أكد خبراء في شئون المياه أن إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى عن التوسع فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر ومحطات معالجة مياه الصرف الزراعى والصناعى، خطوة جيدة فى طريق توفير المياه لسد العجز الكبير الذى تعانى مصر منه، إلا أن هذه المحطات لن تعوض مصر عن العجز الناتج عن إنشاء سد النهضة الاثيوبى . وقال الخبراء إن مصر تعانى من عجز مائى يقدر ب30 مليار متر مكعب سنويًا، ومتوقع أن يزيد ذلك بعد الانتهاء من إنشاء سد النهضة الاثيوبى، مؤكدين أن وزير الرى الجديد الدكتور محمد عبد العاطى جاء فى ظروف صعبة وعليه دور كبير فى إعادة المفاوضات الفنية للخط الصحيح من جديد، لافتين إلى قدرته على ذلك من واقع خبراته السابقة بدول حوض النيل . من جانبه أكد الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية، وخبير استصلاح الأراضى بجامعة القاهرة ، أن التوسع فى إنشاء محطات تحلية مياه النيل والمحطات المعاجلة للمياه الملوثة، لا يمكن ان يكون بديلاً عن الخسائر التى ستنتج عن بناء سد النهضة الاثيوبى، موضحًا أن هناك مخططاً لإنشاء 17 محطة تحلية لمياه البحر الأحمر فى جميع محافظات والمدن الساحلية لتحقيق الاكتفاء من مياه الشرب للمدن الصناعية فى هذه المناطق. وألمح إلى أن العالم كله يستفيد من 24 مليار متر مكعب من مياه تحلية البحر فقط، أغلبهم فى دول الخليج، مشيرًا إلى أن السعودية بكل ما لديها من أموال لم تستطيع تحلية أكثر من 5 مليار متر مكعب سنويًا، ومن ثم يصعب على مصر إنتاج مياه محلاة بحجم كبير. وقال نور الدين: لدينا عجز 30 مليار متر مكعب من المياه، لأن مصر تستهلك 85 مليار متر مكعب سنويًا، فى حين أن حصة مصر من مياه النيل 55 مليار متر مكعب سنويًا، و5 مليار متر مكعب من مصادر أخرى ، مشيرًا إلى أن حجم المياه المستهدف تحليتها ضعيفة جدًا ولا يمكن أن توفر المياه المتوقع عجزها من سد النهضة. وطالب نور الدين بأن تسعى الدولة في إنشاء محطات للمعالجة، باعتبارها الاقل فى التكلفة من محطات التحلية، فضلاً عن وجود ما يقرب من 7 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعى و3 مليار من الصرف الصناعى وما يقرب من 10 مليار متر مكعب من الصرف الصحى ، وبالتالى نستطيع الاستفادة من 20 مليار متر مكعب سنويًا من المياه المعالجة. وأوضح أنه اقترح منذ فترة تركيب وحدات معالجة لمياه الصرف الصحي والزراعي، تعالج التلوث وتقلل الآثار الضارة لها عند استخدامها في الري، مشيرًا إلى وجود 10 مليار متر مكعب من مياه الصرف الصحي والصناعي تستخدم في الزراعة بسبب نقص المياه. وعن توقف مفاوضات سد النهضة الاثيوبى ، قال "نور الدين" إن وزير الرى الجديد الدكتور محمد عبد العاطى، صاحب رؤية فنية ولديه العلم والكفاءة التى تمنحه القدرة على تحريك المياه الراكدة، وقد ظهر ذلك خلال الزيارة الأخيرة لإثيوبيا، مشيرًا إلى أن "عبد العاطى" لا يريد إهدار المزيد من الوقت ويسعى لتكون المفاوضات أكثر جدية مما كانت عليه مع الوزير السابق الدكتور حسام مغازى، ويسعى للتعاون مع دول حوض النيل لإحياء مشروع الاستفادة من مياه المستنقعات، والتى قد تحقق لمصر استفادة عظيمة من إيراد إضافى من المياه يبلغ 17 مليار متر مكعب سنويًا. ويقول الدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى الاسبق: من الصعب الاعتماد على إنشاء محطات تحلية لمياه البحر، لتكلفتها المرتفعة جدًا، ومن ثم لا تستطيع تعويض الفاقد من حصة مصر من مياه النيل بعد الانتهاء من إنشاء سد النهضة، مؤكدًا أن مصر تعانى من عجز كبير يصل 37% من استهلاك المياه فى الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن مصر بحاجة للتوسع فى محطات المعالجة لمياه الصرف الصحى والزراعى والصناعى . وأوضح أن هناك 30 مليار متر مكعب من مياه الصرف الصحى والزراعى والصناعى، يمكن الاستفادة منها بشكل كبير من خلال محطات المعالجة، ومن ثم نستطيع سد احتياجات المجتمع مع الحفاظ على حق مصر من مياه النيل. وقال "علام" إن خسائر مصر من سد النهضة كبيرة جداً، والدكتور محمد عبد العاطى وزير الرى الجديد جاء فى وقت صعب للغاية، وأصبح على عاتقة حمل كبير بعد تأخر المفاوضات على يد الوزير السابق، الذى أضاع على مصر العديد من الفرص . وأشار "علام" إلى دور القيادة السياسية فى الاستفادة من الخبرات العلمية للعديد من الشخصيات فى ملف المياه، بعد أن أثبتت المفاوضات أن أراء الخبراء والمتخصصين يجب أن يكون لها الدور الأكبر فى بحث الملف وتقديم النصح والحلول العاجلة. واثنى الدكتور مغاورى شحاتة الخبير الجيولوجى، ورئيس جامعة المنوفية الاسبق، على خطة الدولة فى التوسع فى إنشاء محطات تحلية لمياه البحر وأخرى لمعالجة المياه الملوثة، قائلا إن البحث عن حلول بديلة لسد العجز المائة خطوة جيدة ، فى ظل تزايد العجز المائى مع ارتفاع عدد السكان وقرب الانتهاء من بناء سد النهضة، ومن ثم كان لا بد من إيجاد حلول بديلة دون التفريط فى حقوق مصر من مياه النيل. وأوضح "شحاتة" أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لسنغافورا، الشهر قبل الماضى كانت موفقة من أجل الاستعانة بخبراتها فى مجال تحلية مياه البحر، مشيرًا أن تكلفة مياه البحر كبيرة ولكن نحن مجبرون على ذلك وهناك العديد من الدول تستخدم المياه المحلاة دون غيرها .