بين الغباء والعمالة يتبادل الجنرالات الذين ابتلى الله بهم العرب أماكنهم، ظهر ذلك عندما اندلعت حرب الخليج الثانية بعد دخول الجيش العراقي إلى الكويت، وبضوء أخضر من سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكيةببغداد، والتي اختفت آثارها أثناء وبعد الحرب، دُمّرت قوة الجيش العراقي بعد تكالب قوى الغرب وفي مقدمتها أمريكا، وقوى عربية ومن بينها مصر أسهمت في تحطيم القدرات العراقية. يحاول الدكتور محمد البرادعي، أحد أعمدة الانقلاب والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، أن يثبت تهمة التآمر للمخلوع حسني مبارك، فزعم في كتاب أصدره باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان "عصر الخداع"، أنه لم يكن المحرك الأساسي للحرب على العراق، وإنما "مبارك" الذي ساند وبقوة إدارة جورج بوش الابن؛ لأنه كان يحمل ضغينة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين. يقول اللواء المتقاعد أركان حرب محمد علي بلال: "كان هناك تخطيط سليم من قبل الغرب للإيقاع بالطرفين، عبر دفع الكويت لسحب النفط من بئر الرميلة العراقي بميل، ومن ثم التأثير على أسعاره في السوق، للتأثير على الاقتصاد العراقي"، الذي يعتمد على تصدير النفط الخام، خاصة وأن العراق كان منهكا اقتصاديا وقتها، بسبب الحرب الطويلة مع إيران. وأضاف "استمرت المفاوضات لما يقارب السنتين دون فائدة، ويعلم الجميع أن الغرب سمح للعراق أن يغزو الكويت، والتخطيط الغربي لهذه الحرب يشبه إلى حد كبير ذلك التخطيط، الذي كان قبل حرب 1973 حين جُرّت مصر إلى الحرب مع إسرائيل، بحجة أن القوات الإسرائيلية تتحرك لاحتلال سوريا، ووقعت مصر في المصيدة، وحدث الذي حدث". مبارك العميل البرادعي الذي شرع في جولة مكوكية دولية زار فيها نصف بلاد العالم بعد انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، يروج للانقلاب ويزعم أن الرئيس المنتخب محمد مرسي، كان يرتب لقيام خلافة إسلامية مناهضة للغرب، زعم أن مبارك يعتقد أن صدام ورّطه في حرب الخليج الأولى والمعروفة باسم غزو الكويت، بعدما وعده بأنه لن يُقدم على غزوها، ثم فاجأه بهذا الهجوم في 2 أغسطس عام 1990، فهل كان مبارك بهذه السذاجة أم أن البرادعي لديه أوامر أمريكية بإخفاء نصف المؤامرة؟ يقول الناشط توفيق السبيعات: "صدام بغبائه أرجع العرب مئات السنين للوراء.. كان للعراق وللسعودية هيبة أمام الغرب وأمريكا.. بسبب غزو الكويت وخوف بواسل السعودية تم استدعاء القوات الأمريكية.. ومن يومها سقطت قوة العراق وتمزقت، والخليج أصبح ألعوبة بيد أمريكا.. أصبحنا تحت استعمار أمريكي مبطن". قاد البرادعي مسرحية مفتشي الوكالة والأمم المتحدة في العراق، أما مبارك فقد سرّب بعد ذلك أخبارا للأمريكيين، مفادها أن صدام يخبئ أسلحة بيولوجية في المقابر، وهو ما كان أحد الأسباب الداعمة لاندلاع العدوان على العراق عام 2003، بينما حاول المخلوع مبارك استثمار غزو العراق للكويت ليخرج من أزمته الاقتصادية الطاحنة آنذاك. بعدما فشل في الحصول على مساعدات من دول الخليج، وحصل المخلوع مبارك على أكثر من 12 مليار دولار مقابل موقفه وتحريضه ضد العراق، وما جرى في مؤتمر القمة في القاهرة 1990 كان تحريضا واضحا على العراق، وتدعيما للحل العسكري في الكويت ثم الغزو. سفير جهنم وخرجت معلومة ارتباط العراق بالقاعدة لأول مرة من داخل أقبية سجون المخابرات المصرية، في ظل رئاسة اللواء عمر سليمان لها، وأوصلها الأخير بدوره إلى الإدارة الأمريكية التي رحبت بها ووجدت فيها مبررا لبدء عملية الغزو، وتسبب الغزو الأمريكي للعراق بدمار بلاد الرافدين، ومقتل وجرح الآلاف من العراقيين، فضلا عن انهيار الدولة وجر البلاد إلى أتون صراعات دموية وطائفية ما يزال العراقيون يدفعون ثمنها باهظا إلى اليوم. يقول الناشط السياسي محمد البدر: "كلنا ننظر اليوم بعين واحدة لصدام حسين.. هو الديكتاتور والقاتل ومجرم حرب، إحدى جرائمه غزو الكويت في مثل هذا اليوم، لكن علينا ألا نغمض العين الأخرى، وهي أن الكويت قد دعمت هذا الديكتاتور قبل غزوها مع حربه ضد إيران.. الحقيقة المرة أن دول الخليج أسهمت في صنع جبروت صدام". وإلى الآن تتجاهل المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في حرب لم يكن لها داع في العراق، وقيام الآلة الإعلامية الغربيةوالأمريكية والمصرية بعملية تشويه بشعة قبل شن الحرب ضد بغداد، بالادعاء بملكية العراق لأسلحة دمار شامل، رغم أن الأدلة التي جمعها البرادعي والمفتشون الدوليون الآخرون لم تثبت ذلك. وقام الرئيس الأمريكي جورج بوش– الابن- بالاحتيال علي المعلومات، ومنها ما ورد في تقرير رفعه بنفسه إلى مجلس الأمن في يناير عام 2003، يشير إلى أن المفتشين الدوليين يعتقدون أن ما عثروا عليه في العراق من قضبان الألمونيوم ليست لتخصيب اليورانيوم بغرض إنتاج قنابل نووية، ولكن هي خاصة بتصنيع قذائف مدفعية. وهو ما تجاهله بوش في خطاب له في اليوم التالي، وكرر الاتهامات السابقة، في الثامن والعشرين من يناير.2003 ، ومن المعلوم أن بوب وودورد في كتابه (خطة الهجوم) كشف سر إيفاد حسني مبارك لنجله "جمال" ، بصفته سفير جهنم إلى واشنطن قبيل الحرب، يستحث الإدارة الأمريكية على الإسراع في ضرب العراق.