يومًا بعد يوم تثبت عصابة الانقلاب في "سجن طنطا العمومي" أن ممارساتها بحق المعتقلين السياسيين لا تقل وحشية وجرمًا عن مليشيات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين. وخلال السنوات الماضية، تنوعت جرائم مليشيات السيسي بحق المعتقلين في سجن طنطا العمومي، وكان أبرزها تفتيش الزيارات بطريقة غير آدمية، ما يتسبب في إفساد الأطعمة وتلويثها ومنع دخول 90% من أصناف الطعام، فضلا عن عدم تعدي مدة الزيارة 10 دقائق، ووضع أسلاك تحول بينهم وبين ذويهم، وتجريد المعتقلين من الأغطية والأدوية وسخانات الطعام. كما يشكو المعتقلون بالسجن من منعهم من الذهاب لمستشفى السجن والاكتفاء بمرور أحد الممرضين على الزنازين، ومنعهم من التريض ودخول المكتبة، وتعرضهم للضرب والإهانة والسباب من قبل ضباط ومخبري السجن، وتحريض السجناء الجنائيين للاعتداء عليهم. ويشكو المعتقلون أيضا من تكدس أعدادهم داخل الزنازين، وخلوها من دورات المياه، وعدم السماح لهم بدخول دورات المياه إلا مرة واحدة يوميا، ما يدفعهم لقضاء حاجتهم في أوعية داخل الزنازين، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة غاز النشادر والأمونيا التي تسبب زيادة حالات الإغماء وتفشي الأمراض. وطالت تلك الانتهاكات أيضا طلاب الجامعات، حيث اشتكى أهالي الطلاب المعتقلين بالسجن، في وقت سابق، من إيداع بعضهم في زنازين التأديب بحبس انفرادي بدون شمس أو هواء، فقد يحرم المعتقل من الزيارات ودخول دورات المياه والتريض، مشيرين إلى انتشار الأمراض الجلدية والحساسية بينهم بسبب عدم تعرضهم للشمس والهواء وحرمانهم من التريض. تلك الانتهاكات دفعت منظمة العفو الدولية لاتهام سلطات الانقلاب في مصر بارتكاب جرائم بحق المعتقلين السياسيين، وقالت المنظمة في أحدث تقاريرها بعنوان "سحق الإنسانية: إساءة استخدام الحبس الانفرادي في السجون المصرية"، إن عشرات الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء جماعات المعارضة يُحتجزون رهن الحبس الانفرادي المطول في ظروف مروِّعة، ويتعرض السجناء في الحبس الانفرادي للضرب لفترات طويلة، ولنقص الطعام، والإذلال، ولتقييد الحركة بشكل متواصل على مدى سنوات، مؤكدة أن الحبس الانفرادي المطوَّل يُستخدم لإجبار السجناء على الإدلاء باعترافات، ولمعاقبتهم لاحتجاجهم على المعاملة السيئة من مسؤولي السجون. وأظهر التقرير أن هناك سجناء بتهم ذات دوافع سياسية يحتجزون رهن الحبس الانفرادي المطوَّل وإلى أجل غير مُسمَّى في مصر، وفي بعض الحالات استمر هذا الحبس عدة سنوات، وهو الأمر الذي يُعد في حد ذاته بمثابة نوع من التعذيب. ويظل السجناء محبوسين في زنازينهم لما يقرب من 24 ساعة يوميا على مدى أسابيع، ويُحرمون من أي اتصال إنساني، ويُجبرون على البقاء في ظروف مروِّعة في الزنازين. ووثق تقرير المنظمة، تعرض عشرات المحتجزين في الحبس الانفرادي من نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين وأعضاء جماعات المعارضة، عمداً لإيذاء بدني رهيب، بما في ذلك الضرب على أيدي حراس السجون، وإجبارهم على غمر رؤوسهم مرارا في أوعية ملوَّثة بالغائط، مضيفا أن المعاناة النفسية والبدنية التي تُفرض عليهم عمدا تؤدي إلى إصابتهم بأعراض من قبيل نوبات الهلع، والارتياب، وفرط الحساسية للمؤثرات الخارجية، بالإضافة إلى صعوبات في التركيز وفي الذاكرة. وأشارت المنظمة إلى أن السجناء يحصلون على كميات غير كافية من الطعام والمياه، فضلا عن عدم ملائمة مرافق الصرف الصحي والأغطية والأسرَّة. وفي مقابلات مع منظمة العفو الدولية، قال سجناء سابقون أمضوا فترات طويلة في الحبس الانفرادي، إن تلك التجربة تركت أثرا نفسيا عميقا عليهم، حيث أصبحوا يعانون من الاكتئاب والأرق وعدم الرغبة في التعامل أو التحدث مع آخرين، وذلك عندما أُخرجوا من الحبس الانفرادي وسُمح لهم بالاختلاط بباقي السجناء. وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: إنه "بموجب القانون الدولي، لا يجوز استخدام الحبس الانفرادي كإجراء تأديبي إلا باعتباره الملاذ الأخير، ولكن السلطات المصرية تستخدمه كعقاب "إضافي" مروِّع للسجناء ذوي الخلفيات السياسية، وتطبِّقه بطريقة وحشية وتعسفية، بهدف سحق إنسانيتهم والقضاء على أي أمل لديهم في التطلع إلى مستقبل أفضل". وأضافت نجية بونعيم قائلةً: "كانت الأوضاع في السجون المصرية سيئة على الدوام، ولكن القسوة المتعمَّدة لتلك المعاملة تُظهر استخفافا أكبر بالكرامة وبحقوق الإنسان من جانب السلطات المصرية"، مشيرة إلى أن "سلطات السجون المصرية تطبق الحبس الانفرادي بشكل غير مشروع باعتباره وسيلةً للقضاء على المعارضة أو أي سلوك يُعتبر مخالفاً من جانب السجناء، الذين زُج بكثير منهم في السجون استنادا إلى تهم ملفَّقة أصلاً". وأضافت بونعيم: "لا يقف الأمر عند استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأعضاء جماعات المعارضة بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم أثناء وجودهم خارج السجن، بل يتجاوز ذلك إلى مواصلة اضطهادهم وراء قضبان السجون"، وتابعت قائلة: "هناك لا مبالاة كاملة تتبدى في تطبيق الحبس الانفرادي المطوَّل إلى أجل غير مُسمَّى، بما يسببه من معاناة نفسية، على سجناء يعاقبون بالفعل بأحكام بالسجن، صدرت في كثير من الأجيان بسبب معتقداتهم السياسية.