء كثيفي التدريب للمثل العليا التي وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا، هو الذي يضمن على وجه الخصوص وجود قواعد تتميّز بالولاء والوفاء، ولا تعتمد في الوقت نفسه على التوجيه من فوق إلى تحت إبّان الأزمات، كما أسهم “برنامج الدراسة والامتحان”، الذي ساعد في دراسة كفاءة الأعضاء في مفاصل الجهاز التنظيمي، في تشبيك أعضاء القاعدة مع بقية هيئات التنظيم.
ولا تُعتبر نشاطات الدعوة والدراسة أولوية لجماعة الإخوان اليوم؛ بسبب القيود والمخاطر التي تفرضها مضايقات النظام الانقلابي، بيد أن “برنامج الدراسة والامتحان” يواصل توفير الفوائد؛ لأنه ينتج أعضاء مخلصين وذوي كفاءة.
وهكذا، يستطيع الجسم الأساسي في التنظيم أن يواصل العمل لفترة طويلة من دون تعليمات يومية وتوجيهات إدارية أو أوامر استراتيجية والضامن الرئيسي لبقاء الجماعة المديد هم الأعضاء المُلتزمون القادرون على مواصلة العمل في أحلك الظروف وأصعبها.
الإيديولوجيا والالتزام باللا عنف
علاوةً على محاولة تقويض الهياكل الداخلية لجماعة الإخوان، نقل النظام الانقلابي أيضًا المعركة إلى عرين الأفكار والإيديولوجيا؛ إذ لطالما ربط عبدالفتاح السيسي بين الإخوان وبين التطرف الديني، محاولاً بذلك نسف ادّعاءات الجماعة بأنها ملتزمة بالنزعة الإسلامية المُعتدلة.
كما عمل السيسي في الوقت نفسه على تصوير نظامه على أنه المعبر عن التيار العام الإسلامي والمُدافع عنه، وقد استعاد السيسي خطاب مبارك حول الخطر المحدق الذي يشكّله الإخوان على الأمن الوطني المصري، مُبررًا بذلك الملاحقات القضائية ضدهم.
ومثل هذا التوصيف لجماعة الإخوان يحظى بصدى إيجابي لدى أطراف دولية كما أنه جذّاب لقطاعات من المجتمع المصري التي توافق النظام وجهة نظره بأن التنظيم يشكّل تهديداً لكلٍ من التطور السياسي في البلاد، والأمن الإقليمي، والمعركة العالمية ضد الإرهاب الإسلامي، لكن من المشكوك فيه أن تكون لسردية (رواية) الحكومة هذه تأثير كبير على المصريين، خاصة أولئك الذين لديهم ميول دينية ولا يعتبرون السلفية بديلاً يُعتد به عن الإخوان، أو عن الحركات الإسلامية التقدمية.
وتؤكد دراسة كارنيجي أن التركيز على الخلافات بين الأعضاء الشبان والقادة المُسنّين غداة الانقلاب، ومزاعم أن الإخوان تعرّضوا إلى الشلل بفعل الصدع الإيديولوجي الذي برز حول مسألة استخدام العنف والعمل الثوري، كله “تقديرات تخطئ في الحُكم على مدى وأسباب وديناميكيات هذه الخلافات”.
وقالت إن محاولات تصوير الحماسة الثورية للجيل الشاب في الجماعة على انها “راديكالية سيد قطب”، خاطئة، لأن هذه الحماسة “نتيجة خيبة الأمل من انتفاضات الربيع العربي في العام 2011، وأهوال مجزرة رابعة العدوية ضد محتجي الجماعة في أغسطس 2013، والصدمة التي سببتها حملات القمع التي مارسها النظام”.
وشددت الدراسة على أن “الجماعة أظهرت اتّساقاً في دعواتها إلى المقاومة غير العنيفة”، وعلى رغم أنه يبدو أن الشبان على حوافي التنظيم تداعبهم فكرة انتهاج التكتيكات العنيفة، إلا أن مواقفهم ضد السيسي لم تجعلهم أقرب إيديولوجياً إلى التطرف السلفي-الجهادي.
أما الخطاب الرسمي للنظام الذي يشدّد على وجود هذا الرابط وعلى العلاقة بين أعضاء الإخوان وبين المتطرفين المُنتمين إلى القاعدة أو الدولة الإسلامية المعلنة ذاتياً، “فلا يستند إلى أي دليل قاطع، بل هو مجرد منطق استدلالي يقوم على أنه يجب أن تكون ثمة علاقة، بسبب إرث سيد قطب”.
مخاطر قمع السيسي
وتشير الدراسة أن تكلفة قمع السيسي للإخوان كحركة اجتماعية كبرى باهظة للغاية ليس فقط على أعضائها ومناصريها، بل على السلطة التي تطبّق هذا النهج العنيف.
ففي حين أن نظام السيسي قد يعتبر مثل هذا القمع ضروريًا فإنه يتضمّن كذلك مخاطر له، فالكلفة المالية لإدارة سجون تضم آلاف المعتقلين كبيرة جدًا، هذا من دون تعداد الخسائر الضمنية الناجمة عن حقيقة أن هؤلاء السجناء نشطون اقتصاديًا.
فهناك أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، بما في ذلك نشطاء في المعارضة، وصحفيين، وأعضاء مزعومين في جماعة الإخوان.
ولا يتوقع أن تصرف هذه المضاعفات نظام السيسي عن مواصلة هذا النهج القمعي لكن الأثمان اللامادية لقمع جماعة الإخوان سيّلقي بظلال كثيفة على عاتق السلطة التي تزعم ضمانها للحريات الديمقراطية، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، وضمان الأمن في وجه الإرهاب السلفي-الجهادي.
وإذا ما عجز النظام الانقلابي عن تلبية هذه التوقعات التي أعلنها هو، فستعاني شعبيته الأمرَّين، ما سيفتح فرصة سياسية جديدة لمعارضة السيسي، ما سيترك بصماته على استقرار مصر.
وتنقل الدراسة عن الدكتور عمرو دراج “أن التوقعات غير المُتحققة، وعنف النظام، يمكن أن يسفرا عن قلاقل أو حتى عن حرب أهلية، بما سيتركه ذلك من مضاعفات رهيبة على مصر وتأثيرات سلبية على أوروبا”.
وتخلص الدراسة للقول: “لا يمكن إلحاق الهزيمة بالجماعة حتى لو جرى إعدام قادتها، وحين نضع في الاعتبار المؤشرات عن حقيقة الاستمرارية التنظيمية، وحتى التجدّد التنظيمي، فإن المصير السياسي لمصر سيبقى حصيلة الصدام بين النظام وبين الإسلاميين”.
https://carnegie-mec.org/2019/03/11/surviving-repression-how-egypt-s-muslim-brotherhood-has-carried-on-pub-78552


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.