تمثل القضية المعروفة إعلاميًا بقضية تمويل منظمات المجتمع المدني، وسيلة سلطات الانقلاب لمعاقبة الحقوقيين، فبعد 7 سنوات من تداول القضية أعادها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي للواجهة من جديد؛ لتهديد كافة المنظمات المنتقدة لقمعه بحق المعارضة. وبحسب تقرير بثته قناة “وطن”، فبعد فترة من الكمون الإعلامي، أصدرت الدائرة الخاصة بقائد الانقلاب العسكري تعليماتها لهيئة التحقيق القضائية في القضية المعروفة إعلاميًا بالتمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بتحريك القضية علنًا مرة أخرى، واستدعاء عدد من المحاكمين القدامى من مراكز حقوقية مختلفة. التحرك تَمثَّل عبر إصدار قرار بمنع المحامي الحقوقي خالد علي من السفر، وتحديد موعد لمثول الناشطة إسراء عبد الفتاح أمام قاضي التحقيق في جلسة قد تكون الأخيرة لها في إطار التحقيقات الممتدة منذ عام 2015. إعلان تصعيد السيسي جاء بسبب ضعف الضغوط الحقوقية عليه خلال رحلته الأخيرة إلى نيويورك بعد تراخي الإدارة الأمريكية، بل ومكافأة قائد الانقلاب بإعادة صرف المساعدات المالية لحكومة الانقلاب. ويبدو من مجريات التحقيق أن القضية عندما ستحال للمحكمة لن يكون فيها على الأرجح أي متهم أجنبي؛ خشية إغضاب الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وألمانيا، والتي يسعى السيسي لإرضائها بغية تهدئة الأوضاع بتعطيل القضية. وبحسب مصادر قضائية، فإن السيسي كان السبب في تعطيل إحالة القضية في مارس الماضي؛ بسبب ورود تقارير دبلوماسية تفيد باستمرار ورود تساؤلات وانتقادات من دوائر غربية لملف العمل المدني والحقوقي في مصر، وكذلك بهدف طمأنة الدول الغربية خصوصًا بعد تزايد الانتقادات الدولية لممارسات حكومة الانقلاب في مجالي الأمن وحقوق الإنسان، وهو ما دعاها إلى محاصرة المخاوف الأجنبية من تحريك القضية، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية المزعومة. ورغم إلحاح نظام السيسي في الربع الأخير من العام الماضي، على تعطيل عمل المنظمات والمؤسسات الأمريكية والأوروبية المانحة لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومي في مصر بحجة وجوب توفيق أوضاع هذه المنظمات المصرية أولا، التزاما بقانون الجمعيات الأهلية الجديد الصادر في مايو الماضي، إلا أن المنظمات الأجنبية أبلغت سفارات دولها في مصر بضرورة محاولة تخفيف القيود التي يفرضها السيسي على المجال العام؛ لتمكينها من العمل في الأنشطة التعليمية والثقافية والاجتماعية. وهكذا باتت قضية التمويل الأجنبي متكاملة الأركان، كما أصبحت مسودة قائمة الاتهامات جاهزة ليتخلص السيسي من الانتقادات الحقوقية التي تصدرها تلك المنظمات حول ممارسات داخليته كافة الانتهاكات بحق رافضي الانقلاب، من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والقتل خارج إطار القانون.