يتجه نظام الانقلاب في مصر نحو مذبحة جديدة بصفوف الموظفين الحكوميين؛ وذلك بدعوى تعاطي أو إدمان المخدرات؛ حيث يوظف النظام كارثة محطة مصر سياسيا و التي أسفرت عن مقتل حوالي 25 مواطنا وإصابة أكثر من 40 آخرين يوم 27 فبراير 2019م؛ وذلك بالاستعجال في إجراء تعديلات على قانون الخدمة المدنية بما يسمح بفصل الموظف الذي يدمن المخدرات أو يتعاطاها؛ الأمر الذي يمهد لمذبحة تتسق مع توجهات النظام الرامية لتقليص عدد الموظفين في الجهاز الإداري للدولة بناء على اتفاقه مع صندوق النقد الدولي الذي يتضمن تعويم العملة المحلية وخفض الدعم وخصصة الشركات وتقليص عدد الموظفين بالدولة. وفي اجتماعه أمس الأربعاء 13 مارس 2019م، استعرض مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب الجهود الجارية لتعديل التشريعات اللازمة، لتشديد الردع على متعاطى المخدرات فى الجهاز الإدارى للدولة، وكل الجهات والهيئات غير المُخاطبة بقانون الخدمة المدنية، حيث وجه مدبولى بدراسة التعديلات التشريعية المطلوبة وعرضها على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل ، حتى يتسنى إقرارها فى اسرع وقت ممكن ، مؤكدا ضرورة أن تراعى تلك التعديلات، أن يتم التطبيق على جميع العاملين فى الدولة ، وأن تتضمن تطبيق العقوبة فى حالات التعاطى وليس فقط الإدمان ، مع النص على عقوبة فى حالة الامتناع عن إجراء التحليل ، وأن يكون هناك درجتا تحليل ضماناً لدقة النتائج. وكان رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي قد صرح بتوجهاته نحو فصل متعاطي المخدرات بالجهاز الإداري للدولة؛ وذلك خلال تعليقاته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة التي نظمت يوم 10 مارس الجاري حيث حرص السيسي في خطابه أمام جمع من كبار ضباط الجيش على تحميل المواطنين مسؤولية الخلل الذي تسبب في سقوط عشرات المصريين في حادثة القطار التي وقعت في القاهرة. وقال إن المسؤولية الكاملة لحادثة قطار محطة مصر تقع على عاتق سائق القطار، متهما إياه بتعاطي مخدر الأستروكس. أرقام مفزعة عن تعاطي المخدرات وكشف مدير البرامج الوقائية في صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن إبراهيم عسكر أن نسبة تعاطى المخدرات في مصر بلغت 10.4%، مشيرا إلى انخفاض سن التعاطي إلى تسع سنوات. وأوضح هذه النسبة المرتفعة من المتعاطين تتنوع ما بين تعاطٍ تجريبي ومتقطع ومستمر. وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب غادة والي قد كشفت أن المصريين يتعاطون المخدرات بضعف المعدلات العالمية، ولفتت إلى أن أطفالا دون سن العاشرة باتوا يتعاطون، بينما ارتفعت نسبة التعاطي في صفوف الإناث لنحو 27%. وبحسب شبكة الجزيرة فإن أسعار المخدرات التهبت ككل شيء بمصر، غير أن الحصول عليها ميسر “وربما أسهل من الحصول على كيس سكر”! ويتحدث المدير السابق لوحدة الإدمان بمستشفى العباسية عبد الرحمن حماد عن زيادة العرض والطلب على المخدرات بالسوق في ظل الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار الذي صاحب ثورات الربيع، بالإضافة إلى تزايد التهريب عن طريق الحدود، واستهداف دول المنطقة ومصر بالذات. ويعتقد حماد أن “الترامادول هو الكارثة الأكبر لانتشاره بين الشباب، في ظل تردي الظروف الاجتماعية، وتزايد الأعمال الدرامية التي تروج للمخدرات والعنف”.ويضيف د. حماد أن من أسباب انتشار الترامادول رخص سعره وسهولة الحصول عليه والاعتقاد الخاطئ بأنه لا يسبب الإدمان، علاوة على عدم تجريم تناوله إلا منذ وقت قريب بعد تفاقم مشكلته. ويبدو أن تجارة المخدرات لم تتأثر بالركود العام في مصر، حيث قفز حجمها، وفقا لتقرير حديث صادر عن مركز بصيرة للدراسات، إلى أربعمئة مليار جنيه (نحو 45 مليار دولار)، وهو ما يعادل 51% من موازنة مصر العامة لعام 2015-2014. ومما يؤيد ما ورد في تقرير مركز بصيرة بشأن المخدرات في مصر، ما ذكرته شبكة المعلومات العالمية للمخدرات (جناد) بأن مصر باتت في المرتبة ال12 بين أكثر الدول استخداما للحشيش. ويفسر تقرير هيئة الرقابة على المخدرات وقوع مصر ضمن حزام المخدرات بحدودها الطويلة مع جيرانها، وبلغت سهولة وانتشار تجارة المخدرات بمصر درجة أن مصور أحد البرامج المذاعة على إحدى الفضائيات تمكن من تصوير عمليات الاتجار والتعاطي في عدة شوارع ومناطق بمصر. وفي تقرير نشره الموقع الفرنسي “WorldCrunch ” تحت عنوان “انهيار السياحة المصرية يعطى دفعة لتجارة الأفيون”، أشار إلى أن عددا من البدو الذين كانوا يعملون في السياحة انتقلوا إلى زراعة الأفيون بحثا عن مورد للرزق. تسريح 3 ملايين موظف وكان المستشار محمد جميل، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، قد أعلن في نوفمبر 2016، عن تخفيض عدد الموظفين فى الجهاز الإدارى للدولة لحوالى 4 ملايين موظف بحلول عام 2020، مؤكدا أنه لن تكون هناك مسابقات للتعيين فى الوظائف الحكومية، وفق ما نص عليه قانون الخدمة المدنية. مضيفا أن النسبة الحالية للعمالة الحكومية، هو موظف لكل 13 مواطن، والمستهدف هو وجود موظف لكل 26 مواطن فى عام 2020.ووفقا ل"الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء"، فإن عدد الموظفين العاملين فى الدولة، بلغ 5 مليون و890 ألف موظف في العام لمالي 2015/2016. ما يعني أن الحكومة استهدفت تسريح حوالي مليوني موظف على الأقل بالجهاز الإداري للدولة. واعتمدت الحكومة وفقا لرئيس المركزي للتنظيم والإدارة لتخفيض عدد موظفيها على عدة طرق: من بينها تقليل عدد العمالة الجديدة المعينة بالجهاز الإدارى للدولة، وإخراج عدد من الموظفين إلى المعاش المبكر، حيث كشف الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط في حكومة العسكر وقتها، عن خروج 200 ألف موظف على المعاش سنويا من الجهاز الإدارى للدولة. كما اعتمدت الحكومة على قانون الخدمة المدنية. وبعد هذه التصريحات بعام واحد، وبحسب البيانات، التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أكتوبر 2017، فإن عدد العاملين بالقطاع الحكومي انخفض إلى 5 ملايين فرد بنهاية العام المالي المنقضي (2016/2017)، مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي السابق عليه (2015/2016)، بانخفاض بلغت نسبته 13%. وجاء تقليص عدد الموظفين مغايرا لبيانات الأجور التي زادت بنسبة 7% خلال نفس العام، مقارنة بالعام السابق عليه، ما اعتبره محللون يثير علامات استفهام حول شفافية بند الأجور في القطاع الحكومي؛ فعدد الموظفين يتناقص بالملايين ومخصصات الأجور والمرتبات تزيد بعشرات المليارات!