تكشف توجهات نظام عسكر 30 يونيو، عن حالة من الركوع والاستسلام أمام مماطلات أديس أبابا بشأن كارثة سد النهضة، كان آخرها فشل زيارة رئيس وزراء إثيوبيا هالي مريام ديسالين، للقاهرة آخر الأسبوع الماضي. لكن يبدو أن هذا الفشل في مسار مفاوضات سد النهضة يعود بالنفع على دولة الجيش الشقيقة، والتي تقوم بتنفيذ مخطط لإنشاء محطات تحلية لمياه البحر والصرف الصحي تقدر ب900 مليار جنيه على مدار السنوات القادمة، وهي أكبر صفقة بزنس للعسكر على مدار عقود. وكان رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد وجه، أمس الأحد، خلال افتتاحه مشروعات وهمية بالفيديو كونفرانس في محافظة بني سويف، بسرعة الانتهاء من مشروعات محطات تحلية المياه خلال عام 2018. وأضاف «السيسى» فى مداخلاته، أن «الأموال الضخمة التى يتم صرفها على محطات تحلية المياه تُنفق حتى لا يحدث ضرر للمصريين». مطالبا بسرعة الانتهاء من هذه المحطات قبل نهاية العام الجاري 2018م. "900" مليار بزنس العسكر وتصاحب سيطرة المؤسسة العسكرية على تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر، والتي بدأ يلجأ لها نظام العسكر بعد فشله في حلّ أزمة سد النهضة، تخوّفات من تأثيرات سلبية. وأسند السيسي إلى المؤسسة العسكرية تشييد محطات لتحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، كمخطط لمواجهة تحديات نقص مياه النيل بعد التشغيل الفعلي لسد النهضة، وتحديدًا خلال سنوات ملء الخزان. وقالت مصادر قريبة من السلطة، إن المؤسسة العسكرية ستتولّى إنشاء محطات تحلية مياه البحر خلال الفترة المقبلة، وفقاً لمخطط بدأ العمل فيه منذ 2015. وأضافت المصادر أنه لم يعد أمام مصر لمواجهة التأثيرات المحتملة لبدء عمل سدّ النهضة، سوى اللجوء إلى التحلية ومعالجة مياه الصرف الصحي. وأشارت المصادر إلى أنّ "السيسي صمّم على تولي المؤسسة العسكرية مشاريع التحلية بالكامل، باعتبار أن هذا الملف أمن قومي، وبالتالي فإنها مسئولية الجيش"، معتبرةً أنّ محطات التحلية "تحتاج لخبرات كبيرة في هذا المجال ولا بد من الاستعانة بخبراء من خارج مصر، للوصول لأفضل تكنولوجيا في هذا المجال، لأنه لا مجال للخطأ". وتابعت أنّ "الاستعانة بالجيش المصري في كل شيء أمر مبالغ فيه، خصوصا في بعض الأمور الفنية التي ليس للجيش خبرة فيها، وكان من الأولى إسناد هذه المهمة لجهات مختصة، مع إشراف الجيش فقط". وكان الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الرى بحكومة الانقلاب، قد كشف عن رؤية الوزارة لمواجهة أزمة عجز الموارد المائية، وأضاف الوزير، خلال جلسة بمجلس النواب يوم 10 يناير الجاري، أن الخطة القومية للموارد المائية شارك فيها 9 وزارات معنية بالمياه، ولكل منها دور، وتكلفة الخطة 900 مليار جنيه، وتنفذ على مدار 20 عاما لإقامة محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتحلية مياه البحر. وكان جنرال العسكر قد اعترف، في تصريحات سابقة، أن ما يتم في مصر حاليًا أكبر مشروع في تاريخ مصر لمعالجة مياه الصرف الصحي والتحلية. وأضاف السيسي أن الدولة وجهت جهودها لإنشاء هذه المحطات ليس من باب الترف، ولكن لحل مسألة محتملة: "مش هتكلم أكتر من كدا". وتابع: "مش ممكن هنسمح إن يكون فيه مشكلة مياه في مصر، كدولة وحكومة وقيادة"، ومشروع معالجة المياه هو الأضخم والأكثر تكلفة في تاريخ معالجة المياه في مصر!. خراب على المواطنين من جانبه، قلّل خبير الموارد المائية نادر نور الدين، من تغطية محطات تحلية مياه البحر احتياجات مصر من المياه العذبة الصالحة للشرب، بعد بدء عمل سد النهضة. وقال في تصريحات صحيفة، إن "مشاريع تحلية مياه البحر مهمة للغاية، لكنها ليست بديلا عن مياه النيل"، مشددا على ضرورة تمسّك مصر والتحرك بفعالية أكبر للحفاظ على حصتها من مياه النيل. وحول زيادة أسعار المياه بعد إنشاء هذه المحطات، لفت إلى أنّ "هذا الأمر متوقّع تماما، خصوصا مع زيادة تكلفة محطات التحلية من ناحية الإنشاء واستخدام تلك التكنولوجيا". وأضاف أنه "لا بدّ من النظر إلى تجارب دول أخرى في تحلية المياه"، متخوفا من فكرة الاتجاه لبيع المياه للمواطنين بالصورة التي تعمل وفقاً لها دول الخليج. كذلك أبدى خبير في "مركز الأهرام للدراسات السياسية"، تخوفه من مسألة دخول تحلية المياه في إطار مصالح اقتصادية للمؤسسة العسكرية، من خلال جني أرباح جراء بيع مياه التحلية. وقال الخبير: إن "سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري باتت أمرا واقعا، ولكن لا بد من إبعاد القضايا الحيوية عن هذا الفكر الذي يسيطر على النظام الحالي". وأوضح أنّ التخوفات فيما يتعلّق بسيطرة الجيش "هو بيع المياه الصالحة للشرب بأسعار مرتفعة، بخلاف المياه المتوفرة في المنازل، وهذا يزيد من الأعباء على المواطنين". وتابع أنّ "تصدير السيسي لمسألة إنشاء محطات التحلية، هو محاولة للهروب من الفشل في التعامل مع ملف سد النهضة، خصوصا بعد إهدار حقوق مصر بتوقيع اتفاق إعلان المبادئ في الخرطوم" بين مصر والسودان وإثيوبيا.