يبدو أن مصير طاغية تشيلي السابق أوغيستو بينوشيه، يلاحق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ ففي عام 1998م، نجحت قضايا استغلت مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، عندما تمكن القاضي الإسباني بالتاسار جارزون من إصدار أمر باعتقال دكتاتور تشيلي السابق في العاصمة البريطانية لندن، وأمس كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الأميركية أن السلطات القضائية الأرجنتينية تدرس طلبا تقدمت به المنظمة للتحقيق مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في جرائم محتملة ضد الإنسانية في اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي. وطالبت المنظمة بالتحقيق من جانب سلطات الأرجنتين في هذه الادعاءات المنسوبة لولي العهد الذي من المقرر أن يحضر قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع في بوينس آيرس، “بسبب دوره المزعوم في قتل خاشقجي وكذلك جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن”، على حد قولها. وذكرت صحيفة “كلارين” الأرجنتينية أن القاضي آرييل ليغو وجه النيابة لتحديد ما إذا كان من الممكن توجيه اتهام لولي العهد بالقتل في الأرجنتين. وأفادت هيومن رايتس ووتش بأن الدستور الأرجنتيني يقر الولاية القضائية العالمية في جرائم الحرب والتعذيب، وهو ما يعني أن البلاد بإمكانها أن تقاضي أي شخص متهم بارتكاب مثل هذه الجرائم بغض النظر عن جنسيته أو مكان ارتكاب الجريمة. وقال كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش “إن حضور ولي العهد قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس يمكن أن يجعل المحاكم الأرجنتينية وسيلة لإنصاف ضحايا الانتهاكات من غير القادرين على التماس العدالة في اليمن أو المملكة العربية السعودية”. لكن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نوهت إلى أن التحقيق الذي أطلقته منظمة هيومن رايتس واتش ما زال في مراحله الأولى، وأن الحصانة الدبلوماسية وغيرها قد تحمي ولي العهد السعودي من أي تهم محتملة. ونقلت وكالة رويترز عن سارة ليا ويتسون مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش “قدمنا هذه المعلومات لممثلي الادعاء في الأرجنتين مع أمل بأن يحققوا في تورط ومسؤولية محمد بن سلمان عن جرائم الحرب المحتملة في اليمن، وكذلك تعذيب المدنيين ومن بينهم جمال خاشقجي”. ويعترف الدستور الأرجنتيني بالاختصاص العالمي لجرائم الحرب والتعذيب، وهو ما يعني أن السلطات القضائية يمكنها التحقيق في تلك الجرائم ومحاكمة مرتكبيها بغض النظر عن مكان وقوعها. وأشارت الصحيفة إلى أن التحقيقات الأرجنتينية قد تجعل بن سلمان يتراجع عن حضور القمة المقبلة، وهو ما يعني إعاقة حركته وفاعليته. وتقول “نيويورك تايمز “: إن “خطوة المدعين العامين في الأرجنتين تهدد حضور بن سلمان القمة، التي يريد أن يحقق من خلالها نصراً، حيث من المتوقع أن يلتقي عدداً من القادة الغربيين وأيضاً الرئيس ترامب”. “مجرم حرب” وبحسب الشكوى التي تقدمت بها “هيومن رايتس ووتش” في الأرجنتين، فإن بن سلمان كان مسؤولاً عن انتهاكات متعددة للقانون الدولي في اليمن، وضمن ذلك الغارات الجوية العشوائية التي تستهدف المدنيين، فضلاً عن استخدام ذخائر محظورة دولياً، تُعرف باسم “القنابل العنقودية”. ووثقت “هيومن رايتس ووتش” ما يصل إلى 90 غارة جوية غير قانونية شنها التحالف السعودي، واستهدفت منازل وأسواقاً ومستشفيات ومدارس ومساجد. وقال مسؤولون في الأممالمتحدة إن الحرب السعودية باليمن أدت إلى تعرُّض 14 مليون يمني للمجاعة. كما خلصت لجنة الخبراء في المنظمة الدولية، بوقت سابق من هذا العام، إلى أن الحصار المفروض على اليمن قد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب. كذلك، تُتهم الحكومة السعودية بممارسة جرائم تعذيب وسوء معاملة مواطنين سعوديين، بحسب الشكوى التي تقدمت بها المنظمة، بالإضافة إلى ما استشهدت به الشكوى من أدلةٍ عرضتها وسائل إعلام تركية عن تورط فريق عملاء تابع لمحمد بن سلمان في جريمة مقتل خاشقجي.