بينما يتجول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بين الأزهر والكنيسة متحدثا عن قيم السلام والتسامح مع الآخر يشن عبدالفتاح السيسي حملة اعتقالات واسعة لمعارضيه ما اعتبره مراقبون رسالة من عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، للرئيس الفرنسي والغرب بصفة عامة بأن انتقاداتهم لأوضاع حقوق الإنسان في مصر لن تثنيه عن مواصلة سياساته. السيسي الفرعون السيسي هو الفرعون الذي لا تستغني عنه فرنسا حتى وإن دهس الحريات وحقوق الإنسان بالدبابات، هكذا تصور الصحف الفرنسية قائد الانقلاب بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة التي غلب على أجندة المباحثات فيها قضايا ليبيا وسوريا واللاجئين إضافة إلى سبل التصدي للهجرة إلى أوروبا التي يقدم الجنرال المنقلب فيها نفسه على أنه جندي يحمي أمن القارة العجوز. الزيارة تعتبر الأولى التي يجريها ماكرون للقاهرة فيما كان الملف الاقتصادي حاضرا وعلى رأسه بحسب مصادر فرنسية مصير بعض استثمارات باريس القائمة في مصر منذ سنوات في ظل استحواذ القوات المسلحة على معظم القطاعات الاستثمارية كنتيجة طبيعية لمزايا التي أغدق بها السيسي على جيشه بما مكنه من منافسة القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب . ملف الحريات أما ملف الحريات وحقوق الإنسان الذي تقدم فرنسا نفسها للعالم بوصفها حامية له فقد كان نصيبه من زيارة ماكرون تصريحات ناعمة تبدو أنها جاءت استجابة لضغوط المنظمات غير الحكومية واسترضاء لها، ورغم أن ماكرون وصف انتهاكات السيسي قبل الزيارة بأنها أسوأ من عهد مبارك إلا أنه حاول انتقاء ألفاظه خلال المؤتمر الصحفي في القاهرة معتبرا أنه كصديق يصعب عليه ترديد الانتقادات التي توجه لملف حقوق الإنسان في مصر ليلجأ السيسي إلى تبرير الانتهاكات بوصلة من التسول. غير أن هذه التصريحات لم تغير من الحقائق شيئا وظهر ذلك جليا خلال الرد على سؤال حول المدرعات الفرنسية التي استخدمت في دهس المصريين ووثقتها منظمة العفو الدولية. سياسة الكيل بأكثر من مكيال ستظل هي المعادلة التي تحكم علاقة الغرب بالسيسي في قضايا الحريات وحقوق الإنسان مهما بدت الحقائق على الأرض تؤكد أن الطرف الذي يتم دعمه مستبد لكنه يحقق مصالحهم.