على غرار المنسوب لأشهر سيدتين في تاريخ السينما المصرية “ريا وسكينة”، ادعت مسرحية سعودية بأن الصحفي السعودي البارز "جمال خاشقجي" -رحمه الله- توفي إثر "شجار" واشتباك بالأيدي مع أشخاص سعوديين كانوا يناقشونه بشأن عودته للمملكة في القنصلية السعودية، وبفرض صدق الرواية التي لا يصدقها عقل يبقى السؤال أين الجثة؟ وادعت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة في موضوع اختفاء جمال خاشقجي أظهرت أن المناقشات التي تمت بينه وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته، وأشارت إلى أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمر النائب العام بإجراء التحقيقات في ذلك. السعوديون المنحازون للنظام القاتل ومعهم شيوخ البلاط، رأوا أن اتهام السعودية مؤامرة كونية يقف خلفها الأمريكان حلفاؤهم، والقطريون بطبيعة الحال وبالمرة إيران والشيعة، وجمعيات أصدقاء الكفار في كل مكان، وقال أحدهم وقلبه مطمئن بالإيمان: “إن السعودية محسودة!”. لم لا نقتله؟ في مصر تم نشر صور خاشقجي مع ابن لادن، دون الإشارة إلى أن خاشقجي ذهب وقتها للتغطية الصحفية، بعلم الدولة السعودية وبالتنسيق مع أحد أجهزتها، مجرد نشر الصورة بهذا الشكل قد يوحي بأنه إرهابي، فلم لا نقتله؟ ثمة دليل آخر على كونه إرهابيا، وهو أنه يكتب في الواشنطن بوست وهذه جريدة الإرهابيين في السعودية، والجواسيس في مصر، كما هو معلوم من الإعلام بالضرورة. الكثير من حسابات نشطاء ليبراليين تساءلت، في غير براءة، عن علاقة خاشقجي بالإخوان، بل قالوا صراحة إن خاشقجي إخوان، ولم يكن منحازا لأفكار الدولة المدنية، وبالتالي فهو لا يستحق الدعم وفي الغالب “هيخش النار”، الكثيرون اتهموه بأنه ليس معارضا أصلا، فلم يكن الرجل يصرخ، ولا يخرج على الشاشات بمقدمات نارية يسب فيها آل سعود، أو مؤخرات ملتهبة يصدرها لمن يقدرها، بل كان مؤيدا لهم؛ بدليل اتفاقه مع بعض سياساتهم ووصفه لهم ب”أولياء الأمور”، وهي كما ترى أسباب وجيهة لانتهاك حقوقه كمواطن وبني آدم وقتله داخل سفارة بلاده. Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2018-10-20 09:24:11Z | | في الوقت الذي أكد فيه مصدر سعودي لوكالة "رويترز" عدم معرفته بما جرى لجثة خاشقجي، وأضاف أن سائق القنصلية في إسطنبول ساهم في تسليم جثة خاشقجي لمتعاون محلي، محاولاً إبعاد الشبهة عن ولي العهد, مؤكداً أن الأمير محمد بن سلمان، لم يكن لديه علم بما جرى للمواطن جمال خاشقجي بشكل محدد، مشيراً إلى أنه تم اختيار العقيد ماهر مطرب للعملية لأنه عمل مع خاشقجي في لندن. مافيا على العرش! من جانبها شنت الناشطة اليمنية توكل كرمان، هجوما عنيفا على العاهل السعودي وولي عهده، عقب اعتراف السعودية رسميا لأول مرة منذ بدء القضية بمقتل خاشقجي داخل القنصيلة بتركيا، واصفة الأمر بإدارة المافيا والعصابات وليس إدارة دولة وسياسة. وقالت "كرمان" في تغريدة لها عبر حسابها بتويتر رصدتها (الحرية والعدالة) إن الشعب السعودي بات يعلم الآن أن الملك وولي عهده يكذبان عليه، وأضافت:"يعلم أيضا أنهما يديران الدولة على طريق المافيا والعصابات"، وبثت قناة الجزيرة تقريراً نارياً يفضح كَذِبْ الرواية الرسمية السعودية، بالاعتراف بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إثرَ "شجار". وتساءل تقرير "الجزيرة" عن رواية الشجار المُفضي إلى الموت طيلة ثمانية عشرَ يوماً، ولفت التقرير إلى تصريح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمجلة "بلومبرج" في الخامس من أكتوبر، حينما أكد أن جمال خاشقجي دخل القنصلية وخرج منها. وطرح التقرير تساؤلاً آخر يفند الرواية السعودية الرسمية الكاذبة، وهو لماذا لم تقم القنصلية السعودية بإعلام الشرطة والإسعاف التركي لمحاولة إسعاف جمال خاشقجي بعد الشجار، أو على الأقلّ التأكد طبياً من وفاته المُفاجئة؟، كما وتساءل التقرير عن جثة خاشقجي التي لم يرد في الإعلان الرسمي السعودي أيّ ذكرٍ لها. من جهته رفض المعلق الرياضي الجزائري حفيظ دراجي، رواية الرياض عن مقتل خاشقجي خلال ما وصفته النيابة السعودية بشجار داخل القنصلية، ووصف من يصدق هذه التصريحات بالمغفل، ودون "دراجي" في تغريدة له على "تويتر" رصدتها (الحرية والعدالة) ما نصه:" الله اكبر.. جمال خاشقجي توفي نتيجة شجار داخل القنصلية، اخيرا صدر بعض الاعتراف وليس كله”. وتابع مكذبا الرواية السعودية: “لكنهم لم يفصحوا عن مكان الجثة، ومع ذلك مغفل من يقول هذا الكلام وساذج من يصدقه"، واختتم المعلق الجزائري تغريدته بالقول:" المجد للراحل الشهيد ، والخزي والعار في الدنيا والآخرة لمن خطط ونفذ، برر وأنكر، ولمن صمت وكتم الشهادة أيضا". لن يفلتوا من العقوبة من جهتها قالت النائبة البريطانية عن حزب العمال المعارض، ووزيرة خارجية حكومة الظل البريطانية، إيميلي ثورنبيري، إن بريطانيا سمعت نفس الأعذار السعودية في ما يتعلق بالحرب على اليمن، والآن تكرر نفس الكلام في قضية الصحفي السعودي المقتول، جمال خاشقجي، وتابعت: “عندما يتم اقتراف جريمة مشينة، يعتبرونها خطأ غير مقصود، ويقف العالم متفرجا”، وأضافت ثورنبيري: “يجب على الكذب السعودي أن يتوقف، ولا يجب أن يفلتوا من العقوبة”، وبات من الواضح أن دماء خاشقجي بدأت تقتلع أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد، بعد واقعة اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، بن سلمان ورفيقه في القتل بن زايد، استسلما في واقعة خاشقجي، ويبدو أن الطريق بالنسبة لهما انتهى، بعدما خططا لقتل معارض في قلب إسطنبول بطريقة وحشية من أجل النيل من تركيا والتقليل من مكانتها والانتقام منها والحيلولة دون أن تكون أراضيها ملاذا آمنا للمعارضين العرب والمسلمين.