«عيشني النهاردة وموتني بكرة»، هو مثل شعبي يستخدمة الفشلة في التعبير عن رغبتهم في تحقيق نزوة وقتية أو إشباع النفس بشهوة لحظية دون اكتراث لعواقبها في المستقبل. وإعلان طارق عامر، محافظ البنك المركزي، أمس الأحد 29 أبريل، عن موافقة الكويت على تأجيل ودائع لها بمصر بقيمة "4" مليارات دولار يؤكد أن حكومة العسكر تمضي على هذا المثل الشعبي، حرفا بحرف. تصريحات محافظ البنك المركزي، لم تكشف عن مدة التأجيل أو قيمة الفوائد المقرر دفعها مقابل تأجيل سداد هذه الودائع. وكانت حكومة العسكر قد حصلت على الوديعتين من الكويت، الأولى بقيمة ملياري دولار في 24 سبتمبر 2013، والثانية بملياري دولار اخرى في 21 أبريل 2015. ونهاية العام الماضي، أعلن عامر عن موافقة الإمارات والسعودية على تأجيل سداد ودائع بقيمة 4 مليارات، بواقع 2 مليار دولار لكل منهما، كانت مقررة في 2018. واعتبر "عامر" أن، "مشاكل وأزمات النقد الأجنبي في مصر أصبحت من الماضي"!. فماذا يعني تأجيل سداد هذه الودائع؟ يعني أولا، أن الحكومة غير قادرة على سداد ما عليها من ديون مستحقة الدفع ،اقترضتها في سنوات ما بعد الانقلاب، الأمر الذي يكشف التكاليف الباهظة لانقلاب العسكر على المسار الديمقراطي في يوليو 2013م. ويعني ثانيا، أن البلاد على شفا الإفلاس خلال السنوات القليلة المقبلة إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه من سياسات نقدية واقتصادية تعتمد على الاقتراض من جهة والجباية من الشعب من جهة ثانية؛ فلا زيادة في الإنتاج ولا عزم على الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية ولا توقف عن شره الاستيراد للسلع الكمالية والاستفزازية. ويعني ثالثا، أن الحكومة ترهق الأجيال القادمة بديون ضخمة أهدرتها في مشروعات وهمية دون إنتاج يذكر، أو في البعزقة على المحاسيب والشلة بعدما قررت زيادة مرتبات الوزراء والمحافظين وأعضاء السلك الدبلوماسي في الوقت الذي تضن على الفقرء وأصحاب المعاشات ببعض حقوقهم التي قررتها أحكام القضاء. وبحسب الخبير المصرفي، حافظ عبدالجواد، فإن مواصلة طلب الحكومة التابعة لنظام عبدالفتاح السيسي تأجيل سداد الودائع يرفع الديون المستقبلية ويخفف الأحمال عن الحكومة الحالية، مشيرا إلى أن الخطط الحكومية التي يتم الإعلان عنها للمواطنين تتضمن سداد ودائع وقروض سنوية للتخفيف علي الأجيال القادمة، وتأجيل السداد خلال السنوات الجارية يزيد الأعباء علي الحكومات والأجيال القادمة. ومن المقرر أن تسدد الحكومة خلال عام 2018 الجاري، نحو 14.6 مليار دولار ديونا خارجية، هذا بالإضافة إلي نحو 11 مليار دولار في 2019 والتي من المرتقب أن تزيد مع تأجيل ودائع الدول العربية. وبحسب نشرة الطرح، فإن الديون الخارجية ارتفعت بحلول يونيو 2017، لتصل نسبتها إلى 41% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 16.8% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2016. وقال عبدالجواد، إن ارتفاعات الدين العام (داخلي وخارجي) تعدت المستويات التي كانت مقررة ضمن خطة صندوق النقد الدولي في مصر، ما يكشف ظهور شروط وسرعة تنفيذ القرارات المتبقية بالخطة خلال الفترة القليلة المقبلة لتعويض عجز زيادة الديون. أيضا المستويات المرتفعة من الديون، والتي تزداد نتيجة الاستمرار في الاقتراض، تؤثر سلبا على تصنيف مصر الائتماني، وتعوق موارد الحكومة المالية وقدرتها لخدمة ديونها. ووفقا لآخر البيانات التي تم رصدها في مصر، فقد ارتفع حجم الدين الخارجي بنحو 13 مليار دولار بالنصف الاول خلال العام الجاري فقط. وقدرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، حجم الدين الخارجي لمصر بنحو 100 مليار دولار في نهاية 2017. وارتفع حجم فوائد الديون في الموازنة المصرية للعام المالي المقبل 2018/2019م، ليرتفع إلى "541" مليار جنيه لأول مرة في تاريخ مصر ما يعني أن حوالي "40%" من الموازنة مخصص لفوائد الديون التي تضخمت في عهد الجنرال السيسي حتى تجاوزت الحدود الآمنة الممسموح بها.