مدحت ماهر: الانقلاب يعتقد أن دخول الدراسة خطر عليه وبدلاً من استباقه بحل سياسي يستبقه بحل أمني. عمرو عبد الهادي: "الضبطية" انتكاسة لثورة 25 يناير وإجراءات الانقلاب كلها فاشلة وتكشف القبضة الأمنية ضد الحريات. وصف خبراء قرار منح الضبطية القضائية للأمن الإداري بالجامعات بالإجراء الاستباقي من سلطة الانقلاب تكشف ما تعانيه من ضعف شديد وتخوف من حراك طلابي ومجتمعي متوقع مع بدء موسم الدراسة، لأنه يعلم جيدا تنامي وتصاعد رفضه في صفوف الشباب، متوقعين أن يكون لهم دور كبير في إفشاله وكسره، وبدلا من الحل السياسي يلجأ الانقلاب لحلول أمنية فقط ستعجل من سقوطه. وكان المستشار عادل عبد الحميد وزير عدل الانقلاب قد وافق على منح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري بالجامعات قبل أسبوعين من بدء الموسم الدراسي. في قراءته لقرار منح الضبطية القضائية للأمن الإداري بالجامعات أكد مدحت ماهر - المدير التنفيذي لمركز الحضارة للدراسات السياسية - أنه يكشف أن الانقلاب العسكري ضعيف وهزيل يعتمد اعتمادا كليا على أداتين: الأداة الأولى هي القمع والعنف بين فوهة المدفع والاعتقال، والثانية أداة التضليل ونشر الكراهية وتفريق المصريين، بينما هناك أدوات ومجالات كثيرة الانقلاب عاجز عن استعمالها منها عالم السياسة والاقتصاد والمجتمع. ويكشف القرار برأي "ماهر" ل"الحرية والعدالة" أن سلطة الانقلاب تدرك جيدا وبشكل واضح أن القطاع الأكبر بالمجتمع يرفضه، وهذا القطاع يتزايد يوما بعد يوم خاصة في صفوف الشباب الذين أفزعتهم دموية الانقلاب، وبالتالي دخول الدراسة من وجهة نظر الانقلاب تمثل له خطرا كبيرا عليه ويتحسب له كثيرا، وكان من الممكن التعامل معه بأن يستبقه بحل سياسي وبالتراجع عن الأسلوب الأمني والقمعي، ولكن يبدو أن أفق الانقلاب أضيق من ذلك بكثير، فنراه يستعد لموسم الدراسة وتجمعات الشباب بإجراء أولي تخويفي وأمني وهو "الضبطية القضائية". وتابع "ماهر": الانقلاب يعلم أن للطلاب أدوات إبداعية ومتنوعة داخل وخارج الجامعة وتمثل إعلاما بديلا، كما أنها ستحدث هزة بمجال الاحتجاج وهزة للقوى السياسية والحزبية المؤيدة للانقلاب؛ لأن شباب هذه التيارات ستضع قيادات هذه الأحزاب في حرج كبير، فشباب الناصريين والليبراليين واليساريين والاشتراكيين لن يقبلوا مواقف هؤلاء المؤيدة للانقلاب. ويتوقع "الخبير السياسي" أن نهاية سبتمبر ستشهد تجمعات الشباب والتي ستمثل دفعة كبيرة لمعارضة الانقلاب وكسره، وأمام الانقلاب تجاهها أمران: الأول إما أن يتركها ويحاول أن يحتويها فيعطيها فرصة نشاط وقوة، والثاني أن يحاول قمعها بقمع الطلاب الرافضين للانقلاب بالضبطية القضائية أو بأدوات أكثر قمعية، وفي هذه الحالة القمعية يصنع الانقلاب موجة ثورية يقودها الشباب والطلاب، وتؤدي لتعميق الصدع المجتمعي حين تجد الأسر والأمهات أبناءهم لا عصمة لدمائهم، وهذه حالة خطيرة ضد الانقلاب؛ لأنها تنقل معارضة الانقلاب من معارضة سياسية إلى معارضة مجتمعية كاملة، أي توسيع دائرة رفض ومقاومة الانقلاب، وهذا كله يحدث بسبب تكبر وعناد الانقلاب إزاء مسألة الحل السياسي وإصراره فقط على الحل الأمني. ويرصد "ماهر" عدة عوامل مجتمعة سوف تعجل بكسر الانقلاب في النصف الثاني من شهر سبتمبر، فموسم عودة الدراسة والحراك الشبابي والطلابي المرافق لها من المتوقع أن يتزامن معه حالة وصفها ب"الانهيارات الاقتصادية" في قطاعات الخدمات والإنتاج حكومية وخاصة، تضاف لقائمة الإخفاقات القائمة، موضحا أنه إذا استمر أداء الاقتصاد على ما هو عليه من جمود وتراجع فإنه خلال الأسابيع القليلة القادمة سيعاني الانقلاب من أزمة عميقة في حركة الإنتاج وأحوال العمال وحركة البيع والشراء، لأن شهر سبتمبر معروف عنه أنه استئناف لموسم إنتاجي واقتصادي مفصلي، وسوف يكون للعمال والأسر متطلبات معيشية يصعب الوفاء بها، بينما يتمسك الانقلاب بالحل الأمني، رغم أن الشهرين الماضيين أكدا تعرضه لتراجع شديد، والقوى الرافضة له تكسب أنصارا ومساحات أوسع. وخلص ماهر إلى أن الفترة المقبلة ستشهد حراكا طلابيا ومجتمعيا وشبابيا وعماليا سيولد قوة دفع ذاتية وكبيرة لحركة مناهضة الانقلاب. من جانبه يرى عمرو عبد الهادي - عضو جبهة الضمير - أن منح الضبطية القضائية للأمن الإداري بالجامعات انتكاسة لثورة 25 يناير، مشيرا إلى أن أفراد الأمن غير مؤهلين نفسيا ولا علميا بأن يتعاملوا مع مثل هذه الظروف، ومنح الضبطية لهم بحد ذاته عودة لما قبل 60 عاما مضت وليس فقط عودة لنظام مبارك، فالطلاب يجب أن يكون لهم حصانة داخل الجامعة، أما الآن فكل شيء مستباح لقبضة أمنية على حساب جميع الحريات، ومنح الضبطية القضائية يتنافى مع قيم الليبرالية ذاتها التي تدعيها "حكومة الانقلاب". وتعكس هذه الخطوة برأي "عبد الهادي" ل"الحرية والعدالة" تخوفا مسبقا من دور الطلاب في حركة مقاومة الانقلاب، محاولا قمعها قبل بدئها، والتشديد عليها قبل بدء الدراسة، متوقعا أن تبوء كل محاولات القمع بالفشل، مؤكدا أن الطلاب سيكون لهم دور كبير في إفشال الانقلاب.