فشلت القوى الست الكبرى فى إقناع إيران بالتخلى عن تخصيب اليورانيوم بوصفها خطوة أولى نحو التوصل إلى اتفاق أوسع على طريق حل أزمة البرنامج النووى الإيرانى، حيث انتهت الجولة التفاوضية التى عقدت فى كازاخستان يومى الجمعة والسبت الماضيين دون التوصل إلى حلول ملموسة أو اتفاقيات جديدة. وفشلت هذه الجولة بسبب تشدد موقف الطرفين (إيران من ناحية، والولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا من ناحية أخرى)؛ فإيران -التى تنفى سعيها للحصول على أسلحة نووية- اشترطت رفع العقوبات الاقتصادية بما فى ذلك العقوبات التى تستهدف قطاعى النفط والبنوك والاعتراف علنا بحقها فى تخصيب اليورانيوم. فى الوقت الذى عرضت فيه مجموعة "5+1" على طهران تعليق تخصيب اليورانيوم وليس وقفه تماما، فى مقابل رفع جزء من العقوبات الاقتصادية المنفردة المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة، مع وعد بعدم فرض المزيد منها، وهو ما لم تقبل به إيران حتى الآن، بالإضافة إلى عدم تقديم أى طرف تنازلات حقيقية كان يمكنها تحريك العملية التفاوضية. مقترحات جديدة وفى ختام جولة التفاوض الجديدة، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى -سعيد جليلى-: "إن إيران قدمت مقترحات إيجابية، لكن الطرف الآخر لم يكن مستعدا"، داعيا المجموعة السداسية إلى تعزيز مصداقيتها وثقة الإيرانيين بها. وأضاف جليلى خلال مؤتمر صحفى أن الهوة ما زالت قائمة، مؤكدا أن إيران تقدمت باقتراحات جديدة فى إطار حقها فى تخصيب اليورانيوم وامتلاك التكنولوجيا النووية، وأن ممثلى القوى الكبرى طلبوا مهلة من الوقت للرجوع إلى عواصمهم للرد على المقترحات الإيرانية. فى حين قالت منسقة العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون -التى تمثل الدول الكبرى فى المفاوضات-: إن مواقف الطرفين لا تزال متباعدة، مشيرة إلى أن الطرفين لم يتفقا كذلك على موعد الجولة القادمة من المفاوضات ومكانها، وأن الجميع سيعودون إلى عواصمهم لتقييم المسار التفاوضى، مؤكدة أنها ستظل على اتصال مع المفاوض الإيرانى للاتفاق على كيفية الاستمرار فى هذا المسار. أما نائب وزير الخارجية الروسى سيرجى ريابكوف، فقال: إن هناك صعوبة فى التقدم فى المفاوضات، وإن الجانبين أخفقا فى التوصل لحل وسط، لكنه وصف المفاوضات ب"الإيجابية". لم يحدث انهيار فى الإطار ذاته، أكد مسئول أمريكى رفيع أنه لم يحدث "انهيار" فى المفاوضات النووية مع إيران وأن القوى الكبرى التى تضغط على إيران لكبح برنامجها النووى تنوى مواصلة العمل عبر القنوات الدبلوماسية، على الرغم من أن القوى العالمية وإيران أخفقت فى إنهاء الأزمة النووية خلال المحادثات. ورجح المسئول الأمريكى ألا تغير الدول الست -الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا- من موقفها فى المفاوضات فى الوقت الحالى، والذى تعتبره "عادلا ومتوازنا"- حسب وصفه. ولم يستبعد المسئول الأمريكى إجراء محادثات جديدة قبل الانتخابات الرئاسية فى إيران -والمزمع إجراؤها فى يونيو المقبل- لكن يتعين أولا على القوى الكبرى أن تحدد الخطوات التى تتخذ لتنشيط الجهود الدبلوماسية، فى حين يقول بعض الدبلوماسيين والخبراء: إن الانتخابات الرئاسية فى إيران تزيد من حالة عدم وضوح الرؤية لدى الغرب فيما يتعلق بإستراتيجية طهران بخصوص الدبلوماسية النووية. تهديد عسكرى من جهته، دعا وزير الشئون الإستراتيجية الإسرائيلى يوفال شتاينتز، إلى تحديد مهلة لإيران تقدر بالأسابيع يتم بعدها اتخاذ إجراء عسكرى ضدها، مشيرا إلى أن العقوبات ليست كافية وكذلك المحادثات، مضيفا: حان الوقت لوضع تهديد عسكرى أمام الإيرانيين أو وضع خط أحمر من نوع ما يضعه العالم كله وتضعه الولاياتالمتحدة والغرب للحصول على نتائج. وذكر شتاينتز المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لراديو الجيش الإسرائيلى أنه يجب اتخاذ إجراء فى غضون "أسابيع قليلة أو شهر" إذا لم تتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم رغم أنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل. وبانتهاء هذه الجولة دون التوصل إلى حلول ملموسة يبقى الملف النووى الإيرانى مثار جدل شائك أمام الأجندة الغربية التى تكيل بمكيالين فى هذا الأمر؛ كونها تتغاضى عن البرنامج النووى الإسرائيلى وتلتفت فقط لبرنامج إيران النووى وهو ما ترفضه طهران وكوريا الشمالية، مطالبتين واشنطن وحلفاءها بالشفافية والمصداقية فى التعامل مع هذه الملفات وعدم تسييسها أو الالتفاف عليها من أجل عيون إسرائيل.