تحت دعوات "التمرد" أو سحب الثقة أو غيرها من المصطلحات، يحاول البعض النكوص عن الديمقراطية ورفضها، والحيلولة دون نجاحها بأى صورة وبكل الوسائل. والحقيقة التى لا يعلمها أصحاب هذه المحاولات اليائسة أن كل هذه الجهود ستذهب سدى، وستضيع هباء، وسيكون مصيرها الفشل الذريع والانزواء بعيدا عن دائرة الضوء.. وأسباب هذا الفشل وذلك الانزواء أننا نتكلم عن دعوات خرجت من أصحابها بعد أن استنفدوا الأساليب كافة وجميع الوسائل لمواجهة النظام ومكافحة التحول الديمقراطى. إلا أن هذه المحاولات جميعا ذهبت أدراج الرياح ولم يلتفت لها الشعب الذى قبل دون رجعة فكرة التحول الديمقراطى من دولة الاستبداد والفوضى إلى دولة المؤسسات وتداول السلطة من خلال صناديق الانتخاب. هذه هى الحقيقة التى ما زال البعض يجادل فيها، ويسعى مع مطلع كل يوم وبكل وسيلة جديدة إلى طمسها والانقلاب عليها، والانحراف بها وإخراجها وزحزحتها عن مسارها. وتأتى هذه التقليعة الجديدة كمحاولة تضاف إلى سابقاتها بهدف تفجير المشهد السياسى، ومنع عمليات مكافحة ومواجهة الفساد من الانطلاق، والتحرك فى الاتجاه الصحيح. وكما ذهبت المحاولات السابقة إلى زوال واندثار فما هو آت لن يكون أكثر جدوى، ولا أشد أثرا مما سبق؛ لأن جميع تلك المحاولات جاءت من مصدر واحد وأهداف لا تختلف عما خرجت به سابقاتها. فالمراهنة كانت فى البداية على التظاهرات الصاخبة التى لم تحظ بتأييد جماهيرى أو توافق وطنى، ثم جاءت محاولات العنف التى تصدرت المشهد، وحاول أصحابها أن تكون أدوات العنف والإرهاب وسيلة بديلة عن مواجهة الجماهير واكتساب تأييدهم. وكانت المراهنة بعد ذلك على تفتيت القوى الوطنية والثورية والسعى للوقيعة بين مؤسسات الدولة، ومحاولة تشتيت جهود تلك المؤسسات، بعيدا عن دائرة العمل فى اتجاه البناء. ثم كانت بعدها النداءات الصريحة للقوات المسلحة بالتدخل مرة أخرى فى الشأن السياسى ومواجهة الشعب، وهو ما تأباه تلك المؤسسة العريقة التى آلت على نفسها الانشغال فى مهمتها الرئيسة وأعبائها الثقيلة للدفاع عن أمن مصر وكرامتها، ومواجهة التحديات المتزايدة على حدود مصر. ومع فشل هذه المحاولة جاءت هذه المحاولات الأخيرة التى تستهدف نشر الفوضى والانقلاب على الشرعية والسطو على إرادة الجماهير وخياراتهم التى أودعوها صندوق الانتخابات. وهذه المحاولة لن تنطلى أيضا على الشعب، ولن يقبلها الناس، ولن يكون مصيرها إلا كما كانت سابقاتها، ففى النهاية لن يصح إلا الصحيح.