جاءت اتهامات حزب "الإصلاح اليمنى" لجماعة الحوثيين ب"الإرهاب" بعد الاعتداءات المتكررة على مقراته وأعضائه، ليزيد الشكوك حول مساعى الجماعة الشيعية لجر البلاد لمربع الاقتتال الطائفى لإحباط مشروع الثورة الشعبية السلمية، وإفشال مؤتمر الحوار الوطنى المنعقد حاليا لوضع البلاد على الطريق الصحيح على مسار الديمقراطية. واتهم "الإصلاح" مسلحى الحوثى بارتكاب "اعتداءات همجية" بصعدة، وقال: إن ما قامت به مؤخرا مجاميع حوثية مدججة بمختلف الأسلحة من اقتحام غادر وغير مبرر لدار القرآن الكريم ومسجد مصعب بمنطقة الطلح بصعدة، واعتقال خطيب المسجد والاعتداء عليه وعلى عدد من المصلين بأعقاب البنادق وأسلاك الكهرباء ونهب مقتنياتهم الشخصية، واصفا تلك الاعتداءات ب"الهمجية"، معتبرا ما يقوم به الحوثيون فى صعدة جزءا من مشروع الفوضى وجر البلاد للاقتال المذهبى؛ لقطع الطريق على الجهود التى يبذلها المتحاورون فى مؤتمر الحوار. وأضاف "فى الوقت الذى ينخرط فيه الحوثيون بمؤتمر الحوار الوطنى ويتشدقون بدعاوى السلام والتعايش، فإنهم يمارسون أعمالا تتنافى وأبسط قيم الحوار والقبول بالآخر، وهو ما يعكس بجلاء انسياقهم الأعمى وراء غرور القوة وعدم قابليتهم للاندماج فى النسيج المجتمعى اليمنى ورفضهم التعايش معه". انقلاب الحوار من جانبه، اعتبر محمد قحطان، عضو الهيئة العليا للتجمّع اليمنى للإصلاح، أن ما يجرى بصعدة من تشريد واعتقالات وقتل لمخالفى جماعة الحوثى يعد انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان، واضطهادا دينيا يخالف المواثيق والمعاهدات الدولية، منتقدا "تناقضات" الحوثيين، وقال: إن هذه الجماعة ما زالت غير مستعدة لتكون حزبا سياسيا، مثلها مثل بقية الحركات الدينية ك"السلفيين". وعبّر "قحطان" عن خشيته من انقلاب جماعة الحوثى على نتائج مؤتمر الحوار الوطنى بحال كانت نتائجه غير منسجمة مع مشروعهم، وقال: "إنهم يأملون من مؤتمر الحوار أن يفضى لتقاسم للسلطة وللجغرافيا، وإن تحقق ذلك فستكون الجماعة قد وفرت على نفسها تكاليف الدخول بحرب غير معلومة النتائج". ويرى مراقبون أن الحوثيين استغلوا مشاركتهم بمؤتمر الحوار الوطنى لتوسيع نفوذهم بالمناطق المجاورة لصعدة، ونشر خلاياهم المسلحة بالعاصمة صنعاء ومحافظتى ذمار وتعز، ومناطق بجنوب البلاد، كما عابوا على الإصلاح والقوى السياسية والحكومة القبول بدخول الحوثيين مؤتمر الحوار، قبل أن يفرض عليهم التخلى عن السلاح والعنف، وطالب باتخاذ موقف قيمى وقانونى من مليشيا الحوثى التى قال إنها تمارس العنف والاضطهاد والانتهاكات اليومية ضد سكان محافظة صعدة، وبغياب وجود الدولة وأجهزتها الأمنية والإدارية. وتبدو مشكلة صعدة الأكثر تعقيدا من بين القضايا التى يناقشها مؤتمر الحوار، ووجه سياسيون دعوات للحوثيين بالتخلى عن السلاح واستخدام القوة تجاه المخالفين لهم، ووقف الانتهاكات التى تستهدف المواطنين والنشطاء على خلفيات سياسية ومذهبية، واعتماد النهج السلمى والدخول فى العمل السياسى، والسماح للدولة ببسط نفوذها على كافة المناطق التى يسيطرون عليها، سواء فى صعدة، أو الجوف، أو عمران. ورغم إدانتها للتمرد الحوثى، فإن الأحزاب السياسية اعتبرت أن النظام السابق كان سببا أساسيا فى نشوب الصراع بمحافظة صعدة، الذى جاء فى سياق محاولة نظام صالح تصفية خصومه، فى إطار تهيئة الأجواء لمشروع توريث الحكم، الذى قضت عليه الثورة السلمية التى انطلقت شرارتها فبراير 2011.