أصعب مراحل البلاء هو آخرها، وهذا ما اجتمع فوق رؤوس المسلمين في هذه الحقبة التاريخية، الدم والقتل والانتهاكات والتعذيب اجتمعت من كل حدب وصوب، ووصل المتآمرون إلى مناصبهم التي سعوا إليها من بداية التخطيط لسقوط الخلافة العثمانية، وتتضافر جهود كل أجهزة المخابرات الدولية وحكومات الشرق والغرب في بتر أقدام وأصابع المسلمين، وسفك دمائهم، والحروب والإبادة والتفنن في اختراع طرق تحقق الغاية، حتى إن أحد الذين يخدمون المشروع الصهيوني أصدر فتوى وهو يتمشّى فوق الكعبة، تمنح الصين الشيوعية حق اعتقال ملايين المسلمين، والتصرف في أرواحهم وكأنهم عبيد في زمن كفار قريش!. ويعيش الملايين من مسلمي تركستان الشرقية تحت قبضة الحزب الشيوعي الصيني، الذي يقوم بإنشاء معسكرات للسكان المسلمين وإجبارهم على نمط حياة شيوعية، يتضمن إجبارهم على تناول لحم الخنزير وشرب الخمور، بالإضافة إلى تعليمهم اللغة والثقافة الصينية، مع منعهم من الصوم أو ارتياد المساجد، بهدف محو الهوية الثقافية والدينية لمسلمي الإيغور، كما تقوم السلطات الصينية بتغيير التركيبة السكانية لذلك الإقليم المحتل منذ 1949، حيث تقوم بتوطين سكان من عرقية الهان الصينية لتحويل المسلمين الإيغور لأقلية عرقية ودينية. ويرى مراقبون أن اتجاه ابن سلمان للصين، العدو الأكبر للولايات المتحدة، يعد نتيجة طبيعية للمواقف الأمريكية الغاضبة منه، والتي تزامنت مع إدراج الاتحاد الأوروبي للسعودية على قائمة البلدان "المتساهلة مع تمويل الإرهاب وغسيل الأموال”، وهذا ما دفع مغردين سعوديين من بينهم الأمير حمد بن عبد الرحمن آل سعود، للتعليق على صورة ولي العهد وهو يتكئ على سور الصين العظيم بأنه “سور حامي السعودية العظيم”. معسكرات التفتيش وفي عدة مناسبات أعربت الأممالمتحدة عن قلقها من اعتقالات جماعية لأكثر من مليون إيغوري مسلم من قبل السلطات الصينية، داعية إلى إطلاق سراح المحتجزين في المعسكرات، وقالت لجنة الأممالمتحدة للقضاء على التمييز العنصري، العام الماضي، إنها تشعر بالقلق إزاء تقارير عن تحول منطقة الإيغور ذات الحكم الذاتي إلى “معسكر اعتقال هائل”. إلا أن ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، كان له رأي آخر في تلك الملايين من الأطفال والنساء والرجال، شكّلت خيبة أمل كبيرة لملايين المسلمين الإيغور، فالشاب الذي سيحمل بعد والده لقب خادم الحرمين الشريفين، وهو لقب ذو وزن ثقيل لدى المسلمين، لم يبادر لحظة وصوله العاصمة الصينيةبكين بالدفاع عن الإيغور، بل دافع عن حق الصين في معاملتهم معاملة العبيد، ولا بأس بحشر مليون إيغوري في زرائب اعتقال تسميها الصين “معسكرات إعادة تأهيل السكان المسلمين”. فهل عكس الأمير الشاب الذي يترقب ارتداء عباءة “خادم الحرمين الشريفين”، الآية الشريفة في سورة النصر، وبدلا من أن يدخل الناس في دين الله أفواجا، أصبحوا على يديه ووفق سياسته المشجعة على قتل المسلمين يخرجون من دين الله كما دخلوا؟، وخلال لقائه نائب رئيس مجلس الدولة الصيني “هان تشنغ” قال ابن سلمان: “للصين الحق في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف لضمان الأمن القومي”، مضيفا أن “السعودية تحترمها وتدعمها ومستعدة لتعزيز التعاون معها”. ونقلت وكالة الصين الجديدة الرسمية عن “هان” قوله، خلال اجتماعه ببن سلمان: “إن على الدولتين تعزيز الشراكات في مكافحة الإرهاب وتطبيق القانون وتبادل الخبرات في مكافحة التطرف”، وذكرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية أن ولي عهد آل سعود “أعرب عن دعمه للسياسة الصينية بإقامة معسكرات اعتقال لمسلمي الإيغور في الصين”. ونقلت المجلة عن التلفزيون الصيني المركزي قول محمد بن سلمان خلال لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ: إن “الصين لها الحق في اتخاذ إجراءات تكفل لها مكافحة الإرهاب وتفكيك التطرف، وذلك حرصا على أمنها القومي”، وأضاف أن الرئيس الصيني أشاد بالعلاقات بين الدولتين، قائلا إنهما سيتعاونان بشكل أكبر في مجال مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط. باعهم الأمير! كانت جهات من مسلمي الإيغور قد ناشدت ولي العهد السعودي كي يضغط على السلطات الصينية لتغيير إجراءاتها تجاههم في مملكة تركستان الشرقية التي تحتلها الصين وتسميها إقليم شينغيانغ، وشهد الإقليم الذي يشكل الإيغور غالبية سكانه، توترا شديدا واعتداءات دامية قبل أن تفرض عليه في الأعوام الأخيرة رقابة شديدة من جانب الشرطة، ويقول خبراء ومنظمات حقوقية إن حوالي مليون مسلم محتجزون في مراكز لإعادة التأهيل السياسي في الإقليم. ولم يكتفِ “بن سلمان” بالدفاع عن الإجراءات الصينية ضد مسلمي الإيغور، بل عمل على إدراج اللغة الصينية في جميع مراحل التعليم العام والجامعي في المملكة، وتسيطر بكين منذ 1949 على إقليم “تركستان الشرقية”، الذي يعد موطن أقلية الإيغور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم “شينغيانغ” أي “الحدود الجديدة”، وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مواطن مسلم في البلاد، 23 مليونا منهم من “الإيغور”، في حين تؤكد تقارير أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون، أي نحو 9.5% من مجموع السكان. وتجبر الصين الملايين من المسلمين على دراسة العقيدة الشيوعية في المخيمات وتحتجز قرابة مليون مسلم من الإيغور في معسكرات الاعتقال، تخضعهم لبرامج إعادة تثقيف تزعم أنها “تهدف إلى مكافحة التطرف” وتصر على وصف المعسكرات بأنها “مدارس تدريب مهني”. وتحدثت منظمة هيومن رايتس عن سقوط قتلى في معسكرات التعليم السياسي، بما يثير المخاوف من الاعتداء الجسدي والنفسي على المحتجزين بها، فضلا عن الإجهاد الناجم عن سوء الظروف المعيشية والاكتظاظ والحبس لأجل غير مسمى، ونقلت هيومن رايتس عن محتجزين تأكيدات بوقوع حالات انتحار و”عقوبات قاسية” للمخالفين للتعليمات بها، وفي سبتمبر 2017 أشارت تقارير إلى أن بيجين أمرت أقلية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة وبقية العلامات الدينية الإسلامية وإلا سيتم عقابهم وفق تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية عن مصادر إيغورية في الخارج. وبالرغم من استمرار القمع الأمني والتشويه الفكري والثقافي الذي تقوم به السلطات الصينية لذلك الإقليم المحتل، إلا أن الثورات الشعبية لم تتوقف منذ أول محاولة لضم الإقليم في القرن الثامن عشر، وتخشى الصين أن يقوم الغرب بدعم ثورة مسلمي تركستان، لإفشال مشروع طريق الحرير، لذلك فهي تبادر بتغيير الهوية الدينية للإقليم وتشويه تركيبته السكانية، لمنع أي محاولات مستقبلية لاستغلال الأقلية الإيغورية ضدها، كما تنوي الصين نقل الثقل الصناعي من الشرق حيث موانئ التصدير إلى تركستان الشرقية بغرب البلاد، ليتم تصدير المنتجات إلى وسط آسيا وأوروبا، عبر طرق برية وسكك حديد، فيما يسمى بمشروع طريق الحرير الجديد.