2700 أتوبيس بالقاهرة الكبرى.. 600 منها تخطت عمرها الافتراضى بعد 20 سنة خدمة! نائب رئيس هيئة النقل: لدينا عجز كبير فى قطع الغيار رئيس ورش جسر السويس: 120 ألف جنيه تكلفة تجديد الأتوبيس الواحد تظل أتوبيسات النقل العام صداعا مستمرا فى رأس المسئولين قبل المواطنين، فتارة يشكو الأهالى من تعطل الأتوبيسات وتأخرها الدائم والمستمر، بينما يعانى المسئولون من كثرة الأعطال وعدم كفاءة الورش العامة وقدرتها على صيانة الأتوبيسات. تعطل الأتوبيسات باستمرار دعا جريدة " الحرية والعدالة " إلى الدخول فى تفاصيل عالم الصيانة والورش وكيف تعمل وما هى طبيعة "العمرات" التى تجرى للأتوبيسات ومتى تتم؟ وتكلفتها ومدى تواجد قطع الغيار؟ "الحرية والعدالة" قامت بجولة فى عدد من ورش الصيانة، وتعرفت عن قرب على طبيعة العمل بداخلها، وأبرز المشكلات التى تعوق عمليات صيانة أتوبيسات هيئة النقل العام. خارج الخدمة اللواء هشام عطية -نائب رئيس هيئة النقل العام- يؤكد أن أسطول الهيئة به 2700 أتوبيس يعمل منها بالفعل حوالى 1600 أتوبيس، والباقى متوقف أو يخضع لأعمال الصيانة ويوجد لدينا حوالى 600 أتوبيس تعدت العمر الافتراضى حيث تعمل منذ أكثر من 21 سنة. ويشير اللواء عطية إلى عدم وجود عمليات إحلال للأتوبيسات الحالية، كما أنه لا توجد أتوبيسات جديدة، وكنا نسعى لعمل مناقصة لتوفير 100 أتوبيس "مينى باص" بحجم متوسط وتأجلت لخلافات بين الشركات الموردة، وهناك 200 أتوبيس سوف تدخل الخدمة عن طريق قرض من البنك الدولى و600 أخرى من تركيا، ولكن لا يوجد حتى الآن أى إجراء للبدء فى تشغيلهم. وعن تدنى جودة الأتوبيسات برغم أعمال التجديد والصيانة يرجع نائب رئيس هيئة النقل العام السبب لعدم توافر قطع الغيار الأصلية لأن الأتوبيسات تعمل أكثر من العمر الافتراضى المقرر لها وهو 10 سنوات، وبالتالى بعد مرور تلك الفترة تصبح قطع الغيار الأصلية غير متوفرة، فتضطر الهيئة لشرائها من شركات أخرى، كما أنها لا تستطيع "تخريد" الأتوبيسات لعدم وجود أخرى بديلة. جسر السويس فى جولة داخل ورش جسر السويس، وهى تختص بأعمال تجديد الأتوبيسات، وتعد الورشة من أكبر ورش تجديد الأتوبيسات فى مصر وربما فى منطقة الشرق الأوسط حيث تقع على مساحة 69 ألف متر مربع وتم إنشاؤها على دورين، الأول مخصص للورش الخاصة بالصناعات التكميلية والتى تمد الأتوبيس بقطع الغيار اللازمة، أما الثانى ففيه الورش الخاصة بالمحركات وآلات الجر، وتتم به أعمال التجديد للأتوبيسات. ويقول حسن محمد حسين –مدير عام الشئون الفنية بورش جسر السويس–: إن الورشة يوجد بها 5 خطوط لتجديد السيارات حيث كان من المقرر أن يقوم كل خط بتجديد سيارة فى اليوم أى ما يعادل 150 سيارة فى الشهر ولكن لا يتم سوى تجديد 40 سيارة فى الشهر نظرًا لنقص قطع الغيار، كما يوجد بالورشة ورش لتصنيع قطع غيار لازمة للتشغيل وورش خراطة وفرايز ومكاشط، حيث يتم تصنيع الإكصدام والرفارف، كما توجد ورش فايبر، وأخرى نجارة لتصنيع كراسى العربيات، أما ما يتم استيراده فهى قطع الغيار الخاصة بالمحركات والفيتيس. وحول مراحل تجديد الأتوبيس يضيف: يظل داخل الورشة مدة 6 أشهر لتجديده، وقد تطول المدة؛ نظرًا لعدم توفر بعض قطع الغيار، وتبدأ مراحل التجديد بإجراء فحص مبدئى للأتوبيس للوقوف على حالته، ثم يمر بعدة مراحل تبدأ بالفك؛ حيث تنزع كل الأجزاء القابلة للإصلاح، ويتم تحويل باقى الأجزاء لقطع خردة إلى أن تصبح السيارة عبارة عن هيكل حديد، بعد ذلك تمر بمرحلة تنظيف القوائم وإزالة الصدأ عن طريق توجيه حبيبات صلب تحت تأثير ضغط هوائى عالى، ثم تنقل السيارة لمرحلة الحدادة لنزع القطع المتهالكة وتدعم بأخرى جديدة باستخدام قطع خاصة للاستعدالات سواء كان فى الشاسيه أو القوائم أو جسم السيارة نفسه، ثم تنتقل لقسم السمكرة حيث يأخذ الأتوبيس شكله الخارجى. ويستطرد قائلا: فى مراحل موازية يتم نقل المحركات وآلات الجر والفيتيس إلى ورش التجديد وتمر بعمليات الخراطة والتجليخ سواء للكرنكات أو السلندرات، وبعدها يتم دهان الأتوبيس ويدخل فى مرحلة التشطيب الميكانيكى وتركيب الكهرباء وتشميع الأرضيات والكراسى، وفى النهاية يوضع على أجهزة اختبار ويعرض على إدارة التفتيش ورقابة الجودة حتى يكون جاهزا للعمل. تكلفة التجديد لا تسمح قوانين هيئة النقل العام بتجديد الأتوبيس إذا ما زادت نسبة التجديد عن 35 % من قيمته الشرائية، هذا ما أكده أحمد البرعى -رئيس ورش جسر السويس- حيث أشار إلى أن متوسط قيمة تجديد الأتوبيس الواحد تبلغ 120 ألف جنيه، فى حين أن سعر الجديد منها تبلغ قيمته مليون جنيه. ويشير البرعى إلى أن الحمولة الزائدة والمطبات والطرق غير الممهدة أهم عوامل أهلاك الأتوبيسات، وأوضح أنهم يعانون من نقص التمويل فتكون المناقصات متاحة ولكن لا توجد سيولة؛ مما يضطر الهيئة لشراء قطع الغيار من الوكلاء المحليين بأسعار تفوق أسعارها الأصلية، كما أنه لا توجد عمليات إحلال للأتوبيسات المتهالكة، وتسبب ذلك فى أن هناك 300 أتوبيس من المقرر خروجها من الخدمة مطلع أغسطس المقبل ستتم المطالبة بمد خدمتها سنة كاملة لعدم وجود البديل. وعن كيفية شراء قطع الغيار يقول البرعى: إنه يتم الشراء طبقًا لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 98 بعدة طرق، إما بالأمر المباشر وتكون بتكلفة لا تزيد عن 5000 جنيه وذلك فى حالة الحاجة الماسة، أو بالممارسة المحدودة بحد أقصى 50 ألف جنيه للصنف الواحد أو بالمناقصات العامة عن طريق العقود والتى تتعدى تكلفتها الملايين وتختلف فيها الأصناف المطلوبة. أعمال الصيانة تختص أعمال الصيانة بإصلاح بعض الأعطال الموجودة بالأتوبيسات نتيجة الاستخدام اليومى وتختلف باختلاف الأعطال، كما تختلف المدة اللازمة للصيانة من أتوبيس لآخر باختلاف الموديل كما يقول صلاح محمد صلاح –مدير عام فرع تشغيل ورش (فتح). ويقع فرع التشغيل فتح والمختص بصيانة الأتوبيسات على مساحة 43 ألف فدان ويتسع لصيانة 200 أتوبيس، ويعمل به حوالى 1500 موظف ما بين مهندس وفنى وإدارى. ويوجد بالفرع "مجارى تموين" يتم فيها إمداد محركات الأتوبيسات بالزيوت اللازمة، ومجارى إصلاح حيث يتم التعامل مع الأعطال المختلفة، كما يوجد 2 غسالة تعمل بمغاسل إلكترونية وقرابة 10 ورش لأعمال الصيانة مثل ورش المحركات، ورش الفيتيس، ورش نجارة (خاصة بالشبابيك والأرضيات والزجاج)، ورشة برادة (خاصة بتركيب الفرامل)، ورشة خراطة (لخرط الطنابير وتصنيع أى مسامير أو أجزاء صغيرة)، ورشة سروجى (تجليد شلت الكراسى بالشمع)، ورشة حدادة (تغيير سوست للسيارة والقوائم)، ورشة سمكرة (غيار الصاج وإصلاح الحوادث)، كما يوجد بالفرع أمن صناعى مسئول عن طفايات الحريق وتأمين المواقع والأتوبيسات، فيوجد فى كل أتوبيس عدد 2 طفاية حريق. يقول صلاح محمد إن هناك العديد من موديلات السيارات بالورش المختلفة فهناك المرسيدس وسيارات نصر وسيارات تبريد هواء وسيارات تبريد ماء ولكن الموديلات المستخدمة بورشة التشغيل فتح هى المرسيدس. وأشار صلاح إلى أن الأتوبيسات تعمل على 3 ورديات، تبدأ الأولى من الخامسة وحتى السادسة صباحا تليها وردية من الثانية وحتى الثالثة ثم الوردية الثالثة والتى تبدأ فى الثانية عشرة وتنتهى فى الواحدة والنصف منتصف الليل، ويوضح أنه بمجرد دخول الأتوبيس فى الوردية الثالثة يتم الكشف عليه وإصلاح الأعطال البسيطة مثل إصلاح الباب أو تغيير سير أو المساحة ثم غسيل الأتوبيس. أما فى حالة الأعطال الجسيمة والتى لا يمكن للأتوبيس أن يعمل معها مثل أعطال المارش والبطاريات والكاوتش الأمامى فيتم حجز الأتوبيس للوردية الصباحية؛ حيث تقل عدد السيارات الموجودة بالورشة بعد خروجها للعمل، فيتم على سبيل المثال تغيير فتيس، غيار تيل الفرامل، غيار اللاسيه الأمامى وسيور المحور الخلفى أو سوست التعليق، وغيرها ويتم فك القطعة التى بها عطل وتركيب أخرى إما جديدة أو مستعملة. الصيانة الدورية وعن كيفية إتمام عمليات الصيانة للأعطال الجسيمة يقول صلاح: إن هناك طقم إصلاح يتم شراؤه، وهو خاص بالقطع سريعة التآكل داخل قطع الغيار فمثلًا المحرك كهيكل كامل بداخله قطع صغيرة سريعة التآكل؛ فإذا وجد عطل فى المحرك يتم فكه وتركيب تلك القطع للمحرك والمعروفة بطقم الإصلاح ويتم إعادة تركيب المحرك، وذلك يوفر مبالغ كبيرة؛ حيث لا يتعدى سعر طقم الإصلاح ربع ثمن القطعة بأكملها فمثلا طقم الإصلاح الخاص بالباب يتكلف 200 جنيه فى حين أن الباب كاملًا يتكلف 1200 جنيه وذلك فى سيارات النصر. ويوضح أن هناك صيانة دورية للأتوبيسات تتم كل 14 يوما حتى وإن كان الأتوبيس جديدا وذلك بحسب الكيلومترات التى قطعها حيث يلزم لتغيير زيت المحرك وزيت الفيتيس وكذلك الفلاتر أن تكون السيارة قطعت مسافة 6 آلاف كيلو متر. ويؤكد مدير فرع فتح أن العاملين بجميع ورش الهيئة على كفاءة عالية؛ حيث يوجد مركز للتدريب بالهيئة يتم فيه تدريب العمال فى جميع المجالات ومع شراء أى موديل سيارات جديد يتم عمل دورات فى كيفية التعامل معه، كما أن هناك دورات خارجية تعقدها الشركات الموردة للأتوبيسات والمحركات. ويتسع الفرع لصيانة حوالى 162 أتوبيسا ولأن هناك تعليمات بأنه إذا تجاوزت قيمة تجديد الأتوبيس 35% من قيمته الشرائية يمنع تجديده فقد ترتب على ذلك أن فقدت الهيئة 50% من أتوبيساتها، وهذا من أسباب تراجع عمليات تقاطر الأتوبيسات فى الشوارع. أهلاك الأتوبيس يحدد صلاح محمد أهم عوامل إهلاك الأتوبيس فى كونه تابع لقطاع الخدمات، فإنه مجبر على الوصول لجميع الأماكن لخدمة الركاب ويتعرض لشوارع غير ممهدة ومطبات، مما يؤثر على عمره الافتراضى، كما أن الحمولة الزائدة تسرع من إهلاك الأتوبيس حيث تكون سعة الأتوبيس 100 شخص، ولكن تزيد الأعداد فى وقت الذروة والتى تكون من 7 إلى 9 صباحًا ومن 2 إلى 5 مساءً ومن 9 إلى 11 مساءً. ويذكر أنهم حاولوا تطبيق الالتزام بعدد الركاب المقرر لكل أتوبيس ولكن لم يلتزم الركاب بذلك، وإن كان يتم الالتزام بالعدد المقرر فى الأتوبيسات المكيفة. تكلفة الصيانة وأشار صلاح إلى أنه يتم صيانة حوالى 162 أتوبيسا مرتين كل شهر، وتبلغ تكلفة أعمال الصيانة للأتوبيسات الجديدة قرابة ألف جنيه للأتوبيس الواحد، أما الأتوبيسات القديمة فتبلغ تكلفة صيانتها قرابة 10 آلاف جنيه كل شهر للأتوبيس الواحد. وعن قطع الغيار وتوافرها يقول إن الشركة الموردة للأتوبيس تكون ملزمة بتوفير قطع الغيار له لمدة سنتين وضمان تصنيعها وتوافرها بالسوق لمدة 10 سنوات وذلك طبقًا للعقود الموقعة، ولكن نظرًا لوجود أتوبيسات تعمل لأكثر من 20 سنة فتصبح قطع الغيار الأصلية غير موجودة فتضطر الهيئة لشرائها من الأسواق المختلفة ولا تكون بنفس جودة الأصلية مما يؤدى للأعطال المتكررة فى الأتوبيسات. وأضاف أن أكثر الأسواق التى تعتمد عليها الهيئة فى شراء قطع الغيار هى الألمانية واليابانية وبعض الأسواق الأوروبية. وأشار إلى أن حوافز العمال بالجراج تعتمد على الإيراد الشهرى للفرع من تشغيل الأتوبيسات، فكلما زاد عدد السيارات العاملة زاد الإيراد الشهرى ومن ثم زادت حوافز العاملين ولكن نظرًا لقلة الأتوبيسات تقل الحوافز وهذا ما يسبب المشاكل مع العمال، فلو كانت جميع سيارات الفرع تعمل لكان من المقرر أن يتعدى الإيراد الشهرى ال2.5 مليون جنيه، ولكن نظرًا لوجود أتوبيسات معطلة يكون الإيراد مليونا و800 ألف جنيه.