مع إخفاق جميع القوى السياسية اللبنانية فى تقديم بدائل لقانون الستين بعد إخفاق قوى "8 آذار" فى تأمين الأغلبية لإقرار ما عرف ب"القانون الأرثوذكسى”، تبعه إخفاق قوى "14 آذار" فى تأمين الرضا والقبول لمشروع "القانون المختلط"، وإجماع اللبنانيين على رفض إجراء الانتخابات فى ظل القانون القديم الذى ستكون نتائج الانتخابات التى تجرى على أساسه محط تشكيك، لم يعد أمام اللبنانيين خيار إلا التمديد للبرلمان الحالى لحماية البلاد من الانزلاق للفوضى فى ظل الواقع السياسى الهش الذى تعيشه. وتتجه الأمور بعد موافقة تيار المستقبل على مبدأ التصويت بالتمديد للمجلس الحالى "تقنيا" بمعنى لثلاثة أو ستة أشهر كحد أعلى، لتبقى المعركة الحقيقية حسب المراقبين فى التوافق على هذه المدة التى يرفضها حزب الله وحركة أمل بصورة قطعية، ويطالبان بمدة عام ونصف إلى عامين حدا أدنى. وكان رئيس الجمهورية "ميشال سليمان" أكد أكثر من مرة أنه ضد التمديد لأكثر من ستة أشهر، مشيرا إلى أنه سيطعن دستوريا فى أى مدة تزيد على ذلك بموجب الصلاحيات التى منحها إياه الدستور والقانون، محتميا إلى جانب ذلك برفض مفتى الجمهورية محمد رشيد قبانى فكرة التمديد لمدة طويلة، ورفض البطريرك مار بشارة بطرس الراعى. ويبدو أن جميع الفرقاء فى لبنان أصبحوا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الرضوخ للأمر الواقع والسير قدما بانتخابات ستكون بنتائجها عرضة للطعن والإلغاء نظرا لقصر الفترة التحضيرية لها، أو البحث فى الآلية الدستورية والقانونية لتمديد تقنى لا يتجاوز أربعة أو ستة أشهر فى أحسن الأحوال. وعقد البرلمان –الجمعة- جلسة لإقرار التمديد للبرلمان الحالى لما يتراوح بين عام ونصف العام تقريبا بعد تعذر إجراء الانتخابات المقررة فى 16 يونيو الجارى، بسبب الأوضاع الأمنية الهشة وعدم اتفاق الأطراف السياسية المتصارعة على قانون انتخاب جديد، ووزعت دوائر مجلس النواب الأربعاء الماضى نص دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برى لعقد جلسة عامة الجمعة المقبل لمناقشة اقتراح قانون التمديد. الوضع الاستثنائى وقال نبيه برى: "إن الوضع الأمنى الاستثنائى السبب الأساسى للتمديد للمجلس؛ خصوصا أن ما نشهده على هذا الصعيد لا يتيح الحرية لا للمرشح ولا للناخب ومن ثم لا يسمح بإجراء انتخابات نيابية سليمة فى البلاد." وأوضح النائب ميشال موسى -عضو كتلة التنمية والتحرير برئاسة برى-: "الجلسة الجمعة.. هناك بند وحيد وهو التمديد لمجلس النواب.. طبعا سيكون هناك نقاش وسيكون هناك تركيز على الأسباب الموجبة لطرح التمديد.. هناك حديث كثير من التواريخ من سنتين إلى سنة إلى ثلاثة أشهر وأربعة أشهر وكان هناك توجه إلى سنة وخمسة أشهر.. وذلك لحماية البلاد من مخاطر الطعن فى شرعية الانتخابات". وكانت الحكومة اللبنانية المستقيلة قد حددت السادس عشر من يونيو الجارى موعدا للانتخابات النيابية وسط شكوك فى إجرائها بسبب معارضة غالبية القوى السياسية وانعكاسات النزاع السورى على البلاد، وشهد لبنان سلسلة من أعمال العنف بسبب الحرب الدائرة فى سوريا وخصوصا بمدينة طرابلس الشمالية التى سقط فيها 29 قتيلا وعشرات الجرحى. يذكر أن الحرب التى يشنها النظام السورى برئاسة بشار الأسد ضد الشعب السورى قد قسمت لبنان؛ حيث يؤيد الشيعة بشار، بينما يؤيد السنة المعارضة والجيش السورى الحر، وهو ما يزيد الضغوط على الجيش اللبنانى لاحتواء التوتر الطائفى فى البلاد.