ما أتى بالحرام يذهب بالحرام، عبارة يطبقها وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب محمد مختار جمعة وهو يتقمص دور أبو الصهيونية تيودور هيرتزل ويتبرع مما لا يملك ب20 مليون جنيه في أحد أفراح العسكر، لم يقاوم جمعة حالة الانتشاء التي أصابته وهو يسمع إطراء من لا يستحق له وهو يقول “كنت أتمنى يخش الجنة بأكثر من كده”، ليدخل جميع معازيم الفرح في نوبة ضحك، وعلى رأسهم جمعة، بينما وحده الشعب المصري يبكي على نهب أملاكه. وأصدر قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي القرار رقم 300 في يوليو 2017، بتشكيل لجنة لحصر ونهب أملاك هيئة الأوقاف من الأراضي والمباني والمشروعات والمساهمات في شركات، لإدراجها لصالح خزانة العسكر لدعم مشاريعهم مثل العاصمة الإدارية الجديدة. ورفضت في حينها هيئة علماء الأزهر سطو العسكر على أملاك الأوقاف، مؤكدة "أن شرط الواقف مثل شرط الشارع، لا يجوز الاعتداء عليه لا بالتغيير ولا بالتبديل"، وقالت إنه "من هنا ضاعت مكانة الإسلام والمسلمين؛ فالأصل أن العالم يأخذ راتبه من مال الأوقاف الموقوفة، مثله كمثل القسيس الذي لا يتقاضى راتبا من الدولة، إنما من كنيسته”. أموال حرام كانت بداية سطو العسكر على أملاك الشعب في الأوقاف مع أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر، الذي ضم أوقاف المسلمين إلى وزارة الزراعة وترك أوقاف النصارى ولم يجرؤ أحد على الاقتراب من أوقاف الكنيسة، كما أن الأزهر كمؤسسة جامعة، كانت تنضوي تحته هيئة الأوقاف، والفتوى، والوقف كان للأزهر، وفي نهاية القرن التاسع عشر، استحدثوا دارا للإفتاء، وفي بداية القرن العشرين سلخوا المساجد من الأزهر، وأنشأ العسكر وزارة الأوقاف وهي غير تابعة للأزهر. وفي يناير 2017، تقدم النائب في برلمان الدم، اللواء محمد أسامة أبو المجد، أحد نواب المخابرات الحربية، و60 آخرون، بقانون معدل لقانون الأوقاف رقم 80 لسنة 1971 ينص في مادته الأولى على أنه "يجوز لرئيس مجلس الوزراء تغيير شروط الوقف إلى ما هو أصلح منه"، وتحدث مشروع القانون عن "تحقيق المصلحة العامة التي تقتضيها ظروف المجتمع، ومساعدة الدولة على عمل المشروعات ذات النفع العام". وفي فبراير 2018، قال مختار جمعة، وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب: إن مجلس وزراء العسكر وافق على قانون هيئة الأوقاف الجديد، دون أن يشير إلى تفاصيل القانون، أو إلي تغيير "شروط الوقف" في القانون بما يسمح للسلطة بالسيطرة على أموال الأوقاف وتحويلها إلي مشاريع عامة بدلا من الهدف الذي وقفه أصحاب الوقف لتخصيص هذه الأموال والأراضي للأوقاف. في هذا السياق؛ كشف مستشار وزير الأوقاف السابق، الشيخ سلامة عبد القوي، “أن أصول الأوقاف بمصر تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، وما رصدناه بشكل دقيق – خلال إشرافي على ملف هيئة الأوقاف – فمعظمها أراض منهوبة تسيطر عليها مافيا معروفة، وهي معلومة وليس استنتاجا”. وأوضح أن “هذه المافيا هي زمرة من اللواءات الحاليين والمتقاعدين سواء في الجيش أو الشرطة، ووزراء وبرلمانيين سابقين يسيطرون على أجود الأراضي في أماكن متميزة؛ خاصة في الدلتا وفي القاهرة”، وأكد أن “اجتماع السيسي بوزير الأوقاف ورئيس المخابرات وغيرهما لبحث أوجه الاستفادة من ريع تلك الأوقاف لا يجوز من الناحية الشرعية؛ لأن لا السيسي ولا وزيره يملكان اتخاذ أي قرار بشأن مصير هذا المال، ودور الوزارة إشرافي فقط، حتى لو كان في اتجاه تنمية الاقتصاد القومي للبلاد، وكل ما يخرج منه من قرارات هي باطلة”. وأضاف أن “السيسي الذي يجمع الفكة من المصريين ليس من المستغرب توجهه إلى تلك الأصول والأملاك من خلال قوانين وفتاوى مدلسه للسيطرة على أراضي الأوقاف، وخير دليل على هذا اللجنة التي أمر بتشكيلها برئاسة إبراهيم محلب لحصر واسترداد أموال الأوقاف”. مبالغ طائلة وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، جمال عبد الستار، كشف أيضا أن “أكثر من نصف أراضي مصر وقف، وهو ما تؤكده الحجج والأوراق الرسمية في الأوقاف التي أطلعنا عليها، وجزء كبير من تلك الممتلكات مغتصبة، وأكبر هيئة تاجرت بها وباعتها هي المؤسسة العسكرية، فهيئة الأوقاف، هي أغنى هيئة في مصر، ومالها وقف لا يحق التصرف فيه”. وقال: “وضعنا مادة في دستور 2012 لحماية تلك الأوقاف، تقول (إن أموال الأوقاف لا تسقط بالتقادم)، وكانت كفيلة بحماية أموالها واستردادها مهما طال الزمن، ولما جاء السيسي أزال هذه الفقرة، وهو الآن يسعى للسيطرة عليها، أو ما تبقى منها”، وبين أن “أموال الأوقاف الآن مهدرة، وقيمتها مرتفعة للغاية، ولكنها ليست ملكا للدولة، ولا يحق لها الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال، وهي تتبع هيئة مدنية، فوزير الأوقاف بصفته راعي هذا الوقف، وليس من حقه التدخل فيه بتبرع أو شراء أو غيره”. من جهته قال الناشط الحقوقي حاتم أبو زيد: إن “ما يتم هو حلقة من سلسلة حلقات الاستيلاء على أموال المسلمين والأمة؛ بهدف إفقارها ومنع المجتمع من تحقيق أي تقدم ومحاصرته على الأصعدة كافة”، وأضاف أن “هذه الأوقاف لو ردت للمسلمين فهي تكفي لاختفاء الفقر بنسبة كبيرة جدا جدا؛ فهي تقدر بالمليارات وتدر دخلا بمئات الملايين، كما أنها كانت تستخدم للإنفاق على دور العلم والعلماء، مما كان يحرر العلماء والمشايخ من قبضة السلطة ويضمن لهم العيش الكريم”. وتابع: “لكن الاستيلاء عليها تم ضمن خطة السيطرة على المجتمع وتحطيمه، خاصة أنه بعد ثورة يناير كانت الدعوات بدأت تتصاعد برد أموال الأوقاف للمسلمين، كما ردت أوقاف المسيحيين لهم من قبل”، تعد وزارة الأوقاف هي الأغنى بين المؤسسات الحكومية في مصر، وذلك وفقا لحجم أملاكها التي كشف النقاب عنها مؤخرا، وهي السابقة الأولى من نوعها في تاريخ الوزارة، وفقا لخبراء. أملاك الأوقاف وبلغت المحفظة المالية للوزارة نحو تريليون و37 مليارا و370 مليونا و78 ألف جنيه نحو 58 مليار دولار، وفق ما أعلنه رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية سيد محروس، وتوزعت هذه الأصول بين أملاك زراعية تقدر ب759 مليارا و181 مليون جنيه وعقارات بقيمة تقديرية تبلغ نحو 137 مليار جنيه وأرض فضاء تقدر قيمتها بأكثر من 141 مليار جنيه. واستنادا إلى هذه الأرقام فإن أملاك الأوقاف تعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لمصر في الربع الثالث من العام المالي المنتهي 2017-2018 الذي بلغ نحو تريليون و52 مليار جنيه نحو 58 مليارا و588 مليون دولار، فضلا عن امتلاكها ربع ثروة مصر العقارية، وفقا لتقديرات عدة، وعلى الرغم من ضخامة تلك الأموال فإن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية الشيخ سلامة عبد القوي إبان فترة حكم الرئيس محمد مرسي شكك في صحتها، مؤكدا أنها تفوق ذلك بكثير.