"مصر ستظل قوية، ونموذجا يحتذى به في التكافل والتضامن بين مؤسساتها، وفي مقدمتها القوات المسلحة القوية والشرطة الباسلة والقضاء الشامخ"، ذلك كان سطراً من الاتفاق الضمني بين شركاء الانقلاب الثلاثة، أعلنه السفيه قائد الانقلاب خلال حضوره حفل تخرج دفعة جديدة من الكلية الحربية، عام 2016، وهو يشير إلى أن هذه الفئات الثلاث التي شكلت عصابة 30 يونيو آمنة ومطمأنة إلى يوم الدين، ولن يمسها بطبيعة الحال الأزمات والقمع الاقتصادي الذي يواجه المصريين، وبالأخص في ما يتعلق بالغلاء وارتفاع الأسعار. وبإعلان وزارة البترول في حكومة الانقلاب قرارها بزيادة أسعار الوقود، بدءًا من الساعة التاسعة من اليوم السبت، رصدت "الحرية والعدالة" الفارق بين أسعار البنزين قبل رفع السعر وبعده، حيث قفز لتر بنزين 92 وبلغ 6.75 جنيه بدلا من 5 جنيهات، ولتر بنزين 95 يصبح 7.75 جنيه بدلا من 6.6 جنيه، ولتر بنزين 80 يصل إلى 5.5 جنيه بدلا من 3.65 جنيه، ولتر السولار يبلغ 5.5 جنيه بدلا من 3.65 جنيه، وقفز سعر الغاز للسيارات ل 2.75 جنيه بدلا من جنيهين. وقام برلمان الدم مؤخراً بالموافقة على مشروع قرار تقدمت به لجنة الدفاع والأمن القومي، بزيادة معاشات ضباط وجنود وأفراد القوات المسلحة، والشرطة المدنية، بنسبة 20%، بدعوى ما يقدمونه من تضحيات في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، وذلك بعد أيام قليلة من تصويت برلمان الدم بالموافقة على زيادة رواتب ومعاشات الوزراء والمحافظين، وبدلات الدبلوماسيين بأثر رجعي. الأمان للعصابة ووافق برلمان الدم على زيادة معاشات العسكريين بنسبة 15% في يونيو 2017، وبواقع 10% في منتصف العام 2016، في حين أصدر السفيه السيسي قبل انعقاده 6 قرارات سابقة بزيادة دخول العسكريين، آخرها في مارس 2016، بمنح رواتب استثنائية لبعض ضباط الصف الجنود المتطوعين والمجندين السابقين بالقوات المسلحة، والمستحقين لها. وفي يونيو 2015، أصدر السفيه السيسي قراراً بزيادة الرواتب العسكرية بنسبة 10% من دون حد أدنى أو أقصى، اعتباراً من أول يوليو 2015، كما أصدر قراراً في ديسمبر 2014 بزيادتها 5%، وآخر في أغسطس 2014 بتعديل الحد الأقصى لنسبة بدل طبيعة العمل في القوات المسلحة، التي تدخل كأحد العناصر في حساب الراتب الإضافي، بدءاً من 30 يوليو من العام ذاته. كما أقر فور استيلائه على السلطة، في يوليو 2014، زيادة 10% على الرواتب العسكرية المستحقة لرجال القوات المسلحة، من دون حد أقصى، وقبلها أصدر قراراً بصفته وزيراً للدفاع، في نوفمبر 2013، برفع رواتب ضباط الحرس الجمهوري 2000 جنيه، زيادة عن باقي زملائهم من نفس الرتب في مختلف الأسلحة والتشكيلات الأخرى بالقوات المسلحة، ورما كانت تلك ضمن رشوة الانقلاب على الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد. ومع بداية الانقلاب العسكري على الشرعية فى البلاد، ظن المراقبون أن مصر قسمت إلى شعبين، لكن بنظرة مالية متفحصة للقرارات والموازنات العامة خلال تلك السنوات، نجد أن مصر أصبحت شعوب وليس شعب واحد أو اثنين حتى بل ثلاثة، وأصبحت دولة القوات المسلحة والشرطة، بعيدة عن دولة القضاة، بعيدة أيضًا عن دولة الموظفين والمواطنين، فالأولى لها زيادات في الرواتب وعلاوات لم يحصل عليها موظف بالدولة منذ تعيينه، والثانية الخاصة بالقضاة مثلهم تقريبًا، أم الشعب الثالث وهم المدنيون فليس لهم إلى عظام الوليمة وفتات الخبز.. إن وجد! ثورة جياع قريبا ونصت المادة الثانية من القانون الذي وافق عليه برلمان الدم على أن: "يتقاضى كل من رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء شهريًا، وبحسب الأحوال، مكافأة أو مرتبًا يعادل صافيه الحد الأقصى للأجور"، بناءً عليه يقدر راتب رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء ب 42 ألف جنيه. ويتقاضى كل من نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين ذات الراتب الشهري الذي يُعادل صافيه الحد الأقصى للأجور، والمقدر ب 42 ألف جنيه شهريًا، و 37.800 للوزراء والمحافظين ونواب كل من الوزراء والمحافظين يتقاضون راتبًا شهريًا يعادل صافيه 90٪ من الحد الأقصى للأجور، أي 37.800 جنيه. وجاء في نص القانون الجديد، أن تتحمل الخزانة العامة أعباء تطبيق القانون ولا تخضع المعاشات المنصوص عليها فيه لأي ضرائب أو رسوم، 33.600 معاشاً لرئيسي الوزراء والنواب و30.240 للوزراء والمحافظين، وفيما يخص المعاش؛ نصت المادة الرابعة مكرر من القانون على استحقاق الفئات المُشار إليها، معاشًا شهريًا يعادل 80٪ من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب، على ألا ينتفع بأحكام هذه المادة إلا مرة واحدة، وهذا يعني استحقاق من يبلغ راتبه الشهري 42 ألفاً لمعاش يقدر ب33.600، فيما يبلغ معاش من يقدر راتبه ب 37.800 لمعاش يبلغ 30.240 جنيه. يأتي هذا في ظل تأكيد السفيه السيسي الذي قاد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب، على أن المصريين سيعيشون حالة اقتصادية سيئة خلال ربع قرن مقبل بزعم قلة الموارد، لافتا إلى أنه يمكن أن يظلم جيلا أو جيلين قادمين حتى تعيش الأجيال القادمة في رخاء، داعيا المصريين للتقشف وللتبرع من أجل مصر، وذلك رغم الإعلان المتكرر عن زيادة رواتب أفراد القوات المسلحة والشرطة والقضاء، وهو ما دفع بشواهد كثيرة لدى البعض أن مصر قد تواجه ثورة جياع قريبًا.