ما إن تذكر الخصخصة حتى يضع المصريون أيديهم على جيوبهم قبل قلوبهم، حيث أصبح مفهوم الخصخصة سيئ السمعة، فلم يتم خصخصة شيء إلا وزادت معاناة المواطنين أكثر من السابق، فمن تعويم الجنيه ورفع الدعم عن أهم السلع والخدمات إلى بيع ممتلكات ومقدرات الشعب، كل ذلك كان له تأثير مدمر على الاقتصاد والمواطن الذي بات يلعن يوم ال30 من يونيو 2013. وأكد خبراء اقتصاديون أن قيام السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بخصصة السكة الحديد بالوضع الراهن تدمير لمقدرات مصر وضياع لحقوق العمال، وأعاد مسلسل تصادم القطارات المستمر للأذهان اتجاه حكومة الانقلاب لخصخصة منظومة السكة الحديد، كما جاء على لسان وزير النقل، وهو الأمر الذي هاجمه خبراء النقل، مشددين على أنها خطوة غير مجدية، ويترتب عليها تشريد الموظفين. وأصبح الأمر معتادًا ومألوفًا بدرجة مريبة بعد انقلاب 30 يونيو 2013، فبعد كل كارثة تحلّ بالمصريين تتسابق عصابة العسكر في تقديم اقتراحات تبرّر فشل جنرالات الفساد وتلقي بالمسؤولية على مجموعة من العاملين الصغار في الهيئات الحكومية، ولكن الأخطر هو محاولة "العصابة" تدمير ما تبقى من مشروعات الشعب، عن طريق بيع أصول الشركات والهيئات العامة. يقول الناشط سمير أمين: "السيسي فاكر أن البلد خلاص أصبحت عزبة أهله وعصابته يبيع كل شيء، هل هنصمت عليه كتير؟ متي الانفجار؟ #ان_اتحدوا_انتصرنا هنفضل ننادي بها إلي أن تتم بإذن الله". الغلبان هو الضحية! لجأت سلطات الانقلاب منذ انقلاب الجيش على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي إلى التخلص وبيع العديد من القطاعات، فتخلت حكومات العسكر عن دعم السلع والخدمات، إضافة إلى تعويم الجنيه، حيث رفعت حكومة الانقلاب أسعار المواد البترولية بنسب تصل إلى 50% خلال 8 أشهر، كما زادت حكومة الانقلاب أسعار الكهرباء بنحو 40%، إضافة إلى رفع أسعار المياه والدواء والمواصلات. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، وصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 1986 عندما بلغ 35.1% وفقًا لحسابات رويترز، واستمرار ارتفاع الأسعار زاد من آلام المصريين خاصة الفقراء ومحدودي الدخل الذين يعيشون أوضاعًا صعبة، ولن يكون تحرير سعر تذاكر القطارات سوى استكمال لمعاناة المواطنين وإجراء انتقامي من شعب قام بثورة في 25 يناير 2011. ويبدو أن قطار الجشع والانتقام العسكري سيدهس في طريقه هيئة السكة الحديد المصرية، ومع أشلاء الوطن تحت عجلات العسكر تعود التساؤلات المقلقة حول مصير العاملين بالقطاع، ومدى تأثير الخطوة على تكلفة الخدمة التي يعتمد عليها ملايين المواطنين يوميًا. كالعادة، بدأ التمهيد للبيع من داخل برلمان الدم الذي تم تشكيله لمثل ذلك الغرض، فأثناء جلسة استماع عاجلة مخصصة لمناقشة أسباب وتداعيات حادث الإسكندرية وطرق معالجة مشكلات السكك الحديدية، وجّه وزير النقل في حكومة الانقلاب حديثه إلى نواب العسكر مؤكدًا أن "دخول القطاع الخاص بمنظومة سكك حديد مصر أصبح ضرورة مهمة"، محددًا مبلغ 10 مليارات جنيه لازمًا لتطوير منظومة السكك الحديدية. محاولة التحايل على التسمية كشفتها تصريحات عضو بلجنة النقل في برلمان الدم، أكد فيها صحة التكهنات باتجاه حكومة الانقلاب نحو طريق الخصخصة من جديد، وصرح النائب محمد المتولي الكوراني، أن تطوير منظومة السكة الحديد يحتاج لتمويلات ضخمة، وهو ما يتطلب إصدار تشريعات تتيح إشراك القطاع الخاص، مضيفًا أن القانون الحالي المنظم لهيئة السكة الحديد لا يسمح بشراكة القطاع الخاص باعتبارها مرفقًا عامًّا. تحذيرات الخبراء لم تجد آذانًا مصغية لدى العسكر الذين عزموا على بيع مصر بالقطعة، ويسعى جنرالات الدم إلى التنصل من أي مسئولية تجاه الشعب، في ظل تدميرهم المتعمد للاقتصاد، وفي ظل تصريحات السفيه السيسي المتكررة عن وجوب مساهمة المواطن في تحمل تكلفة أي خدمة، لأنه "غلبان ومش قادر يديك"، حسب تعبير السفيه، الذي لا يرى في المواطنين، ولا سيما محدودي الدخل منهم، إلا مشاريع "تبرُّع" لخزائن العسكر، أو مشاريع "تحمُّل" و"صبر" لأن "ظروف البلد صعبة، ولازم كل واحد فينا يمدّ إيده يحطّ حاجة".. فمتى الانفجار؟