ما بين زلة اللسان مرة والاستقواء بالقوة والغطرسة مرة أخرى، وشروط صندوق النقد الدولي مرة ثالثة، يكشف نظام الانقلاب العسكري كل يوم عن أفعاله الصبيانية في إدارة اقتصاد دولة يعيش على أرضها أكثر من مائة مليون مواطن، وتُهدر ثرواتها بفعل هذه الإجراءات التي لا تجد من يحاسب عليها سوى هذا الشعب المطحون. "كنا بنطبع فلوس"! وتعتبر تصريحات محافظ البنك المركزي، طارق عامر، التي أثارت الجدل خلال اليومين الماضيين، أول الأدلة على الأفعال الصبيانية غير المسئولة التي يخرب النظام من خلالها الاقتصاد المصري. حيث قال عامر، خلال لقائه مع عمرو أديب ببرنامج "كل يوم"، حين سئل عن مصدر الأموال التي كانت تنفقها الحكومة على المشروعات القومية، قائلا "كنا بنطبعها". وأضاف عامر "لكي نؤمن احتياجاتنا، كنا نطبع أموالا، لكن صندوق النقد يطلب منا ألا نطبع أي أموال"، متابعا: "بطلنا نطبع خالص أموال تماما ودلوقتي في قواعد صارمة لطباعة النقود". وأكد عامر استمرار حكومة الانقلاب في سياسة الخراب، من رفع الدعم عن الغلابة رغم ارتفاع نسبة التضخم، واستكمال شروط صندوق النقد الدولي. وقال: "التضخم سببه الرئيسي عجز الموازنة العامة وليس سعر الصرف، "وعلشان نمول العجز كنا بنطبع فلوس علشان نقرضها لوزارة المالية، وفي المقابل مكانش فيه إنتاج علشان كده كان بيحصل التضخم". وأضاف أن رفع أسعار بعض السلع مثل المواد البترولية والإجراءات الإصلاحية التي ستنفذها الحكومة مع بداية العام المالي المقبل في يوليو "ستؤثر بشكل طفيف على التضخم، لكن بعد شهرين سيعود مرة ثانية لمعدلاته الطبيعية". صندوق النقد يفرض من جديد فيما حدد صندوق النقد الدولي، أكثر من التزام ستنفذه حكومة الانقلاب خلال الفترة المقبلة، منها مواصلة إصلاح دعم الطاقة للوصول بمستويات أسعار معظم منتجات الوقود بسعر التكلفة خلال 2019. وأعلن الصندوق، في وقت مبكر من صباح أمس الجمعة، عن أنه توصل لاتفاق مع "الحكومة المصرية" لصرف الشريحة الرابعة بقيمة ملياري دولار، من القرض المقدم لها بإجمالي 12 مليار دولار خلال 3 سنوات. ويتعين على مصر استكمال الإجراءات التي بدأتها مع الصندوق، من أجل الاستمرار في صرف شرائح القرض. وقال الصندوق "إن مصر ملتزمة بإصلاح دعم الطاقة، فضلا عن زيادة الإيرادات وطرح أراضٍ صناعية وزيادة الصادرات". على حساب المواطنين وقال الصندوق في بيانه، بعدما أنهت بعثته أعمال المراجعة الثالثة لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، إنه "لا تزال الحكومة ملتزمة بإصلاح دعم الطاقة للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019". وكان ديفيد ليبتون، النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، قال في بداية الشهر الجاري: إن تأخر مصر في تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة، يمكن أن يؤدي مرة أخرى إلى تعريض الموازنة لمخاطر ارتفاع أسعار البترول. وكان صندوق النقد قال في يناير الماضي، إن الحكومة أبدت التزامها بتنفيذ الزيادة القادمة في أسعار الوقود مع وضع آلية لتعديل أسعار المواد البترولية بشكل أوتوماتيكي بحلول شهر ديسمبر المقبل. وخفضت الحكومة مخصصات دعم المواد البترولية والكهرباء في موازنة العام المالي المقبل، وهو ما يعني أنها تعتزم رفع أسعارهما مجددًا خلال الفترة القريبة المقبلة. ضرائب وجبايات وبحسب بيان الصندوق، فإن مصر متلزمة بزيادة إيراداتها من خلال إصلاحات السياسية الضريبية. وتستهدف حكومة الانقلاب تنمية إيرادات الضرائب في موازنة العام المالي المقبل بنسبة 23٪، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير مالية الانقلاب عمرو الجارحي. وادعى البيان أن زيادة الإيرادات سيساعد في إتاحة حيز لتمويل مشروعات البنية التحتية وزيادة الإنفاق على مجالات الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافا، وكذلك تمويل الإنفاق الضروري على الصحة والتعليم.