على الرغم من أن المشكلات اليومية والموروثة من النظام السابق لا تزال تؤرق عقل وضمير السلطة، وهى تبحث لها عن حلول ناجعة، إلا أن التفكير خارج الصندوق اقتضى أن تفكر السلطة فى مشاريع إستراتيجية لبناء ونهضة مصر على مدار العشرين عاما المقبلة. يأتى مشروع تطوير وتنمية إقليم قناة السويس على رأس هذه المشاريع العملاقة، التى تبنته السلطة وقامت بعرض الأفكار الرئيسية للمشروع عبر وسائل الإعلام ومن خلال لقاءات مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى. وباختصار شديد غير مخل، فإن هذا المشروع الذى يقام على مساحة سبعة آلاف كيلو متر مربع، أى ضعف مساحة إمارة دبى تقريبا، سيجعل من منطقة قناة السويس بدءا من السويس وانتهاء ببورسعيد مرورا بالإسماعيلية، وشرقا نحو شمال وجنوب سيناء، التى عانت من الحرمان والتهميش لنصف قرن أو يزيد، سيجعل من هذه المنطقة إقليما سكانيا وعمرانيا وصناعيا وتجاريا متكاملا لأول مرة فى تاريخ مصر. تقوم رؤية المشروع على أن تتحول هذه المنطقة إلى أكبر منطقة نقل بحرى ولوجيستى، وأن تكون منطقة جذب تجارى وصناعى وسياحى عالمى، هذا يعنى أن تتحول المنطقة إلى ورشة عمل على مدار الساعة، وأن تصبح أكبر محطات الشحن والتفريغ فى العالم، وأن تكون مصر عبر هذه المنطقة بوابة التجارة فى العالم بأسره. ويقوم المشروع على أربعة مراحل؛ الأولى منها: هى إنشاء محطات ترانزيت لتفريغ الحاويات التى تنقل البضائع وتخزينها وإعادة تصديرها كما هى. والمرحلة الثانية: يتم فيها إنشاء وإعداد مراكز التوزيع، حيث يتم تفريغ الحاويات البترولية والسيارات وتخزينها وتوزيعها من جديد إلى مناطق مختلفة. وفى المرحلة الثالثة: تقام بعض الأنشطة اللوجيستية والخدمية. وفى المرحلة الرابعة: يتم إنشاء مناطق بأكملها للخدمات اللوجيستية والصناعية والتوزيع، وتستوعب الموانئ الموجودة على خط القناة كل أنواع البضائع، فتنتقل إلى المناطق اللوجيستية والصناعية لإعادة تصنيعها وتصديرها من جديد، ويصل عائد الحاوية الواحدة فى المرحلة الرابعة إلى 2000 دولار أمريكى، ويمكنك بحسبة بسيطة معرفة ما يمكن أن يدره المشروع فى العام الواحد، ويقدره الخبراء بمائة مليار دولار سنويا، أى عشرة أضعاف أو يزيد عائدات قناة السويس، وعشرة أضعاف تحويلات المصريين فى الخارج. خمس محافظات وشبكة واسعة من المواصلات والطرق والموانئ، وتسعة معابر تربط بين شبكة الطرق بين تلك المحافظات، وملايين من فرص العمل والفرص الاستثمارية فى التجارة والصناعة والسياحة والخدمات. هذا النوع من المشروعات هو ما كانت مصر تحتاج إليه، ولكن الإرادة السياسية لم تكن متوافرة، وهى اليوم موجودة وفاعلة.