حذر مجلس الحريات الأكاديمية طلاب الشرق الاوسط (ميسا) المشرف علي سفر الطلاب الاجانب لمصر ودول الشرق الاوسط للدراسة والبحث، أي طالب أجنبي من السفر لمصر مؤكدا أن “الأجهزة الأمنية المصرية هي مصدر الخطر علي حياة وسلامة الأكاديميين”. وشهدت مصر قتل الاجهزة الامنية الطالب الايطالي جوليو ريجيني واعتقال طلاب اخرين حضروا من امريكا وفرنسا والمانيا للدراسة في مصر، ما دفع جهات اكاديمية عديدة لنصح طلابها الاجانب بعدم السفر للبحث العلمي في مصر ودفع جامعات اجنبية للتوقف عن فتح فروع لها في مصر. وجاء في التقرير الذي نشره مجلس “ميسا” (MESA Board) أنه “بالنظر إلى المناخ السياسي والأمني الحالي في مصر، فإن مجلس ميسا يشعر بأنه مضطر إلى مراجعة تنبيهاته حول طبيعة التهديدات التي تواجه أولئك الذين يفكرون في السفر إلى مصر من أجل البحث والدراسة، بالإضافة إلى أولئك الذين يقيمون داخل البلد، من أن “العديد من هذه التهديدات تأتي من الهيئات الرسمية التي يبدو أن مهمتها هي العمل لتوفير بيئة آمنة للدراسة والبحث”!!. وقالت لجنة الحرية الأكاديمية (MESA) انها قامت بتوثيق عدد مقلق ومتوسع من الهجمات على حرية التعبير والحرية الأكاديمية في مصر، وأنها اصدرت عدة تحذيرات في هذا الشأن مرارًا وتكرارًا للتعبير عن قلقها بشأن الانتهاكات التي تجري ضد الطلاب الاجانب الراغبين في ممارسة البحث العلمي في مصر. ورصدت اللجنة هذه الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الانقلاب على النحو التالي: 1. الحرمان من الدخول إلى البلاد ومضايقة العديد من العلماء والباحثين. 2. تدخل سلطات الانقلاب في مصر في الاطروحات الجامعية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس. 3. الفصل من الجامعات وطرد مئات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المصريين. 4. الحكم بالإعدام على العديد من الأكاديميين المصريين حتى الموت قتل ريجيني متعمد وجاء في تقرير مجلس الحريات الاكاديمية طلاب الشرق الاوسط (ميسا) رد قصة قتل الطالب الايطالي وتأكيد أن “نمو العنف والقمع ضد الأكاديميين والباحثين المرتبطين بها في مصر وصلت نتائجه المأساوية لقتل طالب الدكتوراه بجامعة كامبردج الطالب جوليو ريجيني. ففي 3 فبراير 2016، تم العثور على ريجيني، ميتًا على جانب الطريق إلى غرب العاصمة، وتأكد أن أمن الدولة المصرية كان ضالعاً في اختطاف ريجيني وقتله بحسب التقرير الذي اتهم السلطات المصرية بمواصلة الكذب ورفص تقديم الإبقاء الجناة للعدالة وحتى الآن لم يتم توجيه تهمة أو اعتقال أي شخص. وقال: “بصفتنا الممثلين المنتخبين لل MESA، وهي جمعية بارزة لعلماء المنطقة، فإننا نعرب عن تضامننا وتأكيد التزامنا بالتعاون مع العلماء والطلاب في المؤسسات المصرية. وبصفتنا مستشارين ومرشدين للخريجين وغيرهم من الطلاب، فإننا نرى أنه من واجبنا التعبير عن مخاوفنا المستمرة بشأن شروط البحث في مصر”. واضاف التقرير: “ما زلنا نعتقد أن هناك ما يدعو للقلق الشديد بشأن سلامة الباحثين الأكاديميين في مصر، وقلقنا هو أن يذهب غير المصريين إلى زملاءهم الطلاب والباحثين مصر ولأولئك الذين قد نسعى للتعاون معهم أو المشاركة في بحثنا ثم يتعرضون للأذى. وقال أن الباحثين والباحثين ذوي الخبرة والمعرفة الواسعة بالبلاد والطلاقة باللغة العربية قد يكونون قادرين على العمل بأمان في البيئة الحالية لسلطة الانقلاب وانه يجب ممارسة أقصى درجات الحذر عند التفكير في السفر أو الدراسة المتعلقة بمصر، بسبب الخطر الذي يواجه الباحثين الاجانب وغيرهم خاصة من يعملون في ابحاث تتعلق بالسياسة والتاريخ الحديثين. وشددت MESA على “استمرار التحقيق في انتهاكات الحرية الأكاديمية في مصر والعمل بنشاط من أجل لفت الانتباه إلى هذه الانتهاكات، وكتابة خطابات احتجاج حول هذه الانتهاكات للسلطات المصرية ذات الصلة، وبكل الطرق الممكنة والمناسبة لدعم زملائنا المصريين الذين هم على الخطوط الأمامية في المعركة المستمرة للدفاع عن هذا الحق الأساسي”. وطالب مجلس MESA بإجراء تحقيق كامل وصادق وشفاف في ظروف وفاة جوليو ريجيني وطالب بدعم عمل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في الدفاع عن علماء آخرين، مصريين وغيرهم، ممن استهدفوا أو استهدفوا من قبل سلطة الانقلاب بسبب عملهم الأكاديمي. نص البيان: https://mesana.org/advocacy/letters-from-the-board/2019/02/04/revised-security-alert-on-egypt-february-2019 الحرية الأكاديمية في خطر وسبق أن وجه معهد كارنيجي للدراسات انتقادات عنيفة لمصر وملف الحرية الأكاديمية التي اسماها ب “الضائعة” منذ الانقلاب العسكري عام 2013، مشيدا بإعادة الرئيس مرسي الحرية الأكاديمية وذبح السيسي قائد الانقلاب لهذه الحرية وإضاعتها. وأكدت دراسة رصد خلالها المعهد مظاهر ضياع الحرية الاكاديمية أن “القمع المستمر والمتزايد الذي تمارسه سلطة الانقلاب ضد الأبحاث الأكاديمية يعرقل أهدافها الساعية إلى توسيع المعرفة لتحقيق التنمية الاقتصادية”. وأكد التقرير على الدور الذي لعبه الرئيس محمد مرسي عام 2012 حين اجاز لأعضاء الهيئات التعليمية انتخاب عمداء الجامعات ورؤسائها بأنفسهم، ما شكّل هذه الاندفاعة التي أُعطيَت للاستقلال الذاتي والحرية الأكاديميَّين بعد ثورة 25 يناير، والتي كانت خطوةً أولى مهمة في جعل الجامعات تبتعد عن حالة التبعية لنظامٍ سلطوي وتتحول إلى مراكز مستقلة للأبحاث والتعليم. وأوضح التقرير أنه رغم موافقة نواب الانقلاب على قانون جديد هدفه تسهيل السماح بالتعجيل في إنشاء فروع دولية للجامعات العالمية في مصر، إلا أن هذه الجامعات تهرب بسبب سجل القاهرة القمعي منذ الانقلاب العسكري. ففي عام 2017، تحدّثَ السفير المصري لدى بريطانيا العظمى، ناصر أحمد كامل، مع المعنيين في جامعة ليفربول عن إمكانية إنشاء فرع في مصر، وفكّرت الجامعة جدّياً في الأمر لأسباب مالية، لكن بعد إجراء تحليلٍ أوّلي، وجدت الجامعة أن المخاطر المتأتّية عن ذلك، ومنها ما وصفته لجنتها الإنمائية الدولية باحتمال “تعرُّض سمعتها للضرر”، هي أكبر من أي منافع مالية يمكن تحقيقها. والمقصود بالكلام عن “تعرُّض السمعة للضرر” كان الإشارة إلى سجل حقوق الإنسان الآخذ في التردّي في مصر، من خلال الاعتقالات، والحجز التعسّفي، وتشويه السمعة (الذي يطال أيضاً الأكاديميين)، وحتى الأحكام بالإعدام، وجرائم القتل، والنتيجة مناخٌ سياسي مريع لا يؤمّن بيئة مواتية للتعليم، فما بالكم بالأبحاث الابتكارية، بحسب نص التقرير. ويشير تقرير معهد “كارنيجي” لأن قرار جامعة ليفربول يكشف عن نزعةٍ مقلقة تُلقي بوزرها على الجامعات الحكومية والخاصة في مصر، وتتمثّل في خسارة الحرية الأكاديمية. 5 معاناة للبحث العلمي في مصر ويعاني البحث العلمي في مصر من 5 معاناة تتعلق بالقمع الامني للحريات الجامعية على النحو التالي: أولا: قضية وليد الشوبكي في مايو 2018 اعتقلت اجهزة الامن المصرية “وليد الشوبكي” الباحث المصري بجامعة واشنطن الذي اختفي عقب وصوله مصر وإجرائه مجموعة من المقابلات مع قانونيين وقضاة معروفين في مصر، ووجهت له مع اخرين تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية. وأُخلي سبيله في الأول من ديسمبر 2018 بعدما أمضى ستة أشهر في السجن، وكان هذا مؤشر جديد على انحسار الحرية الأكاديمية، فالشوبكي، وهو طالب دكتوراه في جامعة واشنطن، كان يجري أبحاثاً ميدانية في القاهرة تحضيراً لأطروحته عن استقلال القضاء عندما أقدمت القوى الأمنية على خطفه في أواخر مايو الماضي. وكان اسم الشوبكي مدرَجاً على قائمة للنيابة تضم ثلاثة عشر صحافياً وأكاديمياً وناشطاً في المجتمع المدني متّهمين بنشر أخبار كاذبة وتشارُك معلومات مع “مجموعات محظورة”، بموجب قانون مكافحة الإرهاب الشديد القسوة الذي تُطبّقه سلطة الانقلاب. ثانيا: التوسع في فصل استاذة الجامعات في عام 2015، عمد مرسوم رئاسي إلى توسيع الأساس المعتمد لإقالة الأساتذة ليشمل بجنب فصل اساتذة الاخوان والمعارضين لسلطة الانقلاب أي حراك في حرم الجامعة فضلاً عن انتهاكات مبهمة للأخلاقيات. وقد اشار التقرير ربع السنوي لحالة حرية التعبير في مصر الربع الأول (يناير – مارس 2017) لمؤسسة حرية الفكر والتعبير للقيود علي الحرية الأكاديمية مؤكدا أن أبرز هذه الملامح غياب النصوص القانونية التي تنص مباشرة على حماية الحرية الأكاديمية، وإن كانت نصوص الدستور والقانون تتيح الحماية لجوانب مهمة من العمل الأكاديمي واستقلال الجامعات. كما يتعرض أعضاء هيئة التدريس والطلاب والباحثين لتدخلات ورقابة من قبل أجهزة أمنية وتنفيذية، خاصة في حقلي العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية، ويواجه الباحثون الأجانب عوائق وملاحقات ناتجة عن تصور الأجهزة اﻷمنية بخطورة عملهم في مصر على "اﻷمن القومي". ثالثا: موافقة الأمن شرط لسفر الأساتذة في عام 2016 أصدر السيسي مرسوماً رئاسياً أجاز فيه للأجهزة الاستخبارية ضبط الجامعات الحكومية والحياة الفكرية لأعضاء هيئات التدريس فيها. ونتيجةً لذلك، يُفرَض الآن على أعضاء هيئات التدريس التقدّم بطلبات إلى الأجهزة الاستخبارية للموافقة عليها كي يتمكّنوا من المشاركة في محاضرات خارج البلاد. ويجب أن توافق أجهزة الاستخبارات أيضاً على الدعوات التي توجّهها الجامعات الحكومية إلى شخصيات أجنبية لإلقاء محاضرات لديها، وكذلك على أي مقررات دراسية جديدة ترغب هذه الجامعات في إدراجها في مناهجها. رابعا: قمع الحركة الطلابية بالجامعات تحكم حالة الحقوق والحريات الطلابية عدة سمات أبرزها التراجع التدريجي في نشاط الحركة الطلابية بالجامعات منذ الانقلاب علي الرئيس محمد مرسي في يوليه 2013، مقارنة بالنشاط الكبير وتنامي الحراك الطلابي عقب ثورة 25 يناير 2011. وقد عملت السلطة التنفيذية خلال السنوات الثلاثة الماضية على تمرير تشريعات جديدة وإدخال تعديلات على أخرى، لتمكين إدارات الجامعات من تطبيق المزيد من العقوبات على الطلاب الناشطين، وتقليص مساحات الحريات الطلابية. كذلك شهدت الجامعات تدخلات أمنية فجة أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 21 طالبا، أثناء قمع الأجهزة الأمنية لاحتجاجات طلابية متفرقة. ويعاني مئات من الطلاب من الحبس الاحتياطي وأحكام بالسجن على خلفية مشاركتهم في أنشطة احتجاجية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. وبين العامَين 2013 و2016، أعتقل أكثر من 1100 طالب، وطُرِد ألف طالب أو اتُّخِذَت إجراءات تأديبية بحقهم، ومَثُل 65 طالباً أمام المحاكم العسكرية، وقُتِل 21 طالباً خارج نطاق القضاء. خامسا: رؤية السيسي تحكم البحث العلمي في إطار الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها السلطة التنفيذية لإحكام قبضتها على الجامعات، أعلن رئيس مجلس الدراسات العليا والبحوث في جامعة الإسكندرية، في نوفمبر 2018، أنه يجب أن تتقيد جميع اقتراحات الأطروحات لنيل الدكتوراه والماجستير بمندرجات “رؤية مصر 2030”. وهذا القرار الذي اتخذته سلطة الانقلاب بفرض سيطرتها على الجامعات الرسمية والمواضيع التي يُسمَح للطلاب بدراستها يحدّ من الإبداع ومهارات التفكير النقدي التي يجب تطويرها لدى الطلاب المصريين كي تتمكن البلاد من تلبية أهداف “رؤية 2030”. وهذه السيطرة المحكمة، بما في ذلك الوجود العلني والسرّي لضباط الاستخبارات، لم تؤدِّ وحسب إلى خنق الحياة الفكرية، بل حرمت الطلاب أيضاً من حريتهم.