حذر تقرير حديث للمجالس القومية المتخصصة، من خطورة تفاقم أزمة الشح المائي بمصر مع المضي في بناء سد النهضة الإثيوبي المنتظر انتهاؤه عام 2017، حيث سيسهم في ارتفاع حجم العجز المائي بمصر بنحو 9 مليارات متر مكعب سنويا تصل إلى 12.35 مليار متر مكعب فور اكتمال السد عام 2017. وكشف التقرير عن مسارين للعجز المائي الأول دون بناء سد النهضة، حيث يتوقع أن يرتفع العجز من نحو 7.4 مليار متر مكعب عام 2020 إلى 50.78 مليار متر مكعب عام 2052، في حين تتضاعف الكميات مع بناء السد إلى 16.4 مليار متر مكعب عام 2020 ونحو 60 مليار متر مكعب عام 2052، وهو الأمر الذي سيسفر عن تحديات هائلة لمصر تتطلب مواجهتها وضع استراتيجية وخطة عاجلة يبدأ تنفيذها فورا. وحدد التقرير الذي أعدته شعبة الطاقة والكهرباء والبترول بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية، أهم التحديات التي تواجه مصر بسبب الشح المائي وسد النهضة، فى تبوير مليوني فدان من الأراضي الزراعية بجانب التأثير سلبا على جميع خطط التنمية الزراعية والحيوانية والسمكية، واحتمالات ضعف طاقة التوليد الكهربائي بالسد العالي وهو ما قد يترتب عليه آثار اقتصادية واجتماعية خطيرة بمصر. ولمواجهة تلك الآثار، أوصى التقرير بأهمية العمل على عدة محاور أهمها تحلية المياه باعتبارها «مياها متجددة» وخيارا استراتيجيا حتميا، وهو ما يتطلب زيادة كبيرة بالكميات التي تنتجها مصر والمقدرة بنحو 600 مليون متر مكعب سنويا من خلال 187 وحدة معالجة للمياه حاليا، وذلك من خلال إقامة عدد من محطات توليد الكهرباء مع إنشاء محطات لتحلية المياه فى ذات الوقت على سواحل البحرين الأبيض والأحمر، تستخدم خليطا من الطاقة على رأسها الطاقات الجديدة والمتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية بجانب محطات للطاقة النووية الى جانب استخدام الفحم والغاز الطبيعى والمازوت والطفلة الزيتية. كما أوصى التقرير باتخاذ عدة إجراءات عاجلة لتوفير نحو 14 مليار متر مكعب تشمل ترشيد استخدام المياه بجميع السبل وفى جميع الأنشطة المنزلية والصناعية مع تطوير نظام الري فى الأراضي القديمة بما يضيف 4 مليارات متر مكعب سنويا وزيادة كميات السحب من المياه الجوفية في الوادي والدلتا لتوفير 2.3 مليار متر مكعب والتوسع فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بنحو 3.4 مليار متر مكعب ومياه الصرف الصحي المعالجة، لإضافة مليار متر مكعب وتعديل التركيب المحصولي من خلال تقليل مساحات المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه خاصة الأرز وسكر القصب وهو ما سيوفر نحو 3.3 مليار متر مكعب سنويا. كما أوصى التقرير بالتوسع فى إقامة المفاعلات النووية واستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة؛ لتشغيل محطات الكهرباء والمحطات التي تعمل بالفحم لتقليل حجم الانبعاثات الضارة بالبيئة الناجمة عن حرق المواد البترولية. ورسم التقرير عدة سيناريوهات لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل محطات تحلية المياه المطلوبة، خلص إلى أن أفضلها التي تعتمد على خليط مكون من 19% من الفحم و22.5% نووى و8.2% غاز طبيعى و0.82% مازوت و0.48% من المساقط المائية و49% من الطاقات الجديدة والمتجددة وهى الشمس والرياح. وأشار التقرير إلى حتمية هذا التنوع في مصادر الطاقة لتحقيق مرونة لنظام توليد الطاقة الكهربائية بمصر التي سنحتاجها بشكل كبير لتحلية مياه البحر لسد العجز المائي بخلاف تلبية احتياجات الأنشطة الصناعية والمنزلية الأخرى، كما انه يمكن لمساحة تبلغ 4 آلاف كيلو متر مربع استيعاب محطات طاقة شمسية لتوليد نحو 100 الف ميجاوات وهو ما يوفر استخدام نحو 116 مليون طن من البترول الخام تبلغ تكلفتها عشرات المليارات من الدولارات، وفى المقابل فان مصر يمكنها انتاج طاقة من الرياح بما يتراوح بين 50 و60 الف ميجاوات توفر نحو 45 مليون طن بترول خام.