أثار إعلان البنك المركزي التابع لنظام العسكر عن وصول حجم الديون الخارجية حتى نهاية ديسمبر الماضي 2017 إلى "82,9" مليار دولار، ردود فعل متباينة؛ فمن جانبها تناولت أذرع العسكر الإعلامية الرقم تناولاً هامشيًا بغرض عدم الإظهار لما ينطوي عليه من انتقاد للنظام الذي بات يعتمد في سياساته الاقتصادية على جناحين: الأول هو الديون. والثاني هو فرض مزيد من الضرائب الباهظة على جموع فئات الشعب المصري. وأعلن البنك المركزي أمس الأربعاء، أن إجمالي ديون مصر الخارجية سجلت 82.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2017، بزيادة قدرها 3.9 مليارات دولار وبما نسبته 4.9% مقارنة بنهاية يونيو من العام نفسه، بينما قدرتها مؤسسات دولية بأكثر من 100 مليار دولار. وكشف البنك عن أن ما تم دفعه من ديون خلال 6 أشهر (من يوليو إلى ديسمبر 2017) بلغ 8.6 مليار دولار منها 1.1 مليار دولار، و7.5 مليار دولار أقساط الديون. وبذلك تبلغ نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 36.1%. ووفقًا لخبراء فإن نصيب كل مواطن من الديون الخارجية فقط تصل إلى 15 ألف جنيه ما يعني أن الأسرة المكونة من 5 أفراد مديونة ب 75 ألف جنيه بخلاف الديون المحلية التي تزيد عن ذلك بكثير! لكن محللين وخبراء يؤكدون أن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، يتعمد إخفاء الرقم الحقيقي لحجم الديون الخارجية وكذلك المحلية؛ مستدلين على ذلك بأن إعلان البنك اكتفى بذكر رقم الديون حتى نهاية العام الماضي "ديسمبر 2017" ولم يكشف عن رقم وحجم الديون حتى منتصف مايو مثلاً. السيسي يقترض ضعف كل رؤساء مصر! وكان عمرو الجارحي، وزير المالية بحكومة العسكر قد كشف أن مديونية مصر سترتفع بنهاية العام الحالي لتصل إلى نحو 4.3 تريليونات جنيه (نحو 242.8 مليار دولار)، في وقت أظهر تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وجود اختلاسات في موازنة السنة المالية الماضية قدرت بنحو 431.3 مليون جنيه (نحو 24.3 مليون دولار). واستعرض وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، محمد حمدي عبد الهادي، ملاحظات الجهاز على الحساب الختامي لموازنة السنة المالية (2016 /2017)، أمام الجلسة العامة لبرلمان العسكر، مساء الاثنين 8 مايو الجاري، والتي جاء في مقدمتها عدم تنفيذ ما تم استهدافه بالموازنة العامة، وزيادة الفجوة بين المصروفات والإيرادات عن المقدر لها. وكشف ممثل "المركزي للمحاسبات" عن وجود اختلاسات قدرت بنحو 431.3 مليون جنيه (نحو 24.3 مليون دولار) في الموازنة المنقضية، موزعة على النحو التالي: 367 مليون جنيه بوحدات الجهاز الإداري للدولة، و53 مليون جنيه بالهيئات العامة الخدمية، و11.3 مليون جنيه تتعلق بوحدات الإدارة المحلية "المحليات". ووفقًا لأرقام وإحصائيات وزارة المالية بحكومة الانقلاب، فإن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي اقترض خلال السنوات الثلاثة الماضية، ضعف ما اقترضه كل رؤساء مصر السابقين في حوالي 60 سنة. ووفق بيانات وزارة المالية ، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي الماضي فقط 2016 /2017، كان نصيب السنوات الثلاث للسيسي منها 2.3 تريليون جنيه (129.9 مليار دولار)، حيث سطا على الحكم منتصف 2013م وكانت ديون مصر تبلغ 1.7 تريليون جنيه. ومن المتوقع وصول الدين العام إلى 4.8 تريليونات جنيه وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، الذي ينقضي في نهاية يونيو المقبل 2018. أين ديون السندات الدولية ؟ خبراء ومحللون أبدوا دهشتهم من تجاهل البنك المركزي وسلطات الانقلاب ذكر نوع آخر من الديون هو ديون السندات الدولية التي تصدرها الحكومة وتشكل عبئًا تتحمله الأجيال القادمة وتتعهد الحكومة من خلال وثيقة برد قيمة السند خلال فترة زمنية محددة، مضافًا إليها سعر الفائدة. فحجم ديون السندات المعلن يعادل حتى الآن 13 مليار دولار ما يعني أن إجمالي الديون الفعلي هو 95 مليارًا بخلاف ما تم اقتراضه منذ يناير حتى مايو 2018 ولم يعلنه البنك المركزي في بيانه الأخير دون سبب مفهوم! كارثة الديون تتعاظم منذ انقلاب 3 يوليو 2013م، ما يلقي على الأجيال المقبلة مسئولية سداد هذه الديون التي يهدرها الجنرال في مشروعات وهمية لا تحقق إنتاجًا دائمًا ولا توفر فرص عمل تسهم في تراجع معدلات البطالة. ويحذر مراقبون من تعاظم هذه الكارثة إلى الحد الذي يفضي إلى لجوء جنرال العسكر وأركان حكومته إلى بيع أصول الدولة أو التفريط في تراب الوطن كما حدث في بيع جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية أو التنازل عن أجزاء من سيناء في إطار ما تسمى بصفقة القرن لمحاولة سداد فوائد الديون أو تخفيضها، ما يعني بيع مصر بالقطعة للدائنين. أكثر من 100 مليار وقدرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، حجم الدين الخارجي لمصر بنحو 100 مليار دولار في نهاية 2017. وذلك خلال تقرير نشرته الوكالة في يناير 2018م. ووفقًا لتقديرات فيتش، فإن حجم الدين ارتفع بشكل حاد في نهاية العام الماضي ليصل إلى 44% من الناتج المحلي الإجمالي، بعدما سجل 23% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2016. لكن رغم تقديرات فيتش لحجم الدين الخارجي، إلا أنها تقول إن جزءًا كبيرًا منه لا يزال بشروط ميسرة. وقالت الوكالة إن الاضطرابات السياسية والأمنية، كانت سببًا أيضًا في عدم تغييرها للتصنيف الائتماني (B) فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة. وتوسعت حكومة العسكر ، خلال العام الماضي في الاقتراض من الخارج لسد العجز في الموازنة العامة، وتوفير العملة الصعبة في البلاد. وتواصل الحكومة سياسة الاعتماد على الاقتراض الخارجي، رغم وصول الديون إلى مرحلة الخطر، بعد أن قفزت بشكل متسارع، خلال الفترة الأخيرة، في ظل عدم توجيه القروض لمشروعات تنموية، حسب خبراء اقتصاد. وتتجه الحكومة نحو مستويات قياسية جديدة من الاستدانة، إذ تشير التقديرات، حسب بيانات رسمية رصدها خبراء اقتصاد وتقارير إعلامية إلى أن حجم القروض الخارجية، خلال النصف الأول من العام الجاري 2018، سيبلغ أكثر من 13 مليار دولار، ويأتي ذلك على الرغم من تصريحات حكومية سابقة بتقليل اعتمادها على القروض.